Site icon هاشتاغ

بريد الشام// إلى عبد الهادي الصباغ بمناسبة وبدونها!

هاشتاغ سوريا-وسام كنعان

لم نعد قادرين على الحزن أكثر مما حزنا! كلّ شيئ كان مناما. مرّ العمر كعمّي الذي ضحك أكثر من تسعين عاماً، وذوى بأسبوع ليسحله الكبر! الكبر عبر! كبرنا معاً يا عبودة. من قال أننا لم نُترك لنتعلّم اللطم أكثر. فتحوا جراحنا وتركونا للكلاب المنهكة جوعاً. صار ولّي نعمتنا تاجر حرب خضّب يده بدماء أهلنا، وتركوه يحاصر لقمتنا، ويمثل ببقايا جثثنا؟!
لم أعرف الثلاثين يا عبودة. ولم يتح لي متعة العشرين. أنا السوري المكلوم من أربعين اتجاه، وخمسين مليون خاصرة مطعونة، وستين مليار ابن عاهرة!
أي أحمق ذاك الذي يمهّد لمعايدتك على هذا النحو المتوّج، بطاقة معدّة للموت اختناقا بالقهر.
اسمح لي، قررت معايدتك على طريقة هذا الموت المرير الذي نعيشه!
هل تسمعني؟ أخاطبك الآن وكأنك الله. هل أحتاج تبريراً أمام الإسلاميين؟! حسناً يكفي أن أبرر لمن يخبر أمي. نحن نرى في الرفقة عيون الخالق يترصّد سبيلنا، ويلاحق خطواتنا عندما نكبو. يأخذ بيدنا عندما نهوي وقد سيجّت يومياتنا السقطات المريعة!
الآن بين طفل السادسة، وطفل ناهز الأربعين. بعيون مجلّوة. أقف أمام جدار بيتي، المطلّي بلون لا أفهم منه سوى العتم. والأفق المسدود. لا أنسى ولا أتذكر. أنسى غالباً أكثر. أنسى أن أهاتف أمي. أنسى أن أعانق ابنتي. أنسى أن لي عائلة. يوم أمس نسيت اسم صديقة كنت أريد أن أبوح لها بوجع مترف بالتفاصيل. أنسى أسماء رفاقي القدامى في الجريدة. هذا ما تقول عنه أنت «زهايمر» مبكّر ثم، تصمت لخفقة. وتصوغ النكتة التي تبرع في إضحاكنا كل ّ مرة «لا والله بوقته حقيقة»
أريد أن أناشدك. لا تكثّف حضورك وأنت ملك الاستطراد. وأريد ان أسألك ماهي السعادة؟! لكن دعني أمضي قبل أن أستلم الجواب!
كان علي أن أعايدك كما لا يفعل الآخرون. ربما يكفي أن أقول لك أن أبي علّمني كيف أكون رفيقه وفق مزاجه. أمزح عندما يكون مرتاح البال. وأصير ابنه الأصغر عندما ينقلب الحال! وانت علّمتني أن أبدد المسافات مع من يصنعون المزاج. لم اتجرأ مخاطبة أحد باسمه من أبناء جيلك من نجوم سوريا، إلا أنت. لأنك البارع في صوغ الصداقات، وتراكم الحنين، وتبديد الألقاب والرسميّات.
أبو طارق: كلّ شيئ يضيق وأنت قلب عامر بالصدق، مطرحه توسيع الحكايا، وسبك الأمل ولو من كبد اليأس.
عيدك من وجودك منسوج على سنارة الضحك حتى تبتل المقل!

Exit mobile version