Site icon هاشتاغ

حريق ضخم في جبال القدس يكشف ما لم يكن في حسبان الإسرائيليين: مصاطب حجرية تنسف مقولة “أرض الميعاد”

ضجت وسائل الإعلام الفلسطينية والعبرية بالاكتشاف الذي أظهرته حرائق القدس، وهو السلاسل السندية أو المصاطب الحجرية التي بنيت على يد الفلاحين الفلسطينيين خلال حقب زمنية مختلفة.

وتقول مصادر صحفية إنه بعد ثلاثةأيام من حريق ضخم اندلع في أحد جبال القدس من الناحية الغربية، تكشف ما لم يكن في حسبان الإسرائيليين الذين حاولوا على مدى عقود طمس كل ما يدل على الهوية الفلسطينية للقدس.

فبعد أن خمدت النيران، وتحت الرماد وبقايا الغطاء النباتي المحترق تكشَّفت ظاهرة لافتة جذبت انتباه الجميع، وأخذوا يتحدثون عنها ويعلِّقون عليها، وضجت بها وسائل التواصل الاجتماعي.

إنها ظاهرة السلاسل الحجرية السندية على منحدرات جبال القدس، التي تظهر وكأنها مدرج بُني بعناية، السلاسل السندية، أو السلاسل الحجرية، أو الرباعات الزراعية أو الحبلات أو السناسل أو المصاطب الزراعية.. أسماء مختلفة لشيء واحد، وهي تلك الحجارة التي استخرجها الفلاح الفلسطيني من داخل الأرض، وقام بصفِّها على مدى عقود طويلة فوق بعضها بيديه وعرقه؛ ليوفر مساحة مستوية من الأرض فيها من التربة ما يكفي ليتمكن من زراعة المنحدرات الصخرية شديدة الانحناء بالزيتون واللوزيات وأشجار الكرمة والقمح والشعير أيضاً.

والسلاسل السندية ممارسة شائعة في كثير من دول العالم التي تمارس الزراعة على سفوح الجبال، حيث يتم عمل سلاسل بارتفاع منخفض، متر أو أكثر قليلاً من حجارة متقاربة في الحجم يتم تثبيتها فوق بعضها بعضاً بشكل طولي ينتشر على منحدر الجبل أو التلة. والهدف منها هو حفظ التربة من الانجراف نتيجة الأمطار والرياح. تظهر السلاسل الحجرية على الجبال المرتفعة في فلسطين مثل جبال الخليل والقدس ونابلس والناصرة، رغم وضوح معالمها بشكل كبير في القدس، حتى إنها لتبدو مثل مدرَّج يتصاعد للأعلى بأناقة ونظام!

ولأن المحتل طوال الوقت يصرُّ على تزييف الحقيقة، ويصمم على خلق واقع جديد يتناسب مع ما يريد الوصول إليه، فما إن وقعت القدس تحت الاحتلال حتى قام المحتل الصهيوني باقتلاع الأشجار، واستبدلها بحرجيات نمت بكثافة وغطت معالم الأرض الخيِّرة التي ارتوت من عرق الفلسطيني ودمائه، وأخفت معالم قرى فلسطينية وبلدات دمرها الاحتلال وهجَّر أهلها قسرياً، ومنها ما أباد أهلها بمجازر تطهير عرقي.

سكن اليبوسيون ذوو الأصول الكنعانية هذه الجبال، وأقاموا فوقها مدينتهم الأولى وعاصمتهم: يبوس، التي اجتذبت بقية الأمم التي أخذت تتصارع لمحاولة السيطرة عليها وحكمها. فوقعت تحت الحكم الفرعوني لقرنين من الزمان قبل الميلاد، ثم حكمها اليهود لمدة 73 سنة على يدي نبي الله داوود ونبي الله سليمان، ثم احتلها الملك البابلي نبوخذ نصر وسبى اليهود وأسرهم إلى بابل، ثم حكمها الفرس واليونان والرومان، وفي العهد الروماني ولد نبي الله عيسى في القدس، ودخل الرومان في المسيحية، وعاد الفرس لحكمها مرة أخرى قبل قدوم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في رحلة الإسراء والمعراج، ثم فتح المسلمين لها، ثم عادت القدس لتقع في أيدي الصليبين مرة أخرى، الذين هزمهم صلاح الدين الأيوبي وحرّر القدس من أيديهم في ملحمة حطين، ولكنها عادت لتسقط مرة أخرى بأيدي الصليبين وبقيت 11 عاماً قبل أن يحررها الملك الصالح نجم الدين أيوب. تعرضت القدس لغزو المغول، ولكن المماليك بقيادة قطز والظاهر بيبرس هزموهم في معركة عين جالوت وعادت القدس لحمى الإسلام، وخضعت بعدها لحكم الدولة العثمانية حتى سقوطها بيد المستعمر البريطاني عام 1917، واحتلال الصهاينة لجزء منها عام 1948 ثم إكمال احتلال عام 1967.

ونشرت صحيفة هآرتس تقريراً حول نتائج بحث أجراه المعهد الجيولوجي الإسرائيلي على السلاسل السندية المنتشرة على جبال القدس تحت عنوان: “آباؤهم وليس آباؤنا”، وتناول البحث قضية السلاسل الحجرية التي تظهر على جبال القدس تحت الغطاء النباتي الحرجي الكثيف المستوطن، الذي يحاول إخفاء هذه السلاسل الحجرية، وخلص البحث إلى نتيجة مفادها أن هذه السلاسل هي فلسطينية بحتة بشكل لا يشوبه أي شك، وغالبيتها تعود للفترة العثمانية، وبعضها يرجع لفترات إسلامية أخرى متعاقبة كالفترة المملوكية، وبعضها يعود لفترات متأخرة تعود إلى العباسية والأموية. وقد كانت الجمعيات الدينية الصهيونية تروج زوراً وبهتاناً لتلك السلاسل، على أنها جزء أصيل من منظر توراتي مشهود محفوظ من آلاف السنين، وبالتالي هو حق ديني وتاريخي يهودي في أرض الميعاد!

Exit mobile version