Site icon هاشتاغ

تراجع دور الجميعات الشهرية في سوريا بسبب الغلاء وتدهور قيمة الليرة

هاشتاغ – نور قاسم

في ظل الوضع الاقتصادي المتردي الذي يعيشه السوريون، يلجأ عدد كبير منهم إلى الجمعيات المشتركة بهدف توفير جزء من المال وادخاره.

لكن يقول سكان كانوا يشتركون بكثرة في السابق إن موجة الغلاء تسبب بعدم قدرتهم على توفير المال اللازم للسلع لا سيما بعد تدهور قيمة الليرة السورية.

وتقوم فكرة هذه الجميعات على أساس الاشتراك بقسط شهري بين مجموعة من الأشخاص، ويعيَّن أحد المساهمين مسؤولاً عن ترتيب الأدوار، وتجميع المبالغ الشهرية من الأفراد وتسليمها في الموعد المحدد.

ويؤخَذ في الاعتبار أثناء اختيار المنظِّم لهذه العملية بأن يكون ذو شخصية قوية، حازم، منظم ويقع على عاتقه اختيار الأفراد المراد اشتراكهم في الجمعية بعناية شديدة، وأن يكونوا من ذوي الثقة لضمان التزامهم بتسديد الأقساط الشهرية بانتظام.

تقول مرفت كوسا وهي مهندسة تعيش في العاصمة دمشق إن “زملائي في العمل دائماً ما يختارونني كمسؤولة عن الجمعية ويطلبون مني إقامتها بشكل متواصل منذ عشرين عاماً”.

لكن تظهر بعض المشاكل أحياناً نتيجة انسحاب أحد الأعضاء بشكل مفاجئ، ما يؤدي إلى الخلل والاضطرار لإيجاد بديل مباشرةً.

وأشارت مرفت في مقابلة لـ”هاشتاغ” إلى أن “المفروض على من يود الانسحاب تأمين البديل عنه على المستوى الأخلاقي على أقل تقدير”.

إلا أنه وللأسف ينسحب البعض بدون أن يأتوا بشخص آخر موثوق من قِبلهم، غير أن المسؤول عن تنظيم الأدوار هو من يسعى لإيجاد البديل المناسب، بحسب المهندسة.

تراجع دورها

ويقول الخبير الاقتصادي عامر شهدا في حديث لـ”هاشتاغ” إن مثل هذه الجمعيات جيدة على المستوى المجتمعي، وساعدت الكثير من العائلات قبل الحرب لشراء مستلزمات منزلية، “ومن أهم ميزات هذه الجمعيات أنها تنمي روح التواصل في المجتمع”.

غير أن دورها تراجع في الوقت الحالي مقارنةً مع السابق، ولم يعد باستطاعة هواتها شراء الأثاث أوالتفكير بشراء سيارة أو منزل، وإنما أصبح الهدف من الاشتراك فيها من أجل القدرة على تسديد الأقساط المدرسية أو المونة أو للاستشفاء وشراء الأدوية وغيرها.

وهذا ما أكدته لـ”هاشتاغ” المُدرِّسة سميرة أحمد، والتي قالت: “منذ حوالي 25 عاماً تمكنت من شراء سيارة خلال اشتراكي في عدة جمعيات مع زملائي في العمل، إضافةً إلى تمكني من شراء الكثير من المستلزمات المنزلية”.

ولكن في الوقت الحالي بعد أن تهجَّرت من منزلها في “جوبر” بريف دمشق لم تعد قادرة كالسابق على الاشتراك في جمعيتين بآن واحد، وفي حال قررت ذلك فسيكون لأجل إعانتها على شراء المستلزمات المدرسية لأبناءها أو بعض الحاجيات والأغذية الموسمية.

أما الأربعينية “مرح” فتقول إنها كانت في السابق تنشط في هذه الجمعيات لإجراء عملية تجميلية معينة أو لشراء مساحيق التجميل من الماركات “الثقيلة” أو لاقتناء ملابس باهظة الثمن.

ولكن اليوم “لم أعد أشترك فيها لأن الوضع المادي اختلف كثيراً وفي حال الاشتراك فلتأمين الحاجيات الأساسية وليس بغرض الرفاهية”، بحسب مرح.

وأما سهر وهو اسم مستعار لموظفة في شركة اتصالات فتقول لـ”هاشتاغ” إنها لم تعد تثق بهذه الجمعيات بعد الموقف الذي حصل منذ حوالي اثني عشر عاماً ، عندما اشتركت في جمعية مع جيرانها ليتفاجأوا فيما بعد بأن منظم الجمعية وهو جارهم أخذ الأموال من الجميع وفرّ خارج سوريا.

جمعيات موسمية

إضافة لهذا النوع من الجمعيات، ثمة نوع آخر أيضاً باشتراك مجموعة معينة بمشروع وبرأس مال محدد، ويتم اقتسام الأرباح فيما بعد على الأعضاء.

يقول عامر شهدا الخبير الاقتصادي، إن معظم هذه الجمعيات تعمل بشكل موسمي أثناء مونة المربيات أو الزيتون أو ورق العنب أو المكدوس وغيرها.

وطرح مثال اشتراك مجموعة من النساء لشراء ثلاثة أو أربعة أطنان من الرمان ليصنعن دبس الرمان وبيعه، لتتقاسمن الأرباح لاحقاً.

ولكن هذا النوع من الجمعيات تراجع مع اندلاع الحرب لعدة أسباب أبرزها فقدان الأمان والاستقرار على المستوى الاقتصادي.

وتقول أم سهيل لـ”هاشتاغ”: “كنت أتشارك مع جاراتي في الغوطة الشرقية في أيام “البركة” لشراء مختلف المستلزمات الموسمية بكميات كبيرة أو الاعتماد على ما تنتجه أراضينا والعمل عليها مع بعضنا وبيعها في الأسواق وتقاسم الأرباح فيما بيننا”.

وتضيف: “توقفنا خلال فترة الحرب، والآن نحاول العودة ولكن الأمور لم تعد كالسابق فأصبح البدء بأي مشروع موسمي يحتاج إلى مبالغ كبيرة تفوق قدرتنا المادية ” .

وفي السياق أشار “شهدا” إلى ضرورة الخروج بنظام أو قانون يحكم هذه الجمعيات بهدف تنظيمها وحمايتها في ذات الوقت، وتالياً تشجعيها سواء لشراء الآليات الزراعية، أو صهريج للمياه لأن مثل هذه المساهمات المجتمعية تؤدي لنمو اقتصادي حقيقي.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام
Exit mobile version