Site icon هاشتاغ

المشتقات النفطية والصور الباهتة

هاشتاغ-نضال الخضري

هناك حديث يصعب الهروب منه لأنه صفعة نحاول تحاشيها دون جدوى، فعند البحث في شوارع دمشق عن “ملاذ آمن” من الثرثرة اليومية، أو تتبع ساعات النهار المثقلة بألوان من العبث؛ يتلاشى الضوء والرغبة في الانفراد، فكل المسافات مكسرة أمام عدم القدرة على فهم ما يحدث في مسألة “الطاقة”، وفي بيع المشتقات النفطية بشكل غير مألوف مع ظهور حالة جديدة في إزاحة هذا الهم عن “الكاهل الحكومي”، فنحن والطاقة منذ بداية الحرب صراع وربما هروب من البحث عن تصور يلبي على الأقل قدرتنا على تحمل “الظلام الإلزامي”.

رائحة المشتقات النفطية أصبحت جزءا من الخبر اليومي الذي يظهر في وسائل التواصل الاجتماعي، فننساه لأننا عاجزون عن خلق مساحة معرفة لأزمة بقدر ما هي حقيقية، إلا أنها في نفس الوقت تدفعنا لقراءة أزمتنا بشكل مختلف، حيث تبدو الطاقة هامشا عريضا نهرب إليه ونلتصق على حوافه بصورة غريبة، ويلفنا الوجوم لعدم القدرة على تمييز الوجوه التي ترافقنا في تلك الأزمة، فـ”العتمة” في النهاية تفرض عدم التمييز، وتجعل كل وسائلنا في المعرفة تعتمد على تلمس ما يحيط بنا، فحتى الخبر لا نستطيع قراءته الا بتلاصق الحروف وابتعاد الكلمات، وربما نعبث في صياغة الجمل ونحن نتلمسها، فللعتمة قوانينها التي تجعل المجتمع يلتف في دائرة واحدة وهي يتلمس ما حوله.

مشكلتنا أن المشتقات النفطية تنتظرنا في كل زاوية نلوذ إليها، ونحن نحاول تجنب التعثر نتيجة “طيش” حواسنا التي أصبحت مفككة من الصقيع أو من “العتمة” التي تلفنا، وعندها تسقط كل مفردات الأزمة التي اعتدنا عليها لأننا ننسى البدايات وجغرافية النفط في الشمال الشرقي لسورية، والعقوبات التي أصبحت سندا لكل أشكال التقشف التي نعيشها، وحتى زيارة المبعوث الدولي لسورية (غير بيدرسون) تصبح صورة باهتة، فالهم الدولي يقف عند احتياجاتنا وكأنها “مانشيت” يجب استخدامه في التحركات الدبلوماسية.

تتلاشى اليوم عند السوريين أي رغبة في الرؤية، فهم مرهقون من جهود التمييز لما يصلهم من أخبار عن المشتقات النفطية، ويدركون أن ما تبقى في جيوبهم لن يستطيعوا الوصول إليها، وهذه الصورة النمطية التي ملت مسائل التواصل من تناقلها تملك عبثا آخر في “الحلول” التي تبدو وكأنها رقصة فوق آلام ممتدة على كامل أرضنا، وفي لحظة وجدٍ مفاجئة تتيح دقائق الكهرباء مسحا سريعا على “اليوتوب”، ربما لا يتجاوز الدقائق لنكتشف أن الطاقة عندما تصبح هما تدفع “الهنود” على سبيل المثال لكسر حاجز الخوف من المشتقات النفطية، فيضعون حلولا فردية بدلا من تلمس الأزمة وسط عتمة قاتلة، وتصبح مسألة الطاقة مساحة بحث بدل الثرثرة، ورغم أن كل التصورات التي يقدمونها لا تشكل الحل النهائي لكنها توقف حالة العبث اليومي في تركيب الأخبار والجمل الطويلة.

مشكلة المشتقات النفطية منذ أكثر من عقد كشفت أزمة “طاقتنا الداخلية”، فنحن عاجزون أمام ذواتنا قبل أن تصبح الجهات الرسمية عاجزة عن تلبية احتياجاتنا، ونحن مغرمون بتلمس المساحة الفارغة التي خلفتها الحرب، وفي نفس الوقت عاجزون عن إنتاج تصورات ذاتية يمكن أن تخفف العبث من “عتمة” افتقادنا للمشتقات النفطية.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام
Exit mobile version