Site icon هاشتاغ

“رواية” اللجنة الدستورية

هاشتاغ – رأي- مازن بلال

جاء الإعلان عن البدء بمشروع “إصلاح دستوري” من خارج السياق المعتاد للأزمة السورية، فضمن آلية تبدو مختلفة اجتمع المبعوث الخاص للأمم المتحدة، غير بيدرسون، مع رئيسي الوفدين؛ ليعلن بعدها عن محور اجتماعات اللجنة الدستورية، وقدم تفاصيل لمسار التعامل مشروع يؤشر لصيغة توافق غير معتادة.

يأتي “مشروع الإصلاح الدستوري” ليوضح طبيعة التحولات في مسار الأزمة، فخلال أشهر قليلة شهدت سورية تطورا في العلاقة مع محيطها، ورغم أن كافة التطورات بقيت ضمن إطار محدد متعلق بتخفيف تدهور الوضع الاقتصادي في لبنان، لكن هذه التحركات قدمت مؤشرين أساسيين:

– الأول يرتبط بالبحث عن توازن يوقف صراع الأدوار الإقليمية في لبنان، فمسألة ناقلات النفط الإيرانية التي أعلن عنها أمين عام (ح..ز..ب الل..ه)، أوضحت أن أي عوامل إضافية ضمن الأزمة اللبنانية سترتد إقليميا ودوليا، وعلى الأخص على ملف التفاوض النووي الإيراني.

عمليا فإن مسألة ناقلات النفط حركت الجهود واختفت من العناوين السياسية والإعلامية، بينما استمر التصعيد السياسي في لبنان وضمن جولة جديدة استهدفت (ح..ز..ب الل..ه) عبر ملف انفجار مرفأ بيروت، فالتوجه الإقليمي لحل مسألة الطاقة في لبنان لم يخلق تهدئة سياسية على المستوى اللبناني، إنما طال حالة إقليمية تضع سورية ضمن سياق التوازن من جديد، ورغم أن هذا الأمر لا يعني تحول المواقف الدولية من دمشق، إلا أنه تغير في آلية البحث عن حل للأزمة السورية، فلأول مرة منذ 2011 يتم وضع حدود للسياسات اللبنانية مع الأخذ بعين الاعتبار وجود دور سوري مهما كان نوع هذا الدور.

– الثاني، الخروج من إطار المغامرة الإقليمية الكبرى التي بدأت في 2011، حيث كان “الربيع العربي” يرسم تحولات حتى على مستوى الهوية السياسية للمنطقة، وإعطاء تركيا على سبيل المثال مساحة كبيرة لرسم سياسات المنطقة.

كانت لبنان نقطة ارتكاز للكثير من الصراعات، سواء على مستوى استيعاب البدائل السياسية الخاصة بسورية، مثل المعارضة المباشرة للحكومة في دمشق وخلق “سياسات ظل لسورية” من خلال جيش من المستشارين لمنظمة الإسكوا، أو حتى عبر دور (ح..ز..ب الل..ه) في المعارك على الأرض السورية، فالمغامرة بخلق تحولات عبر الربيع العربي منحت “التشكيلات السياسية” أدوارا على حساب الدول التي باتت منهكة نتيجة الصراعات، لكن تلك التشكيلات لم تستطع الوصول إلى نتائج قادرة على خلق توازنات جديدة، فكافة الفصائل في سورية ابتداء من “الجيش الحر” وانتهاء بـ”قسد” لم تستطع فرض واقع يمكن التعويل عليه، بل على العكس فإنها أجبرت القوى الدولية على التدخل المباشر للحد من النتائج الكارثية مثل ظهور “داعش”.

الإعلان عن مشروع الإصلاح الدستوري ليس بالضرورة نهاية للأزمة السورية، لأنه يجسد فقط خروج الحل السياسي  عن الآلية القديمة، ويتيح حرية أوسع تجاه دمشق التي دخلت وفق المنطق الدولي ضمن مسار الحل، وربما ليس مفيدا البحث عن نوعية الإصلاحات القادمة، إنما عن الآليات السياسية الحالية، ونوعية التوازنات التي يمكن أن تظهر لأن أي إصلاح سيكون لصالح هذه التوازنات.

 

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

Exit mobile version