Site icon هاشتاغ

صحيفة أمريكية: الأمريكيون يدعمون المتطرفين في سورية كـ “خيار سياسي لاحق التفعيل”!

الأمريكيون يدعمون المتطرفين في سورية كـ "خيار سياسي لاحق التفعيل"!

الأمريكيون يدعمون المتطرفين في سورية كـ "خيار سياسي لاحق التفعيل"!

من غير الواضح لماذا اعتبرت الولايات المتحدة المتطرفين بمثابة خيار سياسي لاحق التفعيل، مع الأخذ في عين الاعتبار أنهم ومنذ وقت ليس ببعيد كانوا يهتفون لأحداث 11 أيلول/سبتمبر ويدعمون إرهاب الإبادة الجماعية.

هاشتاغ – ترجمة ديالا جمعة

في تحول غريب لبقايا الحرب الأهلية السورية، تم الكشف في مقابلة حديثة مع قناة PBS أن المبعوث الأمريكي السابق إلى سورية رأى المتطرفين بمثابة “دين مستحق الدفع لاحقا” في البلد الذي مزقته الحرب.
كيفية الكشف عن هذه الحيثيات أتت على شكل مسار غير مباشر انتهى بمقابلة مع مراسل”PBS Frontline” مارتن سميث في محافظة إدلب السورية حيث تحدث سميث مع محمد الجولاني، الإرهابي والزعيم الإسلامي المتطرف البارز، الذي حولت جماعته التي تسمى (هيئة تحرير الشام) محافظة إدلب السورية إلى دولة ثيوقراطية صغيرة.
ووفقًا لمقال PBS، أخبر المبعوث الأمريكي السابق إلى سورية جيمس جيفري، الذي ترأس أيضًا مكتب مبعوث منفصل للتحالف المناهض لداعش بقيادة الولايات المتحدة، أن تنظيم الجولاني كان “أحد السياسات البديلة” لاستراتيجية الولايات المتحدة.
لقد أماط هذا الكشف المفاجئ اللثام عن العمق الذي فكرت فيه الولايات المتحدة في ظل إدارة ترامب من خلال العمل مع المتطرفين المدعومين من تركيا – أو على الأقل لتعزيز احتلال تركيا لشمال سورية وتمكين الجماعات المتطرفة التي تحارب الأقليات الدينية وتهدر الحقوق وخصوصا المرأة.
وفي الحقيقة من غير الواضح سبب اعتبار الولايات المتحدة لهذه الجماعات خيار سياسي لاحق التفعيل، على الرغم من أن الأخيرة تشجع هجمات 11 أيلول/سبتمبر وتدعم إرهاب الإبادة الجماعية. وهنا يحضر السؤال الأهم لماذا كان لبعض المسؤولين الأمريكيين تاريخ طويل من مغازلة الجماعات الدينية المتطرفة، والمنظمات المرتبطة بالقاعدة؟
ربما كان ذلك بسبب هوس أمريكا التاريخي بالتفكير في إمكانية استخدام هذه الجماعات ضد إيران أو السوفييت في العصور السابقة. غير أن التاريخ أظهر أن معظم هذه الجماعات تقضي وقتها في مهاجمة السكان المحليين وفي قتل الأقليات، ولا تقيم وزناً لإيران أو لخصوم الولايات المتحدة، وبدلاً من ذلك توجه أسلحتها نحو مؤيديها في الغرب.
أشارت قناة PBS إلى أن الجولاني أسس فرعًا تابعًا للقاعدة في سورية، وفي تناقض غريب يسعى الآن للعمل مع واشنطن. هذا التحول في الأحداث لا يختلف كثيراً عن الجهاديين الذين توافدوا للقتال إلى جانب الولايات المتحدة ضد السوفييت في أفغانستان في الثمانينيات، الفرق الوحيد هو أن هؤلاء المقاتلين لم يكونوا في البداية جهاديين وأنهم أصبحوا لاحقاً الأساس المتطرف الذي بنيت عليه “القاعدة”.
لقد تجذرت القاعدة في أفغانستان نتيجة الفوضى التي اندلعت بعد الحرب ضد السوفييت وبعد تولي طالبان السلطة، فكانت الجماعة الجهادية في جميع أنحاء العالم ظاهرة الجيل الثاني التي نشأت في أفغانستان. وكما هو الحال في سورية جاء التاريخ ليعيد نفسه، وعاد التطرف مع محاولة فلول القاعدة الترويج لأنفسهم على أنهم حلفاء محتملون للولايات المتحدة.
