Site icon هاشتاغ

المسيحية.. الديانة التي يعتنقها ثلث سكان الأرض.. ماذا تعرف عنها؟

المسيحية هي الديانة التي يمارسها المسيحيون، تعتبر إحدى الديانات الإبراهيمية والتي يُعتبر يسوع المسيح الشخصية الأسَاسية فيها، والمؤسس لها.
تعتبر المسيحية أكثر الديانات اتباعَا في العالم يليها في ذلك الإسلام، فعدد أتباع الديانة المسيحية يبلغ حوالي 2.5 مليار مسيحي أي حوالي ثلث سكان الأرض.
جذور المسيحية تأتي من اليهودية، التي تتشارك معها في الإيمان بكتاب اليهودية المقدس (التوراة، الذي يدعى في المسيحية العهد القديم). يشكل العهد القديم القسم الأول من الكتاب المقدس لدى المسيحيين في حين يعتبر العهد الجديد القسم الثاني، والعهد الجديد هو مجموعة التعاليم التي أتى بها يسوع المسيح ونشرها بين أتباعه ثم قام (رسل المسيح الإثنا عشر) وتلاميذ المسيح بكتابة هذه التعاليم ونشرها في الأصقاع.
يتنوع المسيحيون لاهوتيًا وجغرافيًا. وفقًا لدراسة أعدها مركز بيو للدراسات لعام 2012 وجدت أنّ نصف المسيحيين هم من الكاثوليك، في حين يشكل البروتستانت نسبة 37%، أما أتباع الكنائس الأرثوذكسية فنسبتهم 12%.
ويمثّل “المسيحيون الآخرون”، مثل “المورمون” و”شهود يهوه” ما نسبته 1% من مجمل المسيحيين.
جغرافيًا يتوزع المسيحيين بالتساوي في أنحاء العالم، يتواجدون في كل مناطق العالم، حوالي 25.7% من مسيحيي العالم يقطنون في القارة الأوروبية والتي تحوى على أكبر تجمع مسيحي على مستوى العالم، في حين أن 24.4% من مسيحيي العالم يقطنون في أمريكا اللاتينية، و23.3% يتواجدون في القارة الأفريقية، و13.2% يقطنون في آسيا، ويتمركز في أمريكا الشمالية 12.3% من مسيحيي العالم، أمّا في أوقيانوسيا فتمركز فيها 1.19% من مسيحيي العالم.
يشكل المسيحيون الغالبية السكانيّة في كل من الأمريكتين وأوروبا والتي هي عمليًا جزءًا من العالم المسيحي، فضلًا عن أوقيانوسيا وأفريقيا جنوب الصحراء.
نشأت المسيحية حوالي العام 27 من جذور مشتركة مع الديانة اليهودية ولا تزال آثار هذه الأصول المشتركة بادية إلى اليوم من خلال تقديس المسيحيين للتوارة، والتي يطلقون عليها إلى جانب عدد من الأسفار الأخرى اسم العهد القديم الذي يشكل القسم الأول من الكتاب المقدس لدى المسيحيين، في حين يعتبر العهد الجديد القسم الثاني منه.
ويعتقد المسيحيون أن النبؤات التي دونها أنبياء العهد القديم قد تحققت في شخص المسيح، وهذا السبب الرئيس لتبجيل التوراة، أما العهد الجديد فهو بشكل عام قصة حياة المسيح وتعاليمه، التي تشكل أساس العقائد المسيحية.
تؤمن أغلب الطوائف المسيحية أن يسوع هو المسيح والابن أي الأقنوم الثاني في الثالوث الأقدس، وبالتالي فهو إله كامل. وقد ولد من عذراء بطريقة إعجازية. وخلال حياته الأرضية اجترح العجائب والمعجزات، ثم صلب ومات تكفيرًا عن خطايا البشرية، وقام من الموت في اليوم الثالث وصعد إلى السماء متحدًا مع الله الآب، بيد أنه أرسل الروح القدس ثالث الأقانيم الإلهية، وسيعود في اليوم الأخير لإدانة البشرية ومنح الحياة الأبدية في ملكوت السموات للصالحين والمؤمنين.
تتألف المسيحية من ستة طوائف أو ستة عائلات كبيرة، وتتفرع عن كل طائفة منها مجموعة من الكنائس أو البطريركيات التي هي ذات نظام إداري مستقل أو شبه مستقل عن سائر الكنائس أو البطريركيات؛ إنما في أمور الإيمان فهي تتبع العائلة الكبرى التي تنتمي إليها؛ وغالبًا ما يكون الاختلاف بين الكنائس المنتمية لطائفة واحدة هو في ظاهر الطقوس، لكون الطقوس ترتبط بشكل أساسي بثقافات الشعوب وحضارتها، أكثر من كونها ترتبط بالعقائد.
من خلال نظرة تاريخية للانتشار الديموغرافي للمسيحية، فمن المعروف أن المسيحية قد انطلقت من القدس وتمركزت في المدن الكبرى على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط كأنطاكية وجبيل وقبرص ومن ثم انتشرت في اليونان وتركيا وروما، وكانت النقطة الفاصلة في تاريخها صدور مرسوم ميلانو عام 313، فنتيجة تكاثر عدد المسيحيين المطّرد اضطرت الإمبراطورية الرومانية للاعتراف بالمسيحية كدين من أديان الدولة، منهية بذلك حقبة طويلة من الاضطهادات، وأخذت المسيحية تتسارع إبانها بالنمو؛ ومن ثم أعلنت المسيحية دين الإمبراطورية الرومانية الوحيد خلال عهد الإمبراطور قسطنطين، ما أدى إلى تحولها من موقع الدفاع إلى موقع الهجوم، وأخذت المناطق التي ظلّت عصيّة على حركة التبشير المسيحية خصوصًا في القرى والأرياف التحول من الأديان الوثنية السائدة نحو المسيحية.
