Site icon هاشتاغ

خبير تنموي يتوقع انهياراً مدوياً للزراعة خلال أشهر.. ويقارن بين إدارة الحصار في الثمانينات واليوم

زراعي

 

هاشتاغ _ يسرى ديب

أنذر الخبير التنموي أكرم عفيف الحكومة والفريق الاقتصادي من كارثة انهيار مدوٍّ للقطاع الزراعي خلال الأشهر القادمة، إذا لم يحصل تدخل سريعاً للإنقاذ.

وبين عفيف أن تكاليف زراعة دونم الأرض بشكل يحقق عوائد تمكن صاحبه من إطعام أسرته، وادخار مبلغ لتأمين متطلبات الزراعة في العام التالي يحتاج إلى مبلغ لا يقل عن 400 ألف ليرة لزراعة الدونم الواحد.
وتأمين (المصروف والمدخرات) يتطلب زراعة 40 دونماً، لن تقل تكاليف زراعتها في العام عن 16 مليون ليرة سورية!

ويتساءل: من أين سيؤمن الفلاح هذا المبلغ مع تدني أسعار الإنتاج وتراجعها،
خاصةً أن الحكومة لا تمول سوى السماد والبذار، في حين على المزارعين تأمين الحاجة من المحروقات بأسعار تفوق 2500 ليرة للتر المازوت.
وضرب عفيف مثالا على منطقة الغاب التي تفقد الأراضي القابلة للزراعة يومياً، نتيجة عدم تمكن أصحابها من السيطرة على الأعشاب المعمرة التي عادت بقوة بعد عجزهم عن تأمين تكاليف فلاحتها، إذ إن تكاليف فلاحة الدونم تفوق 25 ألف ليرة في هذا العام، وقد تصبح أعلى بعد عام، لذلك هجر الكثير من الفلاحين أراضيهم وتركوها للأعشاب المعمرة لتأكلها. ولتكون بدائل إنتاجها من المستوردات حتى لمحاصيل كالقمح والقطن.

أضاف عفيف أن مصلحة الفريق الاقتصادي في الحكومة هي في الاستيراد، لأن الاستيراد يحقق ارباحاً كبيرة، فمثلاً يستوردون السيارة من بلد المنشأ بمبلغ خمسة آلاف دولار، ويبيعونها في سورية بمبلغ 20 ألف دولار، ويخصصون بعض المبالغ هنا وهنالك بما فيها البنك المركزي، ويضعون ما تبقى في جيوبهم وبالتالي ليس من مصلحتهم دعم الإنتاج المحلي.

ويتساءل: كيف يمكن أن تفسير الإقدام على تصدير بعض المنتجات كالتبغ مثلاً؟ والغريب في الأمر أنهم يصدرون الكيلو بمبلغ يعادل 75 ألف ليرة، ولكنهم يشترونه من الفلاح بسعر لا يتجاوز 3 آلاف ليرة!، بالتالي؛ لو كان هنالك من يريد استمرار الزراعة مالمانع من إعطاء المزارعين سعر أعلى حتى لو وصل إلى 10 ألاف ليرة؟

وبيّن عفيف أن الحال ذاته ينطبق على الثروة الحيوانية، حيث أن ارتفاع أسعار الأعلاف جعل المربين يتوجهون لخيار بيع المواشي الموجودة عندهم، وقد تراجعت أعداد الثروة الحيوانية مؤخراً إلى أكثر من النصف، لأن البقرة الواحدة تحتاج في اليوم إلى 10 كيلو علف مع التبن تصبح قيمتها 25 ألف ليرة يومياً، وتصل إلى 750 ألف ليرة شهرياً، و9 ملايين ليرة سنوياً وهذا غير الأمراض وتكاليف علاجها ومشاكل النفوق. والحال ذاته ينطبق على الأغنام، فمن يملك 400 رأس غنم يحتاج في اليوم إلى مبلغ لا يقل عن 600 ألف ليرة لإطعامها.

لكل هذا؛ إذا أقدم أي مربي على شراء سيارتي “بيجو” قديمتان متآكلتان، وركنهما ثم باع مخصصاتهما شهرياً من البنزين سيربح في الشهر أكثر من 250 ألف ليرة بدون مخاطر أو أتعاب.

