Site icon هاشتاغ

صيغة أستانا من طهران..

هاشتاغ_مازن بلال

كل المسار الذي خطته “أستانا” بشأن الأزمة السورية كان يحمل حصارا للاختلافات، فرغم أن “أستانا” استطاعت كسر العديد من الصدامات العسكرية، لكنها بقيت عند حدود التفاهمات الإقليمية، ولم تخترق حدود الحل السياسي المرتبط أساسا بشكل الشرق الأوسط أكثر من علاقته بالحوار السوري الداخلي.
وتوضح نقاشات اللجنة الدستورية أن الأزمة السورية انتقلت من دعم المجموعات المسلحة، عبر بعض القوى الإقليمية، إلى خلق جغرافية هشة عبر العقوبات وغيرها من الإجراءات، فسورية اليوم لم تتخلص من حالات العنف رغم انحسارها في العديد من المناطق، بينما تعمقت الأزمة السياسية-الاقتصادية بشكل واضح، وتحول الصراع باتجاه توطين الأزمة سواء من خلال التصعيد التركي أو الاغتيالات التي تشهدها محافظة حوران، أو حتى الاعتداءات من منطقة إدلب باتجاه بعض المناطق التي كانت خاضعة لـ”خفض التوتر”.
في اجتماعات طهران لا يمكن الحديث عن خلافات لأنها كانت موجودة أساسا، بل عن محاولات لصياغة معادلة جديدة في الشمال السوري تنتظر جهودا إقليمية، ففي حال انسحاب “قسد” إلى عمق 30 كم فإن العملية العسكرية التركية لن تحدث، ولكن الفراغ الأمني في تلك المنطقة هو العقدة حتى ولو انتشر الجيش السوري في تلك المنطقة، فهناك مسألتين أساسيتين ستواجهان أي انسحاب:
– الأولى أن الجيش السوري سيصبح على تماس مباشر مع نقاط الجيش التركي والميليشيا التابعة له، وهذا الأمر بذاته سيخلق تصعيدا إذا لم يتم تسويته باتفاق سوري – تركي، وسيعيق مثل هذا الاتفاق وعود الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشأن توطين اللاجئين السوريين الموجودين في تركيا.
المفارقة التي يمكن أن يخلقها انسحاب “قسد” هي في نوعية الاتفاق السياسي المطلوب بين دمشق وأنقرة من جهة، والتفاهمات التي يمكن أن تظهر بين الإدارة الذاتية والحكومة المركزية بدمشق، وهناك ترابط واضح بين الاتفاقين لأنه يعني في النهاية عدم ترك دور محوري للأكراد وبشكل يتناقض عمليا مع الترتيبات التي تضمن استقرارا نهائيا.
– الثاني مرتبط بالولايات المتحدة المهتمة بالحدود الشرقية لسورية، وإمكانية انسحابها ماتزال مرتبطة بالدور الإيراني إقليميا، وهذا الأمر ما يزال معلقا على التوازن الإقليمي عموما، ويبدو من الصعب على لقاءات أستانا على الأقل ضبط التوازن دون أدوار دولية إضافية تطمئن الأطراف الأخرى.
ظهر الصراع الدبلوماسي بعد قمة طهران التي تشكل متابعة لمسار أستانا، فأولا كان هناك زيارة بايدن للسعودية ثم أظهرت زبارة وزير الخارجية الروسي، سيرعي لافروف، للقاهرة وإلقاؤه كلمة في الجامعة العربية نوعية بحث الأطراف الدولية عن علاقات مختلفة في شرقي المتوسط، ويبدو من الصعب إيجاد توازنات في ظل الحرب الأوكرانية، إلا أن الأطراف الدولية تحاول خلق استقطاب مختلف لتسهيل دورها في “الشرق الأوسط “عموما.
ظلال الأزمة السورية مستمرة ويصعب وضعها ضمن مسار واضح في ظل اضطراب النظام الدولي، ورغم أن مسار أستانا هو الوحيد المحافظ على استمراريته بعد تأجيل أعمال اللجنة الدستورية، لكنه لا يضمن سوى توازن قلق يحتاج لجهد سياسي آخر يرتبط بالداخل السوري بالدرجة الأولى؛ ليضمن على الأقل خلق بيئة سياسية تكسر الاحتكار للأجهزة السياسية التي رعتها أوروبا والولايات المتحدة منذ بداية الأزمة.
لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام
Exit mobile version