Site icon هاشتاغ

سوريا.. البحث في الكارثة

الكارثة

سوريا.. البحث في الكارثة

هاشتاغ _مازن بلال

كرس الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا التركيز الدولي في حصر الأزمة السورية ضمن “الجانب الإنساني”، فالاحتياجات الملحة دفعت إلى رفع العقوبات الجزئي الذي لا يشكل عمليا خروجا عن قاعدة الحصار، فالمسألة الإنسانية متاحة نظريا لكنها منغلقة واقعيا بحكم ما يُطلق عليه “فرط الامتثال”، وهو أمر ليس بجديد لأن أي جهة غير رسمية يمكنها التعامل مع الجانب الإنساني دون أن تطالها العقوبات، إلى أن هذا الأمر بقي دون وجود آلية حقيقية بفعل الخوف من “الانتقام الأمريكي” إن صح التعبير.

كسر حاجز العقوبات الأساسي كان عبر استخدام مطار دمشق الدولي، أما الباقي فهي تفاصيل متاحة حتى ولو لم تصدر وزارة الخزانة رفعها المحدود للعقوبات، ولمدة زمنية غير كافية لتجاوز ما حدث على الأرض، ورغم ذلك فإن الاستجابة الدولية ماتزال محكومة بخوف مزدوج: الأول من احتمال مواجهة التعامل المباشر مع الحكومة السورية سواء في تنسيق الإغاثة، أو في استيعاب ما خلفه الزلزال من دمار وتشريد للمواطنين.

الأمر الثاني هو مفهوم التعامل المباشر على الأرض السورية بكل ما يحمله من تغير في الآليات السياسية، وهو أمر حدث سابقا مع العراق عبر آليات تمويل المساعدات الإنسانية التي انتهت إلى تجاوز مسائل العقوبات، وخلق آليات مختلفة لتنشيط حركة التجارة قبل الاحتلال الأمريكي مباشرة، فهناك وفق الاعتقاد الأمريكي والأوروبي “أمر واقع” سيحدث على الأرض، ويتجاوز عمليا الإطار الإنساني الذي أوجب فتح هامش ضيق للتعامل مع سوريا.

عمليا فإن الحالة الوحيدة التي شكلت مفارقة كانت عبر إيطاليا التي أرسلت فريقا للتعامل مع كارثة الزلزال، ورغم ذلك فهي حطت في مطار بيروت بينما أتى “مدير منظمة الصحة العالمية” إلى مطار حلب، ورغم أن هذا التحرك يوحي بأنه توجه مباشرة إلى منطقة الكارثة، لكنه يحمل مؤشرا أن مطار دمشق الدولي، كرمز سيادي، مازال بعيدا عن مسار الحركة الدولية، وأن بيروت ستبقى المعبر الأساسي لكل الوفود الرسمية كدلالة على أنها تعبر نحو الأزمة وليس باتجاه الرمز السيادي للدولة السورية.

بالتأكيد ليس علينا انتظار الكوارث لخلق تحول على مستوى الأزمة السورية، إلا الاستجابة الدولية مهما كان نوعها تحتاج لقراءة ولشكل من الاهتمام الخاص لمعرفة المسارات القادمة، فالعقوبات الأمريكية وفق التوصيف العام “إحادية الجانب”، لكن التعامل معها يصل حد الذعر من أي تفسير لوزارة الخزانة، أو حتى من التعامل مع “العلاقة الإنسانية” كورقة يمكن إشهارها ضمن حركة الشركات الدولية، وحتى تحميل الحكومات تبعات من أي بوادر لعلاقات ولو بالحد الأدنى مع دمشق.

نحن أمام حالة معقدة ضمن الوضع السوري، فهناك اضطراب دولي نتيجة الكارثة، وشعور سوري بأن المحنة ربما خلقت عصبية ما بين كافة المناطق السورية، وهذا الأمر طالما بقي ضمن الإطار الإنساني فهو لم يغير من الواقع، فـ”العصبية” في النهاية هي تصور لانتماء عام ينتهي إذا لم تصاحبه إرادة سياسية، ويتشتت في حال عدم وعيه لشكل السيادة ورموزها، فكارثة الزلزال لم تفتح في الحقيقة سوى حالة كشف للخطر الذي يحيط بنا كمجتمع يريد الجميع تغييب سيادته.

http://لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

Exit mobile version