Site icon هاشتاغ

بعد جريمة حماة.. و”الكثير من الإهانات”.. معلمون سوريون يطالبون بالحصانة.. ووزارة التربية تكتفي بالصمت

معلمون سوريون

معلمون سوريون يطالبون بالحصانة.. ووزارة التربية تكتفي بالصمت

هاشتاغ – نور قاسم

أثارت الجريمة المروعة التي تعرض لها مدير مدرسة “عبد المعين قطرميز”، الأستاذ عبد العزيز القاسم من قِبَل شاب قاصر في محافظة حماة، غضب الشارع السوري.

وأعلنت وزارة الداخلية عبر صفحتها الرسمية، الأحد، عن تمكن دوريات فرع الأمن الجنائي بحماة من إلقاء القبض على القاتل، وتبين أنه يدعى(غازي.م) تولد٢٠٠٧م ، وبالتحقيق المبدئي معه اعترف بإقدامه على دخول المدرسة بقصد قـ.تل المغدور وطعنه عدة طعنات ما أدى لوفاته.

تفاصيل الجريمة

وتقول الرواية التي ذكرها ناشطون وصحفيون من حماة، حول تفاصيل الجريمة إن القاتل يعمل قصّابا و ليس طالباً، وإن أخوه طالب في هذه المدرسة، ولم يلتزم بالقوانين الامتحانية، حيث جاء إلى المدرسة مرتدياً “البيجاما”، رغم تنبيهات المدير والسماح له بالدخول لتقديم الامتحان في المرة الأولى، ولكنه في الامتحان الثاني لم يستجيب لمطالب مدير المدرسة وعاوَد ارتداء “البجامة” ليعاود المدير تنبيهه وتأكيده له بعدم السماح بالدخول إلى الامتحان في حال جاء إلى المدرسة “بالبيجامة” للمرة الثالثة.

إلا أن الطالب لم يأبه بكلام مدير المدرسة وعاود الكرة في المرة الأخيرة مسيئاً الأدب مع أستاذه ليمنعه من الدخول إلى قاعة الامتحان، الأمر الذي أثار غضب شقيقه البالغ من العمر خمسة عشر عاماً ، ليتوجه إلى المدرسة بسيخ القصابة ويقتل مدير المدرسة في الإدارة أمام أعين الجميع ولم يسمح لأحد بإسعافه.

غضب بين المدرسين

رصد “هاشتاغ” عبر مواقع التواصل الاجتماعي مطالبات عديدة من قِبل المدرسين بفرض الحصانة عليهم وحمايتهم من قِبل وزارتهم، متهمين وزارة التربية بمحاباة الطلاب وذويهم على حساب المعلم الذي يتعب، وفوق ذلك تهان كرامته دون وجه حق.

عدد من المدرسين تحدث إليهم “هاشتاغ” عبّروا عن غضبهم مما آلت إليه أوضاعهم، قائلين إنهم يتعرضون يومياً للإهانة لأتفه الأسباب، سواء من الطلاب أو من ذويهم في الطريق، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي دون وجود من يحتمون في ظله، مُطالبين بسَن قوانين صارمة تحميهم بشكل فعلي من أي أحد يفكر التعرض إليهم .

صمت وزارة التربية

“هاشتاغ” نقل مخاوف وهواجس المدرسين إلى وزارة التربية عبر المكتب الصحفي، وطرحت عدة تساؤلات عن الإجراءات التي يمكن أن تتخذها وزارة التربية لحماية الكوادر التدريسية، إلا ان وزارة التربية اكتَفَت بالصمت وجاء الرد من قِبل وزير التربية بالرفض للإجابة على هذه التساؤلات.

واكتفت الوزارة بالقول إن ما حصل يندرج تحت مسمى “الجِناية”، وأن من أقدم على قتل مدير المدرسة ليس طالبا وإنما من خارج المدرسة.

ولدى سؤالنا المكتب الصحفي هل ستتحرك وزارة التربية لدرء مثل هكذا أفعال في المستقبل وحماية المعلمين لتكون الإجابة : “لا نعلم ماذا سيكون التصرف من وزارة التربية بهذا الخصوص !” .

