Site icon هاشتاغ

القانون (3).. استغلالاً للفرصة أو تضييعاً لها

رأي – أيهم أسد

يعد القانون رقم 3 لعام 2024 الخاص بإمكانية إحداث شركات مساهمة عمومية عادية وقابضة تملكها الدولة أو تشارك في مليكتها مع القطاع الخاص شكلاً تطورياً لعلاقة الدولة بالاقتصاد من خلال الإبقاء على ملكية الدولة مع تغيير طريقة الإدارة بشكل جذري، وهو ما كان الكثير من الاقتصاديين والإداري يطالبون به منذ زمن طويل، أي ضرورة تحرير القطاع العام الاقتصادي من روتين وتعقيدات القوانين الناظمة لعمله وبالتالي تحقيق إدارة اقتصادية حقيقية للقطاع العام الاقتصادي تعمل وفق شروط الاقتصاد الخاص.

ويحرر هذا القانون الشركات العامة المساهمة من قوانين الإدارة العامة التقليدية التي أثرت على عمل القطاع العام تاريخياً وهي القانون المالي الأساسي للدولة وقانون العاملين الأساسي وقانون العقود، وبالتالي فإن القانون الجديد سيوفر للقطاع الاقتصادية حرية العمل بعقلية القطاع الخاص بنسبة كبيرة جداً وذلك من خلال قدرة الشركات الجديدة في حال إحداثها على العمل وفق قانون العمل في القطاع الخاص والتعاوني والمشترك وقانون الشركات والقانون التجاري والقانون المدني وقانون ضريبة الدخل.

لكن الأكثر أهمية من ذلك هو طرح مجموعة من التساؤلات حول مستقبل ذلك القانون وإمكانية تطبيقه الفعلي على أرض الواقع ومن تلك الأسئلة المطروحة:

أولاً: هل سيكون لدى الحكومة السورية رؤية استراتيجية واضحة حول كيفية تطبيق القانون، وأي القطاعات الاقتصادية هو الاكثر أهمية للبدء به؟ أي هل سيكون لدى الحكومة أولويات وطنية واضحة للاستفادة من هذا القانون؟ وهل ستستثمر الحكومة هذا القانون في قطاعات ربحية فقط أم ستتوجه لقطاعات تنموية وعصرية؟

ثانياً: هل تتوفر لدى الخزينة العامة للدولة الأموال الكافية لإقامة مثل هذا النوع من الشركات وهي التي تعلن منذ سنوات كثيرة عن وجود عجز مالي في موازنتها وتقوم برفع الدعم وتحرير أسعار حوامل الطاقة بشكل يومي تحت ذريعة تقليل العجز؟ وبالتالي ما هي مصادر التمويل المحتملة التي يمكن أن تلجأ الحكومة إليها لإقامة تلك الشركات؟

ثالثاً: هل ستكون الحكومة قادرة فعلياً على تطبيق نظام حوكمة فعال في تلك الشركات يستند إلى المساءلة والشفافية وسيادة القانون والنزاهة والكفاءة والفعالية وغيرها من مبادئ الحوكمة المتعارف عليها وخاصة أن الجمعية العامة ومجلس الإدارة والمدير التنفيذي ينتمون إلى القطاع العام الاقتصادي وأنه لا وجود لحملة أسهم خارجيين في تلك الشركات؟

رابعاً: هل ستقوم الحكومة بالإبقاء على الشركات الاقتصادية العامة الحالية على وضعها الراهن بعد صدور هذا القانون أم أنها ستقوم بتحويلها إلى شركات مساهمة أيضاً وخاصة أنه قبل صدور هذا القانون كان هناك بعض الطروحات الحكومية لتحويل بعض شركات القطاع العام الاقتصادي إلى شركات مساهمة، وبشكل آخر، هل سيلحظ اقتصاد القطاع العام نموذجين متوازيين من الشركات العامة، أحدهما تقليدي والآخر بشكله الجديد؟

يبقى التطبيق هو الحكم الفعلي على كيفية تعامل الحكومة السورية مع هذا القانون، وعندها سنعرف إن حولت الحكومة هذا القانون إلى فرصة حقيقية أم أنها أضاعت فرصة حقيقية.

Exit mobile version