Site icon هاشتاغ

سوريا ومعادلاتها الصعبة

هاشتاغ-رأي- نضال الخضري

هي حياة غير مألوفة ويصعب رسمها في هامش ضيق لا يمكن تجاوزه، فأن تكون في سوريا يعني أن تتعرف على أزمة ربما تدفع للدهشة.

 

رغم الأسى الذي خلفته على وجوه الناس، فاليوم تصبح أجور النقل أعلى من الرواتب، والنفقات تتجاوز الإمكانيات، ولكن الأهم أن الأحلام تتقلص لأنها باتت خارج الهامش المتاح للتفكير.

 

ربما تتشكل الحالة السورية كنوع من التناقضات الصارخة ابتداءً من ازدحام المطاعم وانتهاء بـ”انفجار” الحالات الإنسانية.

 

فتنقلب الحياة بشكل تراجيدي خلف خطوط العوز أو العجز عن خلق مساحة أمل، وهنا تنتهي المتناقضات أو المفارقات في تفاصيل الحياة.

 

ويظهر تأسيس جديد لمفاهيم غارقة في دونية الحياة، وفي المشاهد التي تبدو هزلية على صفحات التواصل الاجتماعي، لكنها خارج كل ما هو افتراضي تشكل تراكما لثقافة ربما تظهر مع الأجيال القادمة.

 

مأساة سوريا في الثقافة التي أسستها الأزمة ابتداءً من دراما “ضبو الشناتي” وصولا إلى مسلسل “كسر عضم”.

 

بينما حياة السوريين هي في سباق مع زمن آخر انتهى واقعيا لكنه مستمر في التفكير والثقافة التي تظهر لنا في كل لحظة،.

 

فما فعلته النخب والسياسات العامة هو “تأطير الأزمة” وكأنها إجراء ضمن زمن محدد، تنحسر في الأحلام وتصبح التعبئة ضرورية للهروب من التحدي الذي فرضته الحرب.

 

ما نشهده اليوم ليس قرارات رسمية تجعل من الحياة أكثر قسوة؛ فالأمر يتجاوز قرارات الأزمة الاقتصادية لأنه يطال بعدا في التفكير .

 

وفي قدرتنا على كسر الحواجز التي فرضتها مرحلة الحرب الطويلة، فمشكلتنا ترتسم عبر التفكير بأن الأزمة تخلق المصاعب، وفي العمق فإنها تقهر الأحلام.

 

وتجعل الذهاب أبعد من الضغط الاقتصادي أمرا غير مألوف أو معادلة صعبة لا يمكن حلها.

 

السياسات العامة الرسمية هي حقل خاص ضمن أزمة سوريا، أما الحقل الآخر فهو القدرة على تجاوز المألوف وترك أحلامنا تسبح.

 

لأنها الوحيدة القادرة على كسر المعاناة، فتلك الأحلام هي الحياة القادمة التي يمكن أن تبعد شبح ثقافة “ضبو الشناتي“.

 

وربما تجعلنا قادرين على جعل منصات التواصل الاجتماعي كما هي في العالم نقطة تفاعل، عوضا عن كونها منابر للتعبير عن الضيق الذي يحاصرنا.

 

إطلاق أحلامنا ليس “فانتازيا” في الزمن الصعب، إنما ممارسة لأشكال الحياة التقليدية، فأن نهجر الكتابة بلغتنا ويصيبنا هوس لغات البرمجة هو بذاته تحد لجعل أحلامنا تخلق عالما جديدا.

 

وهذا الأمر ليس مثالا بل حلما يمكن أن يصيب أيا منا عندما يصادفه فيديو على “يوتيوب” عن استخدام الذكاء الصنعي في “الانحياز الإعلامي”.

 

أو حتى الدخول في حلقات دراسية لاستخدام لغة بايثون البرمجية في الصحافة.

 

الأحلام تحررنا من وطأة الحرب لأنها تجعل الحياة ممكنة، ويصبح “الإنجاز” شكلا جديدا لا يمكن قياسه وفق معايير الماضي.

 

وهي التي ستجعل ثقافتنا القادمة قادرة على جعل كل التفاصيل التي تحاصرنا حالة هامشية نستطيع تجاوزها بملامسة حلم غير معتاد.

 

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

Exit mobile version