Site icon هاشتاغ

زيارة الأسد إلى روسيا.. استثنائية ومهمة على كافة الأصعدة الإقليمية والدولية

الأسد في موسكو

زيارة الأسد إلى روسيا.. استثنائية ومهمة على كافة الأصعدة الإقليمية والدولية

حظيت زيارة الرئيس السوري، بشار الأسد، إلى العاصمة الروسية موسكو، والتي التقى خلالها، الأربعاء، نظيره الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، باهتمام واسع في روسيا وخارجها، رغم أنها تندرج في سياق الزيارات العديدة التي يقوم بها الأسد لموسكو في إطار العلاقات القوية التي تربط الجانبين، حيث لطالما مثّلت سوريا بالنسبة لروسيا منطقة نفوذ متقدم في الشرق الأوسط وعلى المياه الدافئة، كما يرى الخبراء.

لكن هذه الزيارة وفق مراقبين تختلف عن سابقاتها وتتسم بأهمية استثنائية ترتبط بتوقيتها، حيث أنها أول زيارة للرئيس السوري بعد الحرب الأوكرانية، وما خلفته من تحولات في طبيعة النظام الدولي.

علاوة على أنها تأتي بعد أسابيع فقط من كارثة الزلزال المدمّر الذي ضرب سوريا، وما تبعه من تضامن عربي ودولي معها، والذي يرى مراقبون أنه ينعكس وبالضرورة سياسياً كذلك على الوضع السوري.

لقاء طويل

وأعلن المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أن المحادثات بين الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ونظيره السوري، بشار الأسد، استمرت قرابة 3 ساعات.

ووفق الرئاسة الروسية، فإن هذه المحادثات جرت في صيغتين، بمشاركة الوفود ثم وجهاً لوجه.

وناقش الرئيسان “التعاون في سياق إعادة إعمار سوريا بعد الحرب، واستمرار التسوية السورية، على هذا النحو، بما في ذلك جميع الجوانب، مع التشديد على الأولوية المطلقة لسيادة سوريا وسلامتها الإقليمية”، كما تطرقا أيضاً لموضوع “العلاقات السورية التركية”.

ومن أبرز ما جاء في بيان الرئاسة السورية عقب اللقاء:

_ المحادثات تناولت العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، والعمل لتعزيز هذه العلاقات بما يصب في مصلحة الشعبين في مرحلة تشهد تحولات غير مسبوقة على مستوى العالم.

_ جرى بحث توسيع التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، وبحث التغيرات والتطورات التي يشهدها العالم، وأهمية الاستمرار في بناء تحالفات وشراكات بين الدول التي تجمعها مبادئ ومصالح مشتركة، بحيث تشكّل قوة فاعلة تتحرك لصالح شعوبها وتعمل لتحقيق الاستقرار الأمني والاقتصادي في مواجهة السياسات الغربية القائمة على نشر الفوضى والتخريب، وإشعال الحروب بهدف الاستمرار في الهيمنة وخدمة لمصالحها الضيقة.

_ تناولت المباحثات المبادرات الإقليمية التي تدعمها موسكو، حيث أكد الرئيس الأسد أن سوريا لطالما كانت مع الحوار إذا كان سيُفضي إلى تحقيق مصالح الشعب السوري ووحدة وسلامة الأراضي السورية، ويصل إلى نتائج واضحة ومحددة وعلى رأسها الاستمرار بمكافحة الإرهاب وخروج القوات الأجنبية غير الشرعية الموجودة على أراضيها.

_ أكد الرئيسان ترحيبهما بإعلان السعودية وإيران استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين كخطوة تنعكس إيجاباً على المنطقة والعالم.

واللافت أن زيارة الأسد لموسكو، أتت قبل يوم من اجتماع رباعي، يضم نواب وزراء خارجية روسيا وتركيا وسوريا وإيران، في موسكو، وقبل محادثات مقررة بين وزراء خارجية الدول الأربع لاحقاً، ما أعتبره مراقبون علامة على أن ملف عودة العلاقات التركية السورية شكّل محوراً مهما في اللقاء.

