Site icon هاشتاغ

جولة خامسة وربما أخيرة “للدستورية”: كيديات سياسية لا تبشّر بأي تقدّم.. وأعضاء يطالبون بتشديد”قيصر”!

هاشتاغ سوريا – خاص
انطلقت، الاثنين الماضي، في مكتب الأمم المتحدة بجنيف، أعمال الجولة الخامسة من اجتماعات اللجنة المصغرة لصياغة الدستور، والمكونة من 45 عضواً، من كل من الوفود الثلاثة الحكومي، والمعارضة، والمجتمع المدني.
تهدف هذه الاجتماعات – كما يفترض- ومقابل أن تحظى بدعم دولي، إلى صياغة دستور سوري، والدفع بالحل السياسي عبر إنجاز ملف تفاوضي حقيقي، بعيداً عن الأجندات الدولية والإقليمية.
لكن، وعلى ما يبدو فإن مفاوضات هذه الجولة أيضاً، وبعد مرور ثلاثة أيام على انعقاد اللجنة المصغرة، لم تستطع تجاوز عقبات مرت بها الجولات الأربع السابقة، حيث لم يتم الإعلان عن التوصل إلى أي جديد “توافقي” حتى الآن من قبل أي من ممثلي الوفود الثلاثة.
صياغات لا ترقى إلى دستور 2012
عضو اللجنة المصغرة لمناقشة الدستور عن وفد المجتمع المدني، ميس كريدي، كشفت أن سقف التوقعات لديها بإنجاز ملف تفاوضي حقيقي منخفضة، في ظل استمرار الخلاف على قضايا وصفتها بـ”البديهيات الوطنية” دون أن تذكرها.
وقالت كريدي في اتصال مع “هاشتاغ سوريا”: بالعموم لا نزال حتى الآن بعيدين كل البعد عن أي توافق. وعدم التوافق هذا قد لا يكون بتصريحات مباشرة خلال الجلسات، بل بتقديم نصوص من قبل طرف ما يسمى بالمعارضة أو الجزء المحسوب عليهم في منصة المجتمع المدني، تتضمن شكلاً من أشكال المغالطات اللفظية، وصياغات لا ترقى أصلاً إلى صياغات دستور 2012″.
وأضافت “هناك قضايا مكتوبة وبصياغة أفضل في دستور 2012 وبالتالي هناك شعور بأن الغاية الاساسية هي المناكفة، إضافة إلى بعض الكيديات السياسية، التي تغلب على النقاش لمحاولة شيطنة كل ما هو في الداخل السوري” مشددة على أن “هذه الطروحات تقتضي ردود قاسية وحقيقية لأننا لا يمكن أن نسمح بتزوير وقائع”.
واعتبرت كريدي أن هذه الأجواء لا تبشّر أبداً بتقدم، أو بإمكانية صياغة مشتركة” وأكدت بقولها “شخصياً لا أستطيع أن أصيغ أي نص مع من لا أقتنع قناعة مطلقة بولائه الوطني الخالص، فالولاء واحد لدولة واحدة وجنسية واحدة يحملها”.
ولفتت كريدي إلى أن “هناك عوامل تعيق إجراءات بناء الثقة، فبينما كانت منصة المجتمع المدني في اجتماعها الأول، تطالب برفع العقوبات، وتحاول أن تؤكد أن هذه العقوبات مرفوضة دولياً من الناحية الإنسانية ويجب أن تأخذ الأمم المتحدة تجاه هذا الملف موقفاً أكثر حزماً وصرامة، يذهب البعض وهم موجودون معنا في المنصة للمطالبة بتشديد العقوبات أو بتطبيق سلة قيصر”. وتساءلت “إذا كان ثمة إشكال ضمن المنصة في الاتفاق على الملف الإنساني فمن أين التوقعات بقادم أكثر سلاسة أو ينجز؟”.
وعن محور النقاشات قالت كريدي “تحدثنا بشأن السيادة والاحتلالات والتوضيح، وغيرها من الطروحات. لكن، بالعموم هناك مفاهيم متباعدة ومختلفة بالمنطق السياسي والفكري. وعندما يحاول طرف من الأطراف أن ينقل واقعاً سلبياً بالمطلق، ويحوّل الواقع حتى الإيجابي المشرق منه إلى واقع سلبي فهو برأيي مجرد استهداف كيدي، لا يؤدي لأن تكون هناك قواسم وعوامل مشتركة”.
جدول زمني ينتهي بهذه الجولة
وكان المبعوث الأممي إلى سورية، غير بيدرسون، ومع انطلاق أعمال الجولة الثالثة، في 24 آب/ أغسطس الماضي، صرّح أن “اللجنة تجتمع من أجل تنفيذ جانب رئيسي من قرار مجلس الأمن الدولي، الذي دعا إلى وضع جدول زمني لصياغة الدستور”. الأمر الذي اعتبر بمثابة وضع حد زمني أقصى لاجتماعات اللجنة، هو شهر كانون الثاني/ يناير الجاري أي موعد الجولة الخامسة المنعقدة الآن من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن الدستور، ليكون جاهزاً مع نهاية هذه الجولة.
