Site icon هاشتاغ

المؤسسات العامة السورية و”فقدان الذاكرة”

هاشتاغ – أيهم أسد

يعتمد الفكر المؤسسي في الإدارة والاقتصاد على وجود أنظمة مؤسسية راسخة وتقاليد عمل متينة وأخلاقيات مهنية ثابتة لا تتغير كلها بتغير الأشخاص القائمين على إدارة تلك المؤسسات أو بتغير الموظفين في تلك المؤسسات أياً كانت درجاتهم الوظيفية.

كما تتسم المؤسسات بوجود ذاكرة لها، وهو ما يسمى بـ”ذاكرة المؤسسة” حيث تحتفظ تلك المؤسسات بوثائق عملها وخططها وبياناتها وكل ما يتعلق بها من سجلات توثق تاريخ تلك المؤسسة.

وبالتالي فإن ذاكرة المؤسسة تعطي في لحظة من اللحظات إجابة عن سؤال مؤسسي غاية في الأهمية هو “كيف فكرت المؤسسة ذات يوم” أو “كيف تصرفت المؤسسة إزاء متغيرات ما ذات يوم”.

ومن خلال ذاكرة المؤسسة يمكن استرجاع سلوكها في الماضي واستخدامه لتطوير سلوكها في المستقبل.

تعاني أغلب مؤسسات القطاع العام في سورية من حالة “فقدان الذاكرة المؤسسية”، وهو بالضبط ما معناه أن تلك المؤسسات تنسى أو تتناسى أنها ذات يوم قد راكمت خبرات معينة في قضية إدارية أو اقتصادية أو تقنية معينة، وغالباً ما تنسى أنها راكمت حلولاً لها.

وبالتالي فهي تعيد إنتاج ما توصلت إليه سابقاً دون أن تبني عليه أو تعترف به، والنتيجة هي هدر الوقت وضياع الفرص وتأخر الإنجاز وتراكم الفشل.

لماذا تفقد بعض المؤسسات العامة السورية ذاكرتها؟

ترتبط الإجابة على هذا السؤال بعدة نقاط أعتقد أن من أهمها:
أولاً: سيطرة ثقافة الشخصنة لا المأسسة، فالمسؤول عن إدارة المؤسسة يعتقد بأن العمل والإنجاز والنتيجة ترتبط به شخصياً ولا ترتبط بكيان المؤسسة كله، لذلك فإن ذهابه من مركز مسؤوليته يعني ذهاب كل ما ارتبط به من عمل.

ثانياً: سيطرة ثقافة الاحتكار المعرفي، فالعديد من الموظفين أو المدراء أو حتى كبار المسؤولين يعتقدون بأن ما أنتجوه من عمل هو حكراً لهم ولا ينظرون إليه كإرث مؤسسي، وبالتالي فإنهم لا يروجونه داخل المؤسسة ولا يشاركونه مع أحد وربما يخفونه أو يتلفونه أيضاً.

ثالثاً: اختلال ثقة الإنجاز، فكل من يتولى إدارة مؤسسة لا يثق بما قام به الذين سبقوه ولا يثق بنتائج ما توصلوا إليه، وبالتالي فهو يريد بناء حالة جديدة يثق بها هو كونها تنتمي إليه فقط حسب اعتقاده.

في المحصلة؛ كم من المشاريع والوثائق والخطط والبيانات فقدت من ذاكرة المؤسسات العامة، وكم من الوقت والجهد والمال أعيد تدويره نتيجة لفقدان تلك الذاكرة، وكم من الفشل الإداري والاقتصادي أصابنا نتيجة ضياع تلك الذاكرة؟

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام
Exit mobile version