أما في أوروبا فإن المسيحية لم تدخل إلى شمال القارة قبل القرنين السابع والثامن وذلك بنتيجة عاملين أولهما حركة التبشير النشطة ويمكن أخذ تجربة القديس باتريك في بريطانيا وإيرلندا كمثال على ذلك، والحروب التي شنها القوط الشرقيون وغيرهم من الأقوام المسيحية، تجاه الأقوام الوثنية في الشمال؛ وكان لاعتناق روسيا المسيحية أواخر القرن التاسع دور بارز في انتشار المسيحية في الشمال الأوروبي. ويعود إلى تنصير الشعوب السلافية مثل البلغار والصرب وباقي شعوب أوروبا الشرقية إلى كيرلس وميثوديوس.
أما في آسيا، فمع استثناء الشرق الأوسط حيث كانت القاعدة الأساسية للمسيحية، فإن حركات التبشير استطاعت اجتذاب عدد من سكان الصين والهند وأفغانستان نحو المسيحية، وقد تأسست أبرشيات ناشطة في تلك الأصقاع، لكنها اندثرت بشكل تدريجي بعيد القرن السابع بنتيجة التحولات الهامة في الشرق الأوسط ممثلة ببروز الإسلام؛ غير أن الحال في أفريقيا كان مواتيًا بشكل أكبر للمسيحيين، إذ حافظت عدد من الدول على ذاتها المسيحية ومنها أثيوبيا وأرتيريا.
حركات التبشير والاستيطان النشطة إبان عصر النهضة والاكتشافات في أوروبا ساهمت في نقل المسيحية نحو أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية والتي تحولت إلى قارات مسيحية وذلك بفضل الإرساليّات التبشيرية خاصًة من اليسوعيين، كذلك بنشر المسيحية من جديد في آسيا والمناطق المكتشفة حديثًا في أفريقيا، وقد اصطدمت في بعض الأحيان بالظروف السياسية كمنع الصين للمسيحية في القرن الخامس عشر إثر توتر العلاقات بين الإمبراطور والرهبنة اليسوعية التي رفضت إدخال بعض الطقوس القادمة من الديانات الصينية التقليدية، ومنها إكرام الإمبراطور، ضمن الطقوس المسيحية الرسمية.
وقد حققت الإرساليات البروتستانتية انتشارًا واسعًا في أفريقيا وأوقيانوسيا وآسيا خاصًة الكنيسة المشيخية والأبرشانيون توّج ذلك في بتأسيس جمعية لندن التبشيرية التي كان لها أثر هام في وصول البروتستانية إلى الشرق الاقصى وأوقيانوسيا، وكان للإرساليات البروتستانتية الأثر الأكبر في إدخال الطب الحديث للصين خاصًة من خلال المبشرين أمثال الجراح روبرت موريسون والقس جون ليفينغستون.
ظل للمسيحيين في الشرق الأوسط حضور فاعل طوال العصر الأموي والعباسي، لكنه أخذ بالتقهقر بنتيجة الاضطهادات الدينية التي تزامنت مع انهيار الدولة العباسية وأدت إلى حصر المسيحيين في بعض المناطق النائية كطور عابدين أو سهل نينوى أو معلولا أو جبل لبنان، على أن الوجود المسيحي لم يندثر يومًا من المدن الكبرى كحلب أو دمشق أو بيروت.
وفي العصر الحالي، فإن المشرق يعاني من نسب هجرة مرتفعة بين مواطنيه المسيحيين وهي ظاهرة أخذت بالانتشار منذ نهاية القرن التاسع عشر؛ يقابلها هجرة من مختلف دول العالم بما فيها المسيحية نحو الدول النفطية الغنية في الخليج العربي.
تشهد المسيحية في الآونة الأخيرة في كل من أفريقيا وآسيا خاصًة في الصين، الهند، كوريا الجنوبية، اليابان وسنغافورة نموا، فالحركات التبشيرية تكتسب مزيدًا من المتحولين إلى المسيحية سنويًا.
في العالم الغربي هناك بعض التراجع في عدد المنخرطين في سلك الكهنوت ونسبة المداومين على حضور الطقوس يعتبران من أكبر المشاكل؛ رغم ذلك فإن هذه المشاكل تنحصر في مناطق معينة، كفرنسا، ألمانيا وأستونيا أما في مناطق أخرى كإيرلندا، إسبانيا، إيطاليا، اليونان والبرتغال فضلاً عن أمريكا اللاتينية والولايات المتحدة الإمريكية لا تزال هذه النسب مرتفعة.
يذكر أّن عدد من دول أوروبا الشرقية شهدت مع سقوط الإتحاد السوفياتي والأنظمة الشيوعية صحوة دينية كبرى منها روسيا ممثلة بالعلاقة الوثيقة بين الكنيسة الروسية الأرثوذكسية والنظام الحاكم، وكذلك بولندا، صربيا، رومانيا وبلغاريا.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

Exit mobile version