Site icon هاشتاغ

جماليات غائبة..

نضال الخضري

جماليات غائبة..

هاشتاغ-نضال الخضري

أجهل السبب وراء تحول دراما البيئة الشامية إلى “كوابيس” اجتماعية تحدث في زمن ضائع، ففي تسعينيات القرن الماضي ظهر مسلسل “أيام شامية” الذي نسج علاقات داخل حارة دمشقية تحمل “طرافة” ونوع من “الذاكرة”.

وبغض النظر عن الانتقادات التي وجهت له في حينها حول “نوعية الصراع” الذي تمحور حول “شُعيرات” من شارب أحد الأبطال (المعلم عمر)، لكن مساحة أيام شامية لم تكن تحمل التوتر؛ الذي أضحت الدراما السورية بتلويناتها مفعمة به وعلى الأخص في الأعمال التي تحدثت عن الفساد، فظهر المجتمع السوري عائما على ظلال “المافيات” التي استمرت حتى في الأعمال التي ظهرت خلال الأزمة.

تبدو المفارقة في أن مسار الدراما السورية وصل إلى نقطة حدية يبدو فيها الصراع “ملحميا” أحيانا، أو محشورا في علاقات اجتماعية موتورة، في تصادم أكثر من كونها صراعا دراميا يحمل معه مغامرة فيها من الشغف والجمال ما يشد المشاهد، وبالتالي فإن ما فقدناه هو التنوع لأن الحالات “الملحمية” ليست شكلا غير مألوف لكنها تملك شروطها وظروفها، وتأتي ضمن التنوع لتكمل مشهدا فنيا خاصا، وفي المقابل فإن “اللحظات” الخاصة انتهت على ما يبدو، فالكوميديا على سبيل المثال تحولت بشكل تدريجي لترتبط بـ”مفارقات” ضمن اللهجات المحلية أو انتقادات سياسية.

الجماليات الغائبة من الدراما هي تلك المشاهد التي تلامس الأعماق فنضحك، أو تدفع مشاعرنا نحو أفق مختلف عما يحيط بنا، فالقضايا الكبرى العالقة في الدراما السورية جعلتها ضمن اتجاهين: الأول يتمثل في الهروب نحو الماضي لتحميله عبئا يجعل من رموز الماضي أحلاما للمستقبل، والثاني في جعل الواقع في الدراما أرضية خصبة لهم اجتماعي يتداخل بشكل غير مألوف مع أشكال درامية تختلط مع السياسة، أو مع تلوينات يتم إقحامها في العلاقات الاجتماعية من خارج أي سياق.

تاريخ الدراما السورية مليء بالتجارب التي خلقت نجوما وأعمالا محفورة في الذاكرة، ورغم أن الزمن تحول كثيرا مع البث الفضائي الذي كسر خصوصية الدراما السورية القديمة، لكنه في نفس الوقت دفعها نحو منافسات مع الإنتاج العربي الآخر، وفي النهاية تبدو الأعمال الدرامية اليوم أكثر اختلاطا وأقل بريقا، في وقت بقيت فيه الدراما المصرية تحمل معها بريقا لحالات ظهرت مبكرا وتطورت في دائرة تجربتها، دون أن تذوب في أشكال الإنتاج الضخم الذي حمله البث الفضائي.

الجماليات الغائبة كسرت علاقتنا مع فن سوري خاص نقل إلينا أعمال دريد لحام ونهاد قلعي، وألوانا أخرى عبرت عنها شخصيات كرسها الراحل حكمت محسن عبر أبطال من البيئة السورية عموما، فالغنى الثقافي لم يعد يظهر رغم حرفية الممثلين، ولكننا نبحث وسط كل موسم رمضاني عن بقعة نسترخي فيها، أو نستطيع من خلالها كسر الرتابة أو بناء حالة جمالية فارقة من دراما تؤسس لثقافة اجتماعية عامة.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام
Exit mobile version