وهذا يجعل واقع الإنتاج والزراعة في خطر داهم، ويجب معرفة المسؤولين عن كل هذا الخراب ومحاسبتهم.

أضاف عفيف أن إجراء صغير مثل رفع سعر كيلو القمح ليصبح مجزياً قبل البدء بالزراعة كان شجّع الناس أكثر على الزراعة، ففي منطقة كالسقيلبية مثلاً لم يتجاوز إنتاج ما تم استلامه من محصول القمح ما زرع في مساحة 14 ألف هكتار، بينما ما تم زراعته يفوق 50 ألف هكتار، وهذا يعني أن الباقي ذهب للتجار أو كعلف للحيوانات، لأن تسعيرة الشعير كانت 1400 ليرة، بينما القمح 800 ليرة!!
فكيف يمكن للمواطن أن يقرأ هذه الاستهتار في التعامل مع محصول القمح، بينما يقترون على الناس في الحصول على رغيف الخبز، وقد أدرك الغرب نقطة الضعف في عادات الاستهلاك السورية وحارب فيها، حيث أن توفر الخبز يعطي الشعور بالطمأنينة، لأنه يمكنهم الحصول على طعامهم اليومي من خلال تناول الخبز حتى لوحده.

سياسة خاطئة
الخبير عفيف عقد مقارنة بين طريقة إدارة الحصار في الثمانينات مع اليوم، معتبراً أنها لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يتعرض فيها الشعب السوري للحصار، ففي مرحلة الثمانينات عانت البلاد من حصار اقتصادي أيضاً، ونقص في كل المواد، ولكن تم استغلال الحصار الاقتصادي في تلك الفترة للاعتماد على الإنتاج المحلي وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وخير دليل على ذلك كما يقول عفيف هو رفع أسعار الإنتاج الزراعي، حيث وصل سعر كيلو القمح إلى 11 ليرة بينما كان سعره العالمي 5 ليرات، فامتلأت المخازن وأصبح التخزين في العراء، ولم يفكر الفريق الاقتصادي وقتها في تخفيض السعر.

ويشير إلى أن عوائد الموسم الزراعي كانت تؤهل صاحبها لبناء منزل، بينما الآن عائدات موسم أكبر مساحة لا تكفي لتسديد ثمن رخصة منزل، لمهندس يجلس تحت المكيف ويأخذ تعب الفلاح لمواسم.

ويؤكد عفيف أن المحروقات في تلك الحقبة كانت متوافرة، ولكن طريقة إدارة النقص فيها خلال هذه الحرب غير موفقة، وإذا كانت الطاقة الشمسية من البدائل، فلماذا لم يتم التعامل مع هذا الأمر من بداية الحرب لخلق بدائل للطاقة، أو لماذا لم يستقرؤون الواقع ويضعون حلولاً لكل الاحتمالات؟
السابقة واللاحقة.

وفي سياق المقارنة بين طريقتي إدارة الأزمة في المرحلتين تحدث عفيف عن موضوع التعليم وكيف أصبح التعليم العالي يقتصر على المتفوقين في القطاع الحكومي، وعلى أبناء الأغنياء والسارقين في القطاع الخاص، بينما كان في السابق متاحا لجميع الفقراء، لأن الرسم لم يكن يتجاوز 150 ليرة سورية، وتكاليف السكن في المدينة الجامعية مقابل مبلغ لا يتجاوز 25 ليرة.

يستنتج الخبير هنا أن المناصب ستقتصر على أبناء هاتين الشريحتين، لأن الجاهلين لا يولّون، وتالياً إخراج الفقراء من السلطة.

وكذلك الحال في موضوع السكن، ففي الثمانينات وطنت الحكومة السكن في الريف وسهلت شروطه، وغضت الطرف عن العشوائيات التي كانت أحد أساليب تأمين السكن الرخيص، والفارق في سوء التصرف ينسحب على الكثير من القضايا كطريقة إدارة الدولار، أو دور الدولة في تأمين المستلزمات الأساسية عبر صالاتها وشركاتها.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام  https://t.me/hashtagsy

Exit mobile version