Site icon هاشتاغ

قطاع الصحة السوري “المنكوب” يدفع الموت عن مئات المنكوبين: جمعيات إنسانية تتكفل بعلاج المصابين في المستشفيات الخاصة

هاشتاغ_ ايفين دوبا

يقول الدكتور أحمد اليوسفي: “نظرة عيني تلك الأم أثّرت فيّ حقاً. لا أعرف لماذا ولكن بمجرد أن نظرت إلي، أجشهت بالبكاء”.

يتحدّث الطبيب السوري من حلب بعد ستة أيام على الزلزال المدمّر، الذي وقع يوم الاثنين الماضي، وكان منهكاً. إذ لم تصل عدد ساعات نومه إلى العشرة حتى الآن. كان هو وطبيب آخر متدرّب يساعدان منذ وقوع الزلزال عشرات الجرحى الذين تم نقلهم إلى المستشفيات الحكومية، ثم وصلت الأم التي لم يعرف الطبيب اسمها وقالت:” لو أسعفنا محمد لمستشفى خاص لما مات”.

لم يستطع الطبيب المتدرّب أن يتوقف عن البكاء إلى جانب الأم. وفي الوقت نفسه لم يكن بمقدوره القول لها أن “الأعمار بيد الله”.

انقضت ساعات البكاء وعند تسليم جثمان محمد ابن السبع سنوات أصر الطبيب أحمد أن يقول رسالته للأم:” لم يقصر أحد في إسعاف ابنك. لكن عمره انتهى”. ليتفاجأ من ردة فعلها حين أجابته:” كنت أواسي نفسي وألوم ظروفي الصعبة”.

يضيف الطبيب: “لم أتخيل أن الزلزال يمكن أن يسبّب هذا الضرر الكبير، ويمكن أن يؤدي إلى هذا العدد من الضحايا. لكن للأسف، اعتدنا على التعامل مع الحوادث الكبرى”.

ويقول رئيس الطبابة الشرعية في حلب الدكتور هاشم شلاش لهاشتاغ، إن إجمالي عدد الضحايا في المحافظة وصل إلى 443 وفاة. في حين بلغ عدد الإصابات حتى اللحظة 700 إصابة.

الطبيب المتدرب تطوّع وعدد من زملائه بالعمل الإغاثي ويقول إنّ المستشفيات الحكومية في المحافظة المنكوبة استنفرت لاستقبال مئات الإصابات في أعقاب الكارثة مباشرة “حتى المستشفيات الخاصة لم تغلق أبوابها. لكن الضغط كان أكبر على المستشفيات الحكومية”.

هذا الضغط، ليس مرده ثقة بالعمل الحكومي فيما يتعلق بالإسعاف والمعالجة. لكنه ربما خوف من أجور العلاج في المستشفيات الخاصة لا قدرة للمنكوبين على دفعها فوق مصابهم.

تعميم الصحة.. الساري

في حالات الكوارث والأزمات، يلزم مرسوم قديم القطاع الطبي الخاص استقبال الحالات الطارئة وإسعافها بما ينقذ الحياة.
وتكون من بعدها مستشفيات القطاع الحكومي ملزمة بإكمال علاج تلك الحالات بالمجان.

مصادر خاصة من وزارة الصحة قالت ل”هاشتاغ” إنه لا يوجد قرار جديد يلزم مستشفيات القطاع الخاص باستقبال إصابات الزلزال. لكن قراراً سابق ملزم لا يزال ساري المفعول حتى الآن بما ينطبق على المتضررين من الزلزال الأخير الذي ضرب سوريا.

ويعاني القطاع الطبي في سوريا من نقص في المعدات الطبية والأدوية دفعت رئيس منظمة الهلال الأحمر العربي السوري خالد حبوباتي لمطالبة المجتمع الدولي وخاصة الأوروبي برفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا: “يكفي مذلة.. آن الآوان لرفعها بعد هذه الكارثة.. نريد معدات وسيارات إطفاء ومستلزمات وآليات ثقيلة”.

ولم يتردد بالقول إن “عدد الوفيات سيكون بارتفاع والنتائج ستكون كارثية” بسبب نقص المعدات اللازمة الإنقاذ والإسعاف وهو ما حصل. وارتفع عدد ضحايا الزلزال إلى 1387 وفاة و 2326 إصابة حسب آخر بيانات وزارة الصحة السورية.

