Site icon هاشتاغ

المدن الصناعية تحت وطأة تقنين جديد: العجز الحكومي موزع بالعدل على الجميع !

هاشتاغ سورية_ إيفين دوبا

برنامج تقنين جديد في المدن الصناعية، عبر زيادة ساعات قطع الكهرباء، يوم إضافي من السادسة مساء الخميس، حتى السادسة صباح الأحد.

هو قرار، بررته وزارة الكهرباء على أنه “صادر عن لجنة اقتصادية، وتطبيقه مؤقت ومحدود حتى نهاية شهر شباط/ فبراير المقبل”، أما عن سببه فهو “توزيع أعباء التقنين الحالية في الكهرباء بين مختلف القطاعات الصناعية والاستخدامات المنزلية وغيرها خلال الظروف الحالية، والحفاظ على ساعات تقنين منزلية مقبولة تسمح للمواطنين بتأمين احتياجاتهم الأساسية من الطاقة الكهربائية”.. كما قال معاون وزير الكهرباء، نضال قرموشة.

رفاهية كهربائية!
وعن أثر القرار “الذي لم يكن من باب الرفاهية، وإنما عملية إدارة الطاقة الكهربائية المتاحة بين مختلف الأغراض”، ودوروه في رفع تكاليف الإنتاج ورفع أسعار السلع والمنتجات الصناعية في السوق، بين قرموشة ” أن ذلك غير وارد لأن التقنين المستجد في المدن الصناعية محدود وعمره الزمني لا يتجاوز 40 يوماً، في حين تشير العديد من التقديرات إلى أن نسبة كلف حوامل الطاقــة في إجمالي كلف الإنتاج الصناعي بين 3 إلى 5 في المئة في معظم الصناعات المحلية، وأن وزارة الكهرباء داعمة للنشاط الصناعي، وتحاول تأمين الطاقة الكهربائية للمنشآت الصناعية وفق المتاح وضمـن تعرفات مدعومة؛ حيث تصل كلفة إنتاج الكيلو الواط الواحد من الكهرباء لأكثر من 108 ليرات، في حين تبلغ معظم فواتير كهرباء الصناعيين ما بين 30 إلى40 في المئة للكيلو الواط حسب الشريحة والاستهلاك”.

لا إنتاج دون كهرباء!
زيادة ساعات التقنين، حسب رأي صناعيين، سيكون لها أثر سلبي مباشر على العمل في المدن الصناعية، فالمشكلة “أنّا نعيش وضع كهربائي سيء جداً”، كما يقول عضو مجلس إدارة المدينة الصناعية في الشيخ نجار، مجد ششمان، وهذا القرار لا ينعكس فقط على المدن الصناعية في سورية، بل يتعدى الأمر إلى التجمعات الصناعية الصغيرة، خارج المدن، التي لن تعمل سوى 40ساعة في الأسبوع، كما حددتها وزارة الكهرباء بتقنينها الجديد، في حين تقول الحقيقة إن الكهرباء لا تصل إليها في اليوم الواحد أكثر من ساعتين إلى ثلاثة.

وفي تصريح خاص لـ”هاشتاغ سورية”، أكد ششمان، أنه في هذا الحال فإن “الصناعة لن تنتج ولن تثمر إلا إذا كان لديها أسبوع كامل من الكهرباء”، فلماذا “يتم إطلاق التصريحات الحكومية التي تشجع على العودة إلى العمل، وفي الوقت نفسه يتم العمل على كل ما شأنه أن يعرقل هذا العمل؟!”.

هذه المعادلة، التي لم يفهمها حتى الآن العديد من الصناعيين، كما يقول ششمان، تشعر بعضهم “بالحسرة” عند مشاهدة الصناعيين الذين غادروا البلاد خلال الأزمة، وافتتحوا معاملهم، وازدهرت صناعاتهم هناك، في حين من بقي فيها، لا يزال يمتص القرارات الخاطئة، ويعاني من أجل دفع رواتب عماله الذين لا يعملون في اليوم الواحد أكثر من ساعتين تقريباً.

ويكمل ششمان:” لسنا ضد زيادة ساعات الكهرباء للمواطن، لكن هذا المواطن نفسه، لم يشعر بفارق الزيادة التي تحججت بها الوزارة، ولو كان هذا الكلام صحيحاً، لكنّا قبلنا بالتضحية!”.

