Site icon هاشتاغ

“خطوة مقابل خطوة”.. المسار الخطر

رأي مازن بلال

رأي مازن بلال

هاشتاغ_ رأي مازن بلال
تنتهي معظم التسويات في الأمم المتحدة لتكريس واقع خاص مرتبط بـ”عملية” هدفها التحكم السياسي، ففي النظام الدولي لما بعد الحرب العالمية الثانية، ومهما كانت نوعية النظام، ترتبط الصراعات بضمانة واحدة هي عدم العودة لخطوط التماس القديمة في القارة الأوروبية، فمنذ مؤتمر يالطا بعد انتصار الحلفاء أصبحت الحرب لها معايير بالنسبة للقوى الكبرى، وأصبح توزيع التوازن في العالم يحكم مساحة العلاقات الدولية.
وتظهر تصريحات المبعوث الأممي لسورية جزء من هذه الآلية، فسياسة “الخطوة مقابل خطوة” تبدو اعترافاً من موسكو وواشنطن بضمان التوازن بينهما؛ رغم كافة التصريحات الروسية حول التواجد الأجنبي في سورية فإن المهم ليس التوافق بل التحكم بأطراف الصراع لضبط إيقاع الأزمة.
عملياً فإن التوتر الروسي – الأمريكي في أوكرانيا لا ينعكس في المساحات الأخرى في العالم بما فيها سورية، وتحرك المبعوث الأممي “خطوة مقابل خطوة” تعبر عن آلية الحذر الدولي من الإخلال بتوازن القوى، فلا الكرملين ولا البيت الأبيض مستعدان للوصول إلى الحل النهائي الذي يعيد سورية إلى الموقع الذي كانت عليه عام 2011، فالاضطراب أتاح فرصا دولية رغم ظهور العديد من المفاجآت سواء في ظهور “داعش” التي خلق خطوط تماس جديدة في شرقي المتوسط، أو في الدور الإيراني الذي تطور بشكل يشابه ما حدث في العراق بعد الاحتلال الأمريكي.
ستقودنا “الخطوة مقابل خطوة” وبشكل يقتصر على “القوى الشكلية” التي لا تمثل تيارات حقيقية على الأرض، إلى تقليص التأثير السوري، ومع استبعاد منطقة الجزيرة السورية من هذه السياسة.
حسب تصريح غير بيدرسون؛ فإن الأزمة السورية ستصبح جزءاً من القضايا المعلقة في الأمم المتحدة مثل القضية القبرصية أو الكورية أو حتى الأوكرانية.
بالتأكيد فإن كسر “الجمود الاستراتيجي” الذي تحدث عنه بيدرسون لم يعد يتعلق بالقوى الدولية، فهي تتعامل مع الأزمة السورية كواقع يمكن عبره النفاذ لمسائل أخرى، على الأخص في العلاقة بين موسكو والغرب حيث يمكن أن تصبح سورية نقطة اتصال لخفض التوتر فقط، ويمكن فهم هذا الاتصال في بعض الأطراف المنغمسة في الصراع السوري، فهناك على الأقل تركيا وإيران التي يرغب الجميع في بقائهما ضمن حالة التوتر التي تفرضها الأزمة، ورغم أن إيران على عكس تركيا لا تملك تماسا جغرافيا مع سورية، لكنها مهتمة بعرقلة المساعي المرتبطة بـ”السلام” في الشرق الأوسط.
“السلام” بالنسبة لإيران عملية تعطي أدواراً إقليمية على حساب دورها في شرقي المتوسط، فالمسألة بالنسبة لها ليست “إسرائيل” بل أيضا ما ستحصل عليه دول الخليج من هذا الأمر، فـ”إسرائيل” ضمن “عملية السلام” تشكل بالنسبة لطهران تحكما بسواحل المتوسط، أما دول الخليج فستصبح بوابة إيران الوحيدة على هذه السواحل وهو أمر معاكس على الأقل للاستراتيجية الإيرانية الحالية، أما تركيا فانغماسها بالصراع في سورية يقلل من قدرتها على التأثير القوي في آسيا الوسطى.
الرهان على الآلية السياسية للمبعوث الأممي لن تؤدي لحل سياسي يعيد لسورية دورها الإقليمي، ووفق المؤشرات فإن هذا الأمر “مطلب” دولي لأنه يتيح لباقي القوى القدرة على التحرك في المنطقة وسط تشتت إقليمي، مع عدم إمكانية ظهور منظومة سياسية فاعلة في شرقي المتوسط عموماً.
لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام
Exit mobile version