كثرة التجاوزات

المحامية لين الدقر قالت لـ”هاشتاغ” إن من أقدم على الجريمة هو قاصر وحَدَث، لذلك يطبق عليه قانون الأحداث الجانحين، بحيث يوضع في الإصلاحية، مستغربةً جرأة مراهق في هذا العمر للإقدام على هذه الجريمة الشنيعة.

وتساءلت الدقر: في حال استطاع القتل في هذا السِّن عن سبق الإصرار والترصد فماذا سيفعل عندما يكبر؟، مشيرةً إلى ضرورة وجود قوانين رادعة لمثل هؤلاء الأحداث الجانحين.

مديرة في إحدى المدارس الخاصة بدمشق آثرت عدم ذكر اسمها، عبّرت لـ”هاشتاغ” عن خوفها على نفسها جراء هذه الفوضى في المدارس، وقالت: “أفكر مرتين قبل التفكير بمعاقبة أي طالب”، مشيرةً إلى العديد من التجاوزات بحق الكوادر التدريسية، وأن المعلم محمي ظاهرياً ولكن في الحقيقة لا شيء يحميه، حيث يتعرض يومياً للإهانات من الطلبة و ذويهم، لافتةً إلى أنها كمديرة في مدرسة خاصة تستطيع وضع حد لهذه التجاوزات قدر الإمكان ولكن مدراء المدارس الحكومية هم الأكثر معاناةً.

وطرحت المديرة مثالاً على إحدى هذه التجاوزات التي حصلت في مدرستها منذ حوالي شهر من قِبَل تلميذ في الصف التاسع وذويه.

وقالت إن الطالب كان يؤذي زملاءه في المدرسة نفسياً وجسدياً، ناهيك عن مضايقة الأساتذة، مما اضطرهم إلى التفكير بالتخلي عن العمل في المدرسة درءَاً لشره.

وما زاد الطين بِلَّة – بحسب المديرة – عدم استجابة أهله للاتصالات المتكررة سواء من الإدارة أو الكادر التدريسي، ليضعوا حداً لتصرفات ابنهم، بل وصل بهم الأمر إلى حظر أرقام كافة المدرسين عن جوالاتهم لكي لا تصل إليهم أي شكوى عن ابنهم.

ولفتت مديرة المدرسة أنه عندما وصل الأمر إلى هذا الحد قررت فصله لينقله أهله إلى مدرسة أُخرى، وبالرغم من تعرضها للعديد من الضغوطات والاتصالات من جهات مختلفة لعدم فصل الطالب إلا أن الإصرار على موقفها كان سيد الموقف وتم بالفعل فصل التلميذ من المدرسة حينها.

وسائط ومحسوبيات

وأشارت المديرة إلى أن المشكلة أثناء وقوع أي خلاف بين الطالب وذويه مع المعلم أو إدارة المدرسة تبدأ التدخلات والوسائط والمحسوبيات ومن يدفع أكثر لتبرأة الطالب المخطئ لعدم معاقبته.

وختمت بالقول: “لا يوجد أي احترام للمعلم والمدير، أو لأي أحد في السلك التدريسي، الأمر الذي يجعلني أفكر جدياً بأن يكون هذا العام آخر عام لي مجال التعليم بسبب التجاوزات المجحفة بحقنا”.

الانفتاح والسوشيال ميديا

المستشارة التربوية هزار قطاع قالت لـ”هاشتاغ” إن أسبابا كثيرة ومتراكمة أدت لعدم احترام لمعلم كما في السابق، وأهمها فترة الحرب التي جعلت الأهالي بعيدين عن أبنائهم لانشغالهم بتأمين لقمة العيش لدرجة أنهم يستغربون عند استدعائهم، حين يسمعون بالتصرفات التي صدرت عن أولادهم وكأنهم لا يعيشون في منزل واحد.

و تضيف: هناك أيضا تأثير الأصدقاء ووسائل التواصل الاجتماعي على سلوك الأطفال، وخاصةً عندما يصبح صاحب السلوك السيئ مقبولا بل وقدوة لزملائه، فينظر إليه زملائه على أن شخصيته قوية ومؤثرة، بسبب ما تقدمه السوشيال ميديا وتأثيرها بصورة مباشرة على نظرة وسلوكيات الأطفال والمراهقين.