إذاً، هي مجموعة من العراقيل تقف في وجه عودة الصناعة والاستثمار إلى المدن الصناعية، وعلى وجه الخصوص، في حلب، وما تحصل عليه هذه “العاصمة الاقتصادية” من مجمل الكهرباء الوارد إلى المحافظة والبالغ 200 ميغا في أحسن الأحوال يعد “ظلماً”؛ حيث “فقدنا كل مواردنا من قمح وقطن وبترول، ولم يبق لنا سوى معاملنا التي تضيع منا دون كهرباء”، يختم ششمان.

قرار مخالف للاتفاقيات!
وكان هذا القرار حسب ما قال مصدر في غرفة صناعة دمشق وريفها قد تم دون تنسيق مسبق مع وزارة الكهرباء، وهو يخالف اتفاقات سابقة بين الصناعيين والجهات الحكومية، والتي كانت تنص على برنامج تقنين خاص في المدن الصناعية، يبدأ من ظهر يوم الخميس حتى صباح السبت، واعتبر المصدر كما جاء في جريدة “الوطن” السورية، “أنه مع غياب البدائل وحوامل الطاقة سيتجه الصناعي إما إلى السوق السوداء وشراء حوامل الطاقة، بأسعار مرتفعة وبالتالي ارتفاع كلف الإنتاج، وإما إلى خيار التوقف الجزئي عن الإنتاج وهما خياران يضران في الإنتاج”.

ومع الضجة الكبيرة التي أثارها طرح العملة النقدية الجديدة من فئة ال5000 ليرة، كبرت المخاوف على الصناعة والإنتاج، كما يقول ششمان، وربما “كان الوضع المتردي للصناعة السورية، هو أحد أسباب التضخم الذي أدى إلى طرح هذه العملة الجديدة”، وإن كان قرار مصرف سورية المركزي يركز على أنه “استبدال لا ضخ”، فقد كان الأولى، “أن يرافق هذه العملية تركيز على إعادة الصناعة لدورتها الصحية السابقة، في فترة ما قبل الأزمة، مع إعادة هيكلة البيئة الصناعية، كونها مفتاح تصحيح الاقتصاد برمته”.

الحل في إطار العجز!
إذاً، هو الإنتاج الذي ما انفكت الحكومة الحديث عن “دعمه وعودته” إلى البلاد، لكن، ماذا عن وضع الكهرباء، فالمسألة ليست في جعل الوضع الكهربائي مريحاً للمواطن فقط، وهو ما لم يحصل، حتى الآن، والأهم أن يكون مريحاً أيضاً للاقتصاد.

وكانت الحكومات السابقة أكدت مراراً على أهمية العملية الإنتاجية في تعزيز اقتصاد البلاد، ولكنها لم تفعل الكثير لتأمين الكهرباء للمدن والمناطق الصناعية التي يجب أن لا ينقطع عنها التيار دقيقة واحدة، إذ “لا إنتاج مستمر ومستقر دون تيار مستمر ومستقر”، وهذه القاعدة ربما لم تمر عليها قرارات وزارة الكهرباء.

الوزارة التي تقول إن التوليد حالياً بحدود 3 آلاف ميغا، في حين أن حاجة البلاد نحو 8 آلاف ميغا، والسؤال الذي يطرح نفسه، ماذا فعلت الوزارة منذ سنوات لتأمين حاجتنا من “الميغا”؟.

الجواب “الشفاف” جاء على لسان وزير الكهرباء “حاجتنا في ظل هذا الجو لا تقل عن 6 آلاف ميغا، وما يتم توليده لا يتجاوز 2500 ميغا، ويمكن أن يصل التوليد إلى 3200 ميغا بعد إدخال مجموعات التوليد التي يتم إجراء الصيانة عليها”، أي أن التوليد المثالي دون إشكالات وأعطال ونقص في إمدادات الغاز لا يغطي 50في المئة من الحاجة الفعلية للإنارة والصناعة والخدمات الأخرى، وبدا اليوم، مع القرار الخاص بالمدن الصناعية “العجز” واضحاً حتى عن التفكير في آلية ما للخروج من الأزمة!.

Exit mobile version