Site icon هاشتاغ

سوريا.. المسار السياسي الهش

مازن بلال

جاءت الضربات الأمريكية على سوريا والعراق وفق تصور أمريكي لنهاية حرب غزة، ولم تكن مجرد ردع للقوى الموزعة بين طهران وبيروت، فرغم أن الاعتداء الأمريكي يحمل معه شكلا من التحذيرات لطهران، لكنه في المقابل ترافق مع جملة تحركات سياسية للحد من الاعتداء الإسرائيلي، ومن جانب آخر تزامن مع تأكيدات للبيت الأبيض على عدم الرغبة في توسيع الحرب.

ورغم أن المنطقة مازالت ضمن دائرة الخطر، وإمكانية توسع رقعة المواجهة ربما تتسع، إلا أن المسارين العسكري والسياسي يقفان عند حدود واضحة.

ما يدفع للتساؤل في طوفان الأقصى لا يرتبط بما هو متوقع من ردود فعل “إسرائيلية” وأمريكية أو حتى دولية، فالعنف والإرهاب الإسرائيلي أمر معروف والتغطية الأمريكية أيضا ليست مستغربة، إلا أن السيناريو الذي سارت عليه الحرب يحمل معه مسألتين أساسيتين:

الأولى في شكل الأدوار التي توزعت ما بين الدوحة والقاهرة وواشنطن، بينما لم يكن هناك أي هامش سياسي آخر حتى للقوى الدولية مثل روسيا لوقف إطلاق النار، فكل ما مثلته “طوفان الأقصى” كان يقف على أرضية سياسية مرتبطة بعلاقات قوية مع “إسرائيل.

عمليا فإن “الغطاء السياسي” الإسرائيلي لم يكن أمريكيا أو أوروبيا فقط، إنما استند لنموذج في العلاقات الإقليمية وبشكل يؤشر بأن “طوفان الأقصى” عملية مغلقة على مستوى الحل السياسي، فهي بعد أربعة أشهر ترواح في شكل لا يرتبط بما كانت تريده حماس التي تركت الأمر ضمن إطار “فضفاض”، يبدأ بإطلاق الأسرى الفلسطينيين، بينما يقوم مكتبها السياسي الموزع بين قطر ومصر وتركيا بإطلاق التصريحات التي لا تحمل في العمق برنامجا لمسار يرتبط بما بعد طوفان الأقصى، في وقت أصبح الهم الإقليمي هو “ما بعد حرب غزة” .

المسألة الثانية هو حجم “الإحاطة” الأمريكية بالحرب الإقليمية، فتواجدها في الشرق الأوسط الذي تعرض لهجمات متكررة، وخطر الملاحة في البحر الأحمر، واشتعال جبهة شمال فلسطين؛ هي في النهاية مساحات حرب غير واضحة، وأحيانا غير فاعلة سياسيا على الأقل.

مناطق الهجوم على القوات الأمريكية في سوريا والعراق هي في نفس جبهات اختبار سياسي متبادل بين إيران والولايات المتحدة، وربما أكثر من ذلك لأنها جزء من رصد ردود فعل موسكو على تطوير مساحة الصراع، ووضع ميزان القوى بين روسيا والولايات المتحدة على محك، فالحرب في غزة فتحت مساحة جديدة في سوريا تحديدا لعمليات الضغط المتبادل وإدخال دمشق ضمن أي سيناريو سياسي قادم لنهاية حرب غزة.

ما تحمله الولايات المتحدة عبر اعتداءاتها على الحدود السورية – العراقية هو وضع حدود للقوى الأخرى في سيناريو الحل السياسي الممكن، فالمؤشرات حول مثل هذا الحل وإن كانت ضعيفة لكنها بالتأكيد موجودة حتى اللحظة ما بين “المفاوض القطري” الذي يرسم مع واشنطن خارطة طريق لـ”ما بعد حرب غزة”، وتكرار الاعتداءات الأمريكية هو حدود هذه الخارطة التي لا تحوي أدوارا إقليمية إضافية، وتقوم على التعامل مع أي سلام قادم وفق صورة النظام الدولي المنقسم اليوم، والسلام المطروح سيكون خارج التوافق وضمن سحب شرقي المتوسط نحو هشاشة سياسية في مواجهة درس غزة القاسي.

Exit mobile version