قال الجولاني لـ PBS إن المنطقة التي تسيطر عليها مجموعته في سورية هي منطقة محمية من قبل تركيا اليوم ولا تمثل تهديدًا لأمن أوروبا والولايات المتحدة، فهذه المنطقة ليست نقطة انطلاق لتنفيذ الجهاد الأجنبي. وبهذا يكون قد اختار طريقة هادئة للقول إن إدلب مجرد منطقة لتنفيذ الجهاد المحلي، ولكن ما نعرفه نحن هو أن “داعش” أيضاً ولدت من هذه البيئة، كما أنها بدأت من المظالم “المحلية” ثم انتقلت إلى ارتكاب الإبادة الجماعية للأقليات، ثم إرهاب العالم لاحقًا.
يبيع الجولاني ومتطرفوه الآن أنفسهم للغرب مع عدم وضوح السبب، مع العلم أن هذه الأنواع من الجماعات لها تاريخ طويل في محاولة الحصول على الدعم الغربي لأنشطتها المحلية والمتطرفة دينياً والداعية للإبادات الجماعية.
يحضرنا القول هنا إن المناطق التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام تفتقد لوجود أي دور للمرأة؛ إن كان في المسيرات أو في المناصب العامة، كما وتفتقد للأقليات الدينية التي كانت ذات يوم موجودة بتنوعها.
ويشير المقال إلى أن الجولاني وجماعته “جبهة النصرة” قد تم تصنيفهم من قبل وزارة الخارجية الأمريكية في عام 2012 على أنهم جماعة إرهابية. هذه الجماعة المتورطة في هجمات “طائفية” عنيفة والتي سميت لاحقاً “هيئة تحرير الشام” التي تدير إدلب وتعمل مع تركيا، وماهي إلا النسخة الحالية من النصرة والقاعدة في سورية.
على عكس الجماعات المتمردة السورية الأخرى الذين أصبحوا مرتزقة ومقاولين لتركيا، والذين يواصل الكثير منهم العمل كعصابات مسلحة في المناطق التي تحتلها تركيا، ظلت “هيئة تحرير الشام” ظاهرة خاصة بها. فبدعم من تركيا قامت جماعات المعارضة السورية بتطهير عفرين عرقيا من 160 ألف كردي في عام 2018، ثم هاجمت نفسها الكرد بدعم تركي في تشرين الأول/أكتوبر 2019، عندما أمر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالانسحاب من جزء من شمال شرق سورية.
وبحسب مقال شبكة بي بي إس PBS، رأى المبعوث الأمريكي السابق في سورية المتطرفين كخيار لسياسة الولايات المتحدة. “جيمس جيفري – الذي عمل سفيراً للولايات المتحدة في كل من الإدارات الجمهورية والديمقراطية، ومؤخراً كممثل خاص للانخراط في سورية ومبعوث خاص للتحالف العالمي لهزيمة داعش خلال إدارة ترامب – أخبر سميث أن تنظيم الجولاني كان “أحد الخيارات السياسية البديلة” لاستراتيجية أمريكا في إدلب “.
كما أكد جيفري في مقابلة في 8 آذار / مارس: “أنهم الخيار الأقل سوءًا من بين الخيارات المختلفة في إدلب، وإدلب هي واحدة من أهم الأماكن في سورية، وهي واحدة من أهم الأماكن حاليًا في الشرق الأوسط”. بحسب ب ب إس.
ولم يتضح أبدًا لماذا يميل البعض في الولايات المتحدة إلى النظر للمنطقة من خلال سلسلة من الخيارات السيئة، والتوصل إلى أن المتطرفين الدينيين هم “الخيار الأقل سوءًا”. فعندما كان جيفري مبعوثًا للولايات المتحدة، سعى لتشجيع ودعم الدور التركي في سورية وكذلك تشجيع المزيد من التعاون الأمريكي مع إسرائيل ضد إيران. وكان أعضاء اللوبي في واشنطن وأنقرة في ذلك الوقت يجادلون بأن تركيا يمكن أن تقلب موازين إيران وأن “الجغرافيا السياسية” الأمريكية تعني أن على الولايات المتحدة أن تعمل مع تركيا.
في غضون ذلك، كانت الحكومة التركية، التي يديرها زعيم حزب العدالة والتنمية الاستبدادي المعادي للغرب بشكل متصاعد، رجب طيب أردوغان، تشتري S-400 الروسية وتعمل مع إيران وروسيا والصين.