وبعد أن توقفت لمدة 9 أشهر بسبب خلافات على أجندة عمل الجلسات وانتشار وباء كورونا، وصفت أجواء الجلسة الثالثة بالإيجابية، بشأن “مناقشة البنود الأساسية للدستور”، على الرغم مما قيل إنها خلافات وقعت مع انطلاق أعمالها حول التسميات، حيث ذكر مراسل قناة “الميادين” حينها أن وفد المعارضة اعترض على تسميه الوفود الحكومية بـ”الوفد الوطني”.
الجولة الرابعة: نصف إنجاز
ومع انتهاء التخطيط لعقد الجولة الرابعة، في 30 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، أكدت نائبة المبعوث الأممي إلى سورية، خولا مطر، في إحاطة قدمتها لمجلس الأمن أن “اللجنة لم تحرز بعد ذلك التقدم الذي كنا نأمله” معوّلة على الجولتين الرابعة والخامسة للمضي قدماً بالعملية السياسية.
غير أن هذا المضي لم يتحقق منه في الجولة الرابعة، إلا “نصف إنجاز”، هو الاتفاق على موعد الجولة الخامسة. ففي وقت بحث الوفد الحكومي ملفات “عودة اللاجئين، ورفع العقوبات، ورفض الاحتلالات” مشدداً على ضرورة التقاء السوريين على هذه المبادئ الجامعة قبل الانتقال إلى الحديث عن الدستور وصيغه، ومتهماً وفد المعارضة بأنه لم يناقش هذه الملفات بشكل معمّق، طرح وفد المعارضة ما أسماها “مبادئ دستورية” وأصر على مناقشتها.
كما تحدثت وسائل إعلامية عن خلاف وقع في النصف ساعة الأخيرة لهذه الجولة، حيث انسحب الوفد الحكومي احتجاجاً على عدم منحه حق الرد من قبل رئيس وفد المعارضة، على بيان سياسي ألقاه أحد أعضاء الوفد، قبل أن يتدخل بيدرسون ويعيد الأمور إلى نصابها.
القرار “2254” وعقدة التفسير
اللافت، أن نائبة بيدرسون، كانت ذكرت صراحة أن عمل الدستورية وحده لايكفي لإنجاز حل سياسي في سورية، وأن الحل ينطلق من القرار الأممي 2254. علماً أن هذا القرار وقع ومنذ صدوره في كانون الأول/ديسمبر 2015 في عقدة تفسير، بين الفاعلين السوريين والدوليين وحتى الإقليميين في الأزمة السورية.
حيث زعمت المعارضة، ومنذ صدور القرار أن “مضمونه هو عماد الحل السياسي بتراتبية بنوده، من خلال تشكيل هيئة حكم انتقالي، وإعلان دستوري مؤقت يحكم المرحلة الانتقالية” ولاحقاً لانبثاق اللجنة الدستورية عن مؤتمر سوتشي عام 2018، استمرت في تقديم هذا الفهم للقرار معتبرة أن “اللجنة الدستورية هي متاهة لإفراغه من مضمونه الأساسي أي الانتقال السياسي” .
كما أعلنت السعودية تأييدها لهذا الفهم والقراءة، رغم تأييدها لذهاب وفد المعارضة إلى اجتماعات اللجنة الدستورية بجنيف لتطبيق بنود هذا القرار. وهو ما أكده صراحة وزير خارجيتها، عادل الجبير، في 2019 بقوله إن “الرياض تجري مشاورات مع الدول العربية لتطبيق القرار 2254 بشأن سورية، والذي يتضمن تشكيل حكومة انتقالية، وإجراء انتخابات أممية”.
وكان رئيس وفد المعارضة، البحرة، ومع انطلاق الجولة الخامسة، أعاد في تغريدة عبر “تويتر” تأكيده التزام وفد المعارضة “بتراتبية” القرار 2254، وقال “المعارضة الآن في مرحلة تفاوضية، حصل توافق دولي بخصوصها، والمعركة سياسية نخوضها دون تنازلات، وقد تصبح أكثر مشقة لكنها الطريق الوحيد الممكن”.
بالمقابل، أكد مبعوث سورية الدائم إلى الأمم المتحدة، بشار الجعفري، في عام 2017 أن “القرار 2254 لم يتحدث عن انتقال سياسي بل عن عملية سياسية”. كما صرح وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف في عام 2016 أن “القرار 2254 ينص على محاربة الإرهاب، وحل القضايا الإنسانية، وبدء المفاوضات السياسية. وروسيا تؤكد أن الحل في سورية يستند إليه”.

Exit mobile version