غير عادي.. واستثنائي

من بين أصوات مئات الجرحى، أعلن مدير الصحة في محافظة حلب الدكتور زياد الحاج طه استمرار استقبال المصابين في المستشفيات الحكومية والخاصة في المحافظة المنكوبة.

يقول الحاج طه لهاشتاغ: “لم تتوانى مستشفيات المحافظة الخاصة والحكومية على استقبال المصابين من الكارثة التي حلّت. رغم الضغط الكبير إلا أنّا قدمنا كل الخدمات المتاحة”.

مدير صحة المحافظة المنكوبة قال:” ما حصل غير عادي واستثنائي. استقبلنا خلال سنوات الأزمة آلاف الحالات ورغم كل ما يعانيه القطاع الصحي إلا أن العمل لم يتوقف لإنقاذ ما يمكن إنقاذه”.

سباق إلى الحياة

يقول مدير مستشفى الطب العربي في حلب، الدكتور جواد تركي، إن المستشفيات الخاصة القريبة من أماكن حصول الزلزال استقبلت عدداً كبيراً من المصابين.

ويؤكد لهاشتاغ، إنه في مثل الكارثة التي حصلت بحلب يكون من الصعب على المستشفيات الخاصة التفكير بالأجور المترتبة على مرحلة مابعد الإسعاف الملزمة لإنقاذ الحياة. لكن ما حصل خلال عمليات الإنقاذ من الزلزال أن أغلب المصابين من الطبقة الفقيرة ويخافون الدخول إلى المستشفيات الخاصة حتى لو كان الأمر مرتبط بمصير حياتهم.

ومع ذلك، أكد تركي وجود حالات عدة وصلت إلى المستشفيات الخاصة. مشيراً إلى العمل الاستثنائي الذي قامت به المستشفيات الحكومية وفرق الإغاثة.

ويقول معاون وزير الصحة الدكتور أحمد ضميرية، إن وتيرة العمل لا تتوقف لإنقاذ المصابين. ويضيف:”نسابق الزمن للوصول إلى العالقين، ونرسل المساعدات ترسل مباشرة إلى مكان العمل من أجل استخدامها وإنقاذ أكبر عدد من المصابين وسط نقص المعدات”.

هذا النقص يتم تعويضه حسب قول وزير الصحة السوري الدكتور حسن الغباش من خلال تضافر جميع المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص والأهلي والمنظمات غير الحكومية. ويضيف:” وصلتنا اتصالات من أطباء اختصاصيين داخل سوريا وخارجها للمشاركة والمساهمة في هذه الكارثة”.

تعميم و”العرين”

جهود المجتمع المحلي والأهلي في مساعدة المنكوبين من الزلزال لم تتوقف عند حد.

وأظهرت تلك الجهود بعد حرب استمرت 12عاماً استنفذت فيها طلبات رفع العقوبات الغربية. لكنها أغدقت في ضرورة وقوف السوري مع السوري ودون طلب.

مؤسسة العرين الإنسانية في حلب، عممت على مستشفيات القطاع الخاص استقبال كل الحالات المتضررة من الزلزال. وتكفّلت بالعلاج مجاناً.

وتقول مصادر من المؤسسة لهاشتاغ، إنها استطاعت توفير عشرات العلاجات الإسعافية والاستشفائية. مؤكدة على استمرار تغطيتها النفقات في المستشفيات الخاصة.

مؤسسة العرين الإنسانية في سوريا مرخصة من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ويشمل نشاطها كافة الأراضي السورية.

وتصنف حسب مجال العمل ضمن إطار الأعمال الخيرية والتنمية والإسكان، وتشمل أهدافها العمل الإنساني والاجتماعي لمساعدة المستفيدين من ذوي الشهداء والمفقودين والجرحى والأسر الفقيرة والمتضررة.

“العرين” التي ترعى آلاف الحالات الطبية سنوياً وتحظى برعاية وإشراف من الرئاسة السورية أبلغت مستشفيات المحافظة بقرارها لكنه لم يصل إلى “أم محمد” حسب قول الطبيب أحمد “ربما لو علمت لكانت توقفت عن لوم ظروفها”.

 

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

Exit mobile version