Site icon هاشتاغ

بعد اعتمادها على كتلتها السكانية في تحولها الاقتصادي .. ما تأثير تراجع عدد سكان الصين على الاقتصاد؟

الاقتصاد الصيني

ما تأثير تراجع عدد سكان الصين على الاقتصاد؟

أعلنت الصين التعداد الرسمي للسكان للعام الماضي 2022، وشهد انكماشا للعام السابع على التوالي.

وأفاد المكتب الوطني الصيني للإحصاء بأنه “بحلول نهاية عام 2022 بلغ عدد السكان 1.41175 مليار نسمة مقارنة مع 1.41260 مليار قبل عام”.

وأضاف أنه سجل “انخفاضا بلغ 0.85 مليون مقارنة بنهاية عام 2021”.

كما يرجح أن تكون الصين قد سجلت وفيات أكثر العام الماضي من الوفيات التي سجلت عام 2021، والتي بلغت 10.1 مليون شخص، بسبب انتشار فيروس كورونا“.

 

ويأتي التراجع المستمر في نمو السكان في الصين على رغم تخلي الحكومة الصينية منذ عام 2015 عن سياسة تقييد المواليد للأسر الصينية بطفل واحد، بل إن بعض المناطق بدأت في تشجيع السكان على زيادة المواليد، وتقدم السلطات منحا مالية للأسر التي تنجب أكثر.

ونقلت وكالة “رويترز” عن أستاذ علم الاجتماع في جامعة “كاليفورنيا” وانغ فنغ قوله، “مع هذا التحول التاريخي تدخل الصين في طريق طويل من انخفاض عدد السكان، وذلك للمرة الأولى في تاريخها بهذا الشكل.

وفي أقل من 80 عاما يمكن أن ينكمش عدد السكان في الصين بنسبة 45 بالمائة”.

تحول ديموغرافي

ويقدر خبراء الأمم المتحدة تقلص عدد سكان الصين بنحو 109 ملايين نسمة بحلول منتصف القرن الحالي، عام 2050. وتزيد تلك التوقعات بنحو ثلاثة أضعاف عن توقعات الأمم المتحدة السابقة في عام 2019

وفي ذلك التقدير السابق للأمم المتحدة، كانت التوقعات أن تصل الصين إلى “نقطة التحول”، أي بلوغ النمو السكاني ذروته، في عام 2031، لكن في ضوء استمرار الانكماش في الزيادة السكانية، يمكن أن تكون تلك النقطة أقرب من ذلك بكثير إذا لم يكن حجم السكان وصل إلى ذروته بالفعل وبدأ في الانخفاض من هذا العام

هذا التحول الديموغرافي يهدد برأي المحللين فرص الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، في النمو الاقتصادي ليتجاوز حجم اقتصادها الاقتصاد الأميركي، أكبر اقتصاد في العالم في غضون سنوات كما هو متوقع.

واعتمدت الصين في تحولها الاقتصادي الهائل في ثمانينيات القرن الماضي على كتلتها السكانية التي وفرت حجم عمالة يستوعب نقل الشركات والمصانع الكبرى أعمالها إلى الصين.

وبدأت بعض القطاعات تشهد في الآونة الأخيرة تراجعا في نمو القوة العاملة مع تشبع الهجرة الداخلية من المناطق الريفية إلى المدن الصناعية في الصين.

كما أن تلك التغييرات الديموغرافية أدت إلى تحولات اجتماعية واضحة في المجتمع الصين لها تبعات اقتصادية أيضا.

تغييرات اقتصادية

ويشير تقرير “بلومبيرغ” إلى أن القوة العاملة تتقلص بالفعل، وأن الطلب طويل الأجل على المنازل سيزداد انخفاضا، وأن الحكومة قد تواجه صعوبات في تغطية كلفة النظام الوطني لمعاشات التقاعد الذي يعاني نقص التمويل بالفعل.

ويرى ليو لويس في مقاله أن الصين توشك أن تصبح مثل اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان التي شهدت في السنوات الماضية تغيرات ديموغرافية كانت لها تبعات اقتصادية مهمة.

ويضيف أنه بدأ المستثمرون والصناديق الكبرى حول العالم التخطيط لاحتمالات التعامل مع اقتصادات آسيوية “عجوزة” في المستقبل.

وسيكون على الحكومات والشركات تعديل استراتيجياتها الاقتصادية للتكيّف مع هذه المتغيرات الديموغرافية والاجتماعية.

ولا يقتصر التغيير هنا على زيادة أعداد المسنين بين السكان، مما يعني خروج نسبة أكبر من قوة العمل، وما يتبع ذلك من زيادة في كلفة الرعاية الصحية والإنفاق على معاشات التقاعد في ظل تراجع إنتاجية القوة العاملة ككل في الاقتصاد، بل إن تلك التغييرات، بخاصة في الصين، تقود إلى صعود ما يسمى “اقتصاد الوحدة”، كما يشير لويس

 “اقتصاد الوحدة”

والمقصود بذلك زيادة عدد السكان الذين يعيشون وحدهم، وليس في أسرة.

ويعني ذلك تعديل كل نماذج وسيناريوهات التخطيط لدى المستثمرين والشركات التي تعتمد في تقدير الإنفاق الاستهلاكي على الأسر وليس الشخص الوحيد.

وهناك مثال واضح من اليابان التي فشلت منذ انفجار فقاعة الأسهم والعقار قبل 30 عاما في استعادة تلك الشريحة السكانية “الوحيدة” إلى النشاط.

واضطرت اليابان إلى استحداث منصب “وزير دولة للوحدة” عام 2021 للتعامل مع مشكلة الشريحة السكانية التي تمثل نسبة الثلث ممن هم فوق سن الـ60.

وتقدر الإحصاءات الرسمية الصينية أن عدد الأشخاص الذين يعيشون بمفردهم وصل إلى 92 مليون نسمة، العام الماضي 2022

وما يهم الشركات والأعمال والمستثمرين الآن هو نمط الاستهلاك لتلك الشريحة السكانية المتصاعدة مع “شيخوخة” المجتمع.

على سبيل المثال، تركز بعض الصناديق الآن على أن أسهم منتجات مثل ألعاب الفيديو وخدمات البث التدفقي ومنتجات الواقعية المتخيلة ستكون أكثر رواجا نتيجة نمط الاستهلاك في اقتصاد الوحدة.

ثم هناك أيضا قطاع الحيوانات الأليفة والروبوتات وغيرها. وبحسب “فايننشيال تايمز”، فإن قطاعات مثل أغذية الحيوانات الأليفة وأدويتها ومتطلباتها الأخرى مرشحة للنمو، بخاصة أن معظم السكان الذين يعيشون في وحدة يميلون إلى اقتناء حيوانات أليفة.

وفي مذكرة للمستثمرين في عام 2021، قدّر بنك “غولدمان ساكس” الاستثماري نمواً في سوق الحيوانات الأليفة ومستلزماتها في الصين، البالغ حجمه 30 مليار دولار، بنسبة 19 بالمائة، بينما قدّر بنك “سيتي غروب” نموا كبيرا في سوق الروبوتات.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام
Exit mobile version