Site icon هاشتاغ

خمسينية “المعاون” والأرنب البري ..!

هاشتاغ سورية – شعبان أحمد

تناقض عجيب و غريب تضمنه قرار الحكومة القاضي بتحديد المعايير الأساسية للترشح لشغل وظيفة معاون وزير .

القرار نص على معيار التوصيف و القدم الوظيفي، إضافة إلى معيار الخبرة الوظيفية و التي تنص على أن المتقدم لشغل هذه الوظيفة يجب أن يكون قد مارس مهام إدارة وسطى ” مدير مديرية فرعية _ رئيس قسم” أو مهام إدارة عليا ” مدير عام _ رئيس هيئة” .

أما المعيار الثالث و هو ” المربط” الذي اشترطه القرار بأن يكون المرشح لا يتجاوز عمره 50 عاماً ..!

لا أدري كيف جمع هذا القرار تلك التناقضات دفعة واحدة !

قدم وظيفي مع خبرة و مهام وسطى و عليا يقابله عدم تجاوزه الـ 50 عاما!

هل هذا يعني ضمنيا أن الموظف الذي يمتلك كل هذه المؤهلات من خبرة و قدم و ممارسة مهام عليا غير مؤهل لشغل هذا المنصب إذا تجاوز الـ50 بيوم واحد ؟!

ثم كيف سيجمع الموظف كل هذه المؤهلات و عمره أقل من 50 عاماً إلا إذا كان “ينط” كالأرنب البري؟!

الأمر الآخر، هل سيطبق القرار على معاوني الوزراء الحاليين على مختلف مشاربهم، وهل هناك معاون واحد حالياً عمره أقل من 50 عاماً؟

في كل دول العالم يكون للسن و الخبرة المتراكمة احتراماً و دوراً رئيسياً لشغل أي منصب، انطلاقاً من وصول الموظف إلى مرحلة الاتزان و النضج ..

نفهم أن القرار جاء لضخ دماء جديدة و التأكيد على دور العنصر الشاب، ولكن هذا لا يعني بالمطلق تغييب أو الاستغناء عن دور شريحة مارست أدواراً مهمة و قدمت جهوداً جبارة و هؤلاء أعمارهم كانت فوق ال50 بكثير، هؤلاء راكموا خبرة يجب الاستفادة منها في مختلف المفاصل.

ثم إذا كان القرار قائم في أساسه على دراسة دقيقة و مقومات منطقية “من وجهة نظرهم” ألا يجب أن ينطبق على باقي الشرائح الوظيفية العليا بما فيها المدير العام و الوزير ؟!

هل هذا ممكن بالعرف الوظيفي ؟

و ان كان الأمر ممكنا حسب توصيف الحكومة، فالأجدر هنا تطبيق نظام التقاعد المبكر وجعله في سن الخمسين، و هذا من شأنه تحقيق العدالة الوظيفية و إغلاق باب التأويلات و المماحكات التي يمكن أن تحصل إذا طبق القرار بصيغته تلك.

إذ كيف يكون معاون عمره 40 عاماً مثلا بينما يكون تحت إمرته مديرين و رؤوساء هيئات عمرهم الوظيفي و خبرتهم ربما تفوق عمر هذا المعاون !!!

اتخاذ القرارات يجب أن تبنى على أسس منطقية و تحقق العدالة و المساواة.

سنعطي مثالا على حالة معاكسة تماماً :

وزارة التنمية الإدارية كانت قد أقامت منذ سنوات قليلة دورة عن الجدارة القيادية، و كان الملاحظ أن معظم من اتبع هذه الدورة من مديرين عامين كانت أعمارهم تتجاوز الـ50 عاماً بكثير و بعضهم كان قد دخل مرحلة التمديد، أي أن عمره فوق ال60 .

ماذا نسمي ذلك، أليست دورة الجدارة القيادية تلك تدل في ظاهرها و مضمونها على تأهيل هؤلاء لاستلام مناصب قيادية ..؟

قائمة التناقضات تطول، و ربما نصل في سردها إلى ردهات مغلقة يغلب عليها طابع الشك و التشكيك ..!

Exit mobile version