رأي الخبراء

يقول مدير مركز الحوار الروسي العربي، مسلم شعيتو في لقاء مع موقع “سكاي نيوز عربية”:
هذه الزيارة تختلف توقيتاً وشكلا ً ومضموناً، فمن ناحية التوقيت هي تأتي في ظل ظروف مختلفة وتحولات تكاد تكون استراتيجية في مشهد العلاقات الدولية والإقليمية، ولا سيما بعد الرعاية الصينية للاتفاق السعودي الإيراني.

ويضيف: علاوة على ما طرأ من تحولات بعد كارثة الزلزال في سوريا، وما تبعها من دعم وإسناد عربيين واسعين لدمشق.

ويتابع: العامل الآخر المهم الانتخابات التركية التي ستنعكس نتائجها بشكل كبير على طبيعة هذه التحولات والاصطفافات، وموسكو هنا تراهن على بقاء تركيا على نفس النهج الإقليمي الحالي.

وأشار إلى أن سوريا لاعب عربي وإقليمي مهم ولا شك، وبوادر عودتها للعب دورها باتت واضحة، ولذلك فهذه الزيارة تشكّل فرصة لبحث طبيعة وشكل المرحلة المقبلة بين البلدين الحليفين.

ويؤكد لهذا فالزيارة تحمل رسالة مفادها، أن سوريا ستعود للعب دورها عربياً وإقليمياً ودولياً، وأن موسكو ستواصل دعمها اللامحدود لدمشق في عودتها هذه وضمان بسط سيادتها على كامل الأراضي السورية.

ويبيّن أن الرسالة الأهم أيضاً هي أن موسكو لا تتخلى عن أصدقائها وحلفائها حتى في أحلك الظروف، وتجربة الدعم الروسي لدمشق خير مثال.

بدوره يقول الباحث والخبير في العلاقات الدولية علي يحيى: لا شك أن الزيارة الحالية تتجاوز الطابع البروتوكولي أو أنها مجرد مناسبة استعراض سياسي مشترك، فهي تأتي في ظل بيئة دولية متغيرة وتطورات جيو سياسية تتطلب التنسيق والتفاعل مع الأحداث.

ويشير إلى أنها ستركز كذلك على مسألة إمدادات النفط والقمح الروسي، للتخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية المعيشية التي ترهق كاهل أكثر من 18 مليون سوري مع الإشارة إلى أن البلدين قد تعرضا لكم هائل العقوبات، تجاوزت 14 ألف عقوبة على روسيا ونحو 3,650 عقوبة على سوريا.

علاقات تاريخية

هذا ويعود تاريخ نشوء العلاقات الدبلوماسية بين الاتحاد السوفيتي “الذي ورثه الاتحاد الروسي” وسوريا لعام 1944، وهي علاقات تقليدية قوية ترتكن لمعاهدة الصداقة والتعاون السوفيتية السورية الأساسية المؤرخة في 8 تشرين الأول/أكتوبر1980.

وإثر اندلاع الأزمة الداخلية في سوريا، وفي 30 أيلول/سبتمبر عام 2015، أعلن رئيس ديوان الكرملين، سيرغي إيفانوف، أن الأسد طلب مساعدة عسكرية من روسيا.

وقدّم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اقتراحاً لمجلس الاتحاد لاعتماد قرار بشأن الموافقة على استخدام وحدة القوات المسلحة الروسية في الخارج، حيث أيد المجلس المقترح بالإجماع.

زيارات متتالية

في 11 كانون الأول/ديسمبر 2017، التقى بوتين والأسد، في قاعدة حميميم الجوية الروسية في سوريا.

في 7 كانون الثاني/يناير 2020، زار بوتين العاصمة السورية دمشق لأول مرة، وزار مع الأسد مركز قيادة القوات المسلحة الروسية.

على مدى الأعوام الأخيرة، زار الأسد روسيا مرارا في زيارات عمل، في تشرين الأول/أكتوبر عام 2015، وتشرين الثاني/نوفمبر عام 2017 وآيار/مايو عام 2018 وأيلول/سبتمبر عام 2021.

فضلاً عن التواصل الهاتفي بين بوتين والأسد، حيث جرت آخر محادثة بينهما في 6 فبراير الماضي.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام
Exit mobile version