نعلم وبوضوح أن تركيا دعمت التطهير العرقي في سورية ولديها سجل طويل في السماح لعناصر داعش بالعبور عبر أراضيها، فعندما قَتَلَ زعيم تنظيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي نفسه واثنين من أطفاله خلال محاصرته من قبل القوات الأمريكية في تشرين الأول/أكتوبر 2019، تم العثور عليه في إدلب بالقرب من الحدود التركية، وهذا إن دل على شيء فهو أن البغدادي كان قادرًا على عبور المناطق التي تسيطر عليها “هيئة تحرير الشام” التابعة للجولاني، وحتى المناطق التي تديرها تركيا نفسها.
من غير الواضح لماذا ستقود الولايات المتحدة تحالفًا ضد داعش من ناحية، ثم تنظر أيضًا إلى الجماعات التي تشبه داعش على أنها “ورقتها السياسية لاحقة التفعيل” من ناحية أخرى. ومن غير الواضح أيضا سبب تمكن زعيم داعش من الفرار من الموصل والرقة والعيش بسهولة بالقرب من تركيا ومن “هيئة تحرير الشام” التابعة للجولاني. وليس من الواضح لماذا سيكون المتطرفون في إدلب، حيث ظهر بعض الأسرى المستعبدين من الأقليات الإيزيدية التي استولت عليها داعش في عام 2014، بمثابة “خيار سياسي لاحق التفعيل” للحكومة الأمريكية نفسها التي كانت تقاتل داعش.
الطريقة الوحيدة التي يمكن أن يكون من خلالها مفهوم كونها “خيار سياسي لاحق التفعيل” منطقيًا هو كون جزء من الحكومة الأمريكية ضد جزء آخر من حكومة الولايات المتحدة، لذلك ينظر إلى الجولاني وأمثاله على أنهم أحد الأوراق السياسية المحتمل تفعيلها لصالح الولايات المتحدة الأمريكية.
كمثال على تضارب التيارات السياسية الأمريكية، خلال إدارة ترامب، كان أعضاء فريق وزارة الخارجية الأمريكية المقربين من تركيا يزدرون علانيةً البنتاغون والمكون العسكري للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في القيادة المركزية.
احتمالية استخدام هيئة تحرير الشام كـ “أحد الخيارات السياسية” ضد “قوات سورية الديمقراطية” المدعومة من الولايات المتحدة، أدى لاعتقاد وزارة الخارجية الأمريكية أنها يمكن أن تستخدم المتطرفين في إدلب لمحاربة شركاء القيادة المركزية الأمريكية في “قوات سورية الديمقراطية”. وهذه ليست المرة الأولى التي تقوم الحكومة الأمريكية بذلك، ففي عام 2016 عندما غزت تركيا جزءًا من سورية بالقرب من منبج بعد أن استولت “قوات سورية الديمقراطية” المدعومة من الولايات المتحدة على المدينة الواقعة شمال سورية من داعش. تدخلت تركيا للتأكد من عدم هزيمة داعش بسرعة كبيرة ومنع الكرد من إدارة هذه المناطق.
يعتقد بعض المسؤولين الأمريكيين الذين عارضوا سياسة إدارة أوباما بشأن صفقة إيران والحرب على داعش، حيث دخلت الولايات المتحدة في عام 2014 أثناء الإبادة الجماعية لداعش ضد الإيزيديين، أن الهدف الرئيسي لأمريكا يجب أن يكون العمل مع تركيا في سورية. بينما تعمل تركيا مع إيران وروسيا في سورية ولا تريد الإطاحة بالحكومة السورية، تصر بعض الأصوات أن تركيا وبعض المتمردين السوريين قد يقتنعون بمحاربة إيران في سورية.
في ظل هذا المنطق الغريب، أراد هؤلاء المسؤولون تمكين المتطرفين من تحقيق التوازن ضد إيران. ولكن بدلاً من ذلك، كل ما فعلوه في النهاية هو إعطاء إيران وحزب الله ذريعة أكبر لدخول سورية. كما وصعود داعش، على سبيل المثال، مكّن روسيا من دخول سورية لـ”محاربة داعش”.
في النهاية، أصبحت المناطق التي تم انتزاعها من “داعش” بالقرب من البوكمال ودير الزور جزءًا من شبكة تهريب الأسلحة الإيرانية التي تهدد إسرائيل. وبهذه الاستراتيجية، انتهى الأمر بتمكين إيران أيضًا.