يضاف إلى ذلك ضعف انضباط بعض المدارس وتسيبها وهذا ما يظهر جلياً عند انتقال طالب من مدرسة غير منضبطة الى أُخرى منضبطة، فيكون الوضع متعباً له وللكادر التدريسي على حد سواء.

بلاغات كيدية

ترى مديرة المدرسة الخاصة أن معاقبة الطالب المخطئ أصبح ممنوعاً، فإذا حُرم الطالب من حصة الرياضة بسبب فعل خاطئ قام به تنقلب الأمور على المدرس والإدارة بسبب تقديم بلاغات كيدية إلى الوزارة التي تسمح لأي شخص الشكوى إليها مباشرةً وتبني شكواه على أنها صادقة، وفقا للمديرة.

وتستغرب المديرة السماح لهذا الأمر بالرغم من وجود العديد من الجهات في المدرسة يمكن أن يلجأ إليها أهل الطالب، إضافةً إلى مديرية التربية ، وعدّت ان السماح بهذا الامر أدى إلى فقدان قيمة وهيبة كافة الكوادر التعليمية.

لا عقوبات رادعة

المحامية لين الدقر قالت: في وزارة التربية لا يوجد عقوبات رادعة للطلاب، ولذلك تكثر التجاوزات والمخالفات من قبلهم أو من قبل ذويهم تجاه الكادر التعليمي، و لا يوجد قانون تشريعي بما يخص التعليم، فالذي ينظم علاقة المدرّس بالطالب تحدده وزارة التربية في التعليمات التنفيذية فقط ، أما كسلطة تشريعية فلا يوجد أي قانون، حيث يُعامَل المعلم كمواطن عادي.

وأما حقوق المعلم والطالب فتحددها السلطة التنفيذية المتمثلة بوزارة التربية لتحديد العلاقات والقوانين الناظمة بكل ما يخص التعليم.

وترى الدقر أن حصر كل شيء بوزارة التربية، مشكلة حقيقية، فالمفروض ألا يكون كل شيء من صلاحيات وزارة التربية لتنظّم القوانين كما يحلو لها ، بل يجب وجود قانون ناظم للمدارس في كل المراحل العمرية.

ضعف القوانين الناظمة للتعليم

المستشارة التربوية هزار القطاع قالت إن ضعف القوانين الناظمة للعملية التعليمية التربوية وضعف معرفة الأفراد بها تؤدي إلى نتائج عكسية، فالطالب غير مدرك لحقه وواجبه، هو يعلم فقط أن من حقه أن لا يُضرَب، ولكنه لا يعلَم أن من واجبه الاحترام والانضباط والالتزام بقوانين المؤسسة التعليمية التابع لها .

واقترحت قطاع إجراء تعديلات لبعض القوانين لضبط السلوك السيئ من جميع الأطراف سواءً الطلاب أو أولياء أمورهم أو الأعضاء والكوادر التعليمية والإدارية، مشيرةً إلى أنه من الضرورة بمكان وجود قانون يجرم أولياء أمور الطلاب في حال الإساءة للكوادر التدريسية سواء بالتعنيف الجسدي أو اللفظي بأي وسيلة كانت سواء مسموعة أو مرئية أو مقروءة، أسوةً بالقانون الذي يجرّم المعلم ويؤدي إلى فصله عن عمله، لافتةً إلى أن مجموعات الواتس آب فيها العديد من الإساءات بحق المدرسين .

قانون الخدمة المجتمعية

تطالب المستشارة قطاع بالإسراع بسن قانون الخدمة المجتمعية الذي يقضي بعقوبة الغرامة المالية بالإضافة إلى إلزام المخطئ بخدمة المجتمع سواء تنظيف المدرسة أو غيرها من العقوبات .

المحامية الدقر توافق قطاع على طرحها ، وتشير إلى أنه من الضرورة بمكان وجود قانون الخدمة المجتمعية مقابل كل إساءة ، وهو خاص بكل مخالفة مثل رمي الأوساخ أو التدخين في الأماكن المغلقة أو تجاوز إشارة المرور.

ورأت أن المجتمع بحاجة ماسة إلى مثل هكذا قانون يعتمد على مبدأ الجزاء من جنس العمل، فالخدمة الاجتماعية بالإضافة إلى تسديد الغرامة كفيلان بالحد من المخالفات في قطاع التعليم أو غيره.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام
Exit mobile version