ومع ذلك، كانت النظرية أن تركيا يمكن أن تقتنع بمحاربة إيران في سورية إذا قدّمت الولايات المتحدة المزيد من الدعم للمتطرفين في إدلب. كما كانت الفكرة أن بعض المسؤولين الأمريكيين الذين وصلوا إلى السلطة في عهد ترامب سوف يفسدون سياسة عهد أوباما وينتقمون من زملائهم المسؤولين الأمريكيين الذين دعموا إنشاء “قوات سورية الديمقراطية” التي يقودها الكرد في عام 2015.
ترك بريت ماكغورك الذي يُنظر إليه على أنه أحد مهندسي تلك السياسة، إدارة ترامب في عام 2018، وقد يعود تحت إدارة بايدن، لكن بالنسبة لعامي 2019 و2020 كان أمام بعض المسؤولين منفذا للعب بهذه السياسة وتخريب ما ساعد في إنشائه آنذاك.
وقد بني هذا على الارتباط التاريخي لوزارة الخارجية مع تركيا، وهي ظاهرة تعود إلى أزمة منبج عام 2016 عندما بدا أن المسؤولين الأمريكيين يخبرون تركيا بأن واشنطن لن تدعم “قوات سوريا الديمقراطية” للاستيلاء على منبج، بينما على العكس استمرت القيادة المركزية الأمريكية في العمل عن كثب مع “قسد”. فأدى سوء التواصل إلى أزمة تلو الأخرى بين أمريكا وتركيا، لكنه كان أيضًا في قلب المنافسة بين وزارة الخارجية الأمريكية ووكالة المخابرات المركزية والقيادة المركزية.
لقد صدّرت تركيا نفسها كقائد بديل للاستيلاء على الرقة، لكن في مقال نشره وزير الدفاع الأمريكي الأسبق آش كارتر في تشرين الأول/أكتوبر 2017، كتب عن أن العمليات “ستبدأ في عزل الرقة، استعدادًا لمهاجمة معقل زعيم داعش أبو بكر البغدادي، وعلى نفس القدر من الأهمية، حماية الجماهير في أوروبا والولايات المتحدة من خلال وقف تدفق العناصر الإرهابية من سورية عبر تركيا إلى الغرب “.
كما أشار، “لم تكن تركيا مهتمة بمحاربة داعش بقدر اهتمامها بمنع الكرد في شرق سورية من الارتباط بأولئك الموجودين في بلدة عفرين”. كان كارتر صريحًا في مقالته، أشار إلى أن “هناك تقارير تفيد بأن بعض الوحدات التي قمنا بتدريبها وتجهيزها قد سلمت (جبهة النصرة) فرع القاعدة في سورية، معدات أمريكية الصنع قدمتها الولايات المتحدة الامريكية سابقاً لهذه الوحدات”.
لم يرغب فريق كارتر في العمل مع المتطرفين وكان واضحًا أن تركيا لم تكن تقدم المساعدة. في ظل فريق ترامب، حاولت السياسة الأمريكية خلال فترة قصيرة تغيير المسار في سورية للعمل مع المتطرفين في إدلب وتخريب علاقة واشنطن بـ”قوات سورية الديمقراطية”، على الأقل جزئيًا كي لا يغلق الطريق أمام العودة إلى إدارة أوباما. والآن أمريكا مثقلة بهذا الإرث.
ليس من الواضح ما إذا كانت الدعاية الأخيرة للجولاني حول رغبته في العمل مع الولايات المتحدة ستشهد قبول أي من أتباع بايدن في واشنطن، فـ بايدن لم يبع نفسه بالسرعة المطلوبة لفريق ترامب المهووس بإيران، ولم ينشر أي دعاية عن إنشائه “بدائل سياسية” تحت الطلب ضد الجمهورية الإسلامية، بل يدعي فقط أنه يريد محاربة الحكومة السورية.
لكن هناك القليل من الأدلة على أن الجولاني أو هيئة تحرير الشام تحارب أصلاً، لأنهم على ما يبدو يقضون معظم وقتهم في مراقبة ملابس النساء وتحويل إدلب إلى دولة متطرفة دينية. لتعود التجربة وهي خير دليل أن مثل هذه الدويلات المنفصلة عادة ما تكون أرضًا خصبة للمتطرفين.
المصدر:
Exit mobile version