Site icon هاشتاغ

“شتشوان” زلزال صيني تحول إلى فرصة

أنواع للزلازل

ماهي أنواع الزلازل وكيف تحدث؟

هاشتاغ _ لجين سليمان

بدأت تظهر الآثار الكارثية للزلزال الذي ضرب البلاد، فبعد مرور حوالي أسبوع على تلك الفاجعة، أظهرت النتائج حجم الأضرار، وهو ما يعني ضرورة وضع خطة استرايتيجة طويلة المدى، تماما كما فعلت الصين عام 2008 عندما ضرب مدينة “سيتشوان” الواقعة جنوب غرب الصين زلزالا، سُمي بـ “زلزال ونتشوان العظيم”، وقد كان زلزالا هائلا بقوة 7.9 درجة. نتج عن اصطدام الصفائح الهندية الأسترالية والأوراسية على طول صدعيبلغ طوله 249 كيلومترًا .

 

أدّى الزلزال إلى تدمير حوالي أربعة أخماس المباني في المنطقة المتضررة، كما تمّ تدمير قرى وبلدات بأكملها في الجبال ، وانهيار العديد من المدارس، وقد تم اعتبار ما يقارب 90 ألف شخص في عداد الأموات. بالإضافة إلى ذلك ، أصيب ما يقرب من 375 ألف شخص بجروح بسبب سقوط الحطام وانهيار المباني.

 

كإجراءات عاجلة نشرت الحكومة الصينية 130 ألف جندي وعمال إغاثة آخرين في المنطقة المنكوبة ، إلا أنّ الأضرار الناجمة عن الزلزال جعلت من الصعب الوصول إلى العديد من القرى النائية. كما تضرّرت البنية التحتية العامة بشكل كبير ، إذ دُمّر ما يقارب7 آلاف مدرسة و 11 ألف مؤسسة طبية ، مع حدوث تشققات وهبوطات في طرقات سريعة وصل طولها إلى 34 ألف كيلومترًا ،حدث كل ذلك في منطقة كانت بالفعل من أفقر المناطق وأكثرها ضعفًا في الصين، فهي غير مؤهلةلمواجهة هذه الأضرار البشرية والمادية والاقتصادية والبيئية الجسيمة ، وقد شرعت الحكومة الصينية آنذاك على الفور في تنفيذ برنامج شامل للإغاثة.

 

على المدى البعيد

 

في اليوم الحادي عشر بعد زلزال “ونتشوان” ، تم الكشف عن مهمة إعادة إعمار غير مسبوقة في تاريخ الصين حيث بدأت الحكومة المركزية خطط إعادة الإعمار ، بهدف إعادة بناء منازل جديدة للناجين في غضون ثلاث سنوات.وبشكل عام ، تم تنفيذ آلاف المشاريع لإعادة الإعمار والتأهيل ، تم الانتهاء من 99٪ منها في غضون عامين. أصبح هذا ممكناً إلى حد كبير بفضل التدابير المبتكرة مثل مخطط الشراكة الذي تم وضعه بين المقاطعات – بشكل أساسي ، إذ قامت الحكومة المركزية بإقران كل مقاطعة متأثرة بمقاطعة غير متأثرة ، والتي عملت بعد ذلك على تقديم المساعدة المالية والتقنية لإعادة الإعمار والترميم.

 

وهو ما يعني أنه بعد الكارثة بوقت قصير ، تم العمل على التغلّب على الوجع، للانطلاق نحو إحصاء الأضرار،فبدأت عملية التخطيط لجهود الإنعاش وإعادة الإعمار ، بما في ذلك تحسين التخطيط الحضري أثناء إعادة الإعمار ، وترميم وإعادة بناء مرافق الإنتاج والمعيشة الريفية ، وتوفير الخدمات الصحية ؛ إنشاء المرافق الثقافية والرياضية وغيرها من مرافق الخدمة العامة ؛ تعزيز الوقاية من الكوارث ونظم الإغاثة؛ استعادة المشهد البيئي؛ وتقديم الدعم النفسي للسكان المتضررين. وقد تم تحويل تلك الكارثة إلى فرصة عبر التخطيط لإعادة الإعمار بطريقة سمحت للمناطق المتضررة بالمضي قدمًا.ولعلّ أكثر ما كان يثير الاهتمام هو الطريقة التي شاركت بها حكومات المقاطعات الأخرى والسكان بشكل عام في عمليتي الإنقاذ والإعمار. فمن أجل تعبئة الموارد على مستوى البلاد بأسرع ما يمكن ، أمرت الحكومة 19 مقاطعة في مناطق شرق ووسط الصين، وهي البقع الجغرافية الأكثر تطورًا اقتصاديًا، بتقديم مساعدة فردية لكل مقاطعة في مناطق الكوارث في مقاطعة سيتشوان. وهو ما يعني أنه قد تمّ آنذاك إعطاء الحكومات المحلية دورا كبيرا، وهو ما عزّز قدرة هذه الحكومات لاحقا على التعامل مع الكوارث الطبيعية، بما يجعل عملية إعادة الإعمار أكثر ملائمة للسكان المحليين، وبالفعل بعد هذا الزلزال قامت الصين بتحديث آليةالاستجابة للزلازل الكبيرة، وإعادة الإعمار بعد الزلزال ، مما جعل جهود الإنقاذ وإعادة الإعمار في زلزال “لوشان”الذي وقع عام 2013 أكثر فعالية وكفاءة.

 

وقد أعطيت المدارس والمستشفيات والمنازل أولوية قصوى، فبعد ثلاث سنوات من زلزال “ونتشوان” ، شيدت الصين حوالي 3000 مدرسة وأكثر من 1100 منشأة طبية لتقديم خدمات عامة أفضل. وكذلك بعد عامين من زلزال “لوشان” ، أعيد بناء جميع المنازل في المناطق الريفية ، بينما اكتمل أكثر من 40 في المائة من إعادة بناء المساكن الحضرية، ومن خلال اعتماد مبدأ “الناس أولاً” كمبدأ أساسي في إعادة بناء “ونتشوان” و”لوشان” ، أولت الحكومة الصينية اهتمامًا خاصًا للأسر الفقيرة، وجعلت تخفيف معاناتهم محط تركيز في تنفيذ برنامج إعادة الإعمار بأكمله.

 

ولأن الإيمان بالعلم والتخطيط القائم على أساس العلم يجعل عالم اليوم أكثر أمانا وملائمة للعيش، ونتيجة لتطبيق الأسلوب العلمي في التعامل مع الكوارث سواء من حيث الاستجابة الإسعافية السريعة أو حتى تصميم الأبنية، فقد بات معروفا اليوم في الصين أن منطقة “ستشوان”كانت من أكثر من المناطق تأثرا بالزلازل في السابق،ولكن اليوم ونتيجة للمعالجة الدقيقة فقد باتت أضرار الكوارث أقل.

 

هكذا تتعلم الدول العريقة من أزماتها، وتحول الكارثة إلى نقطة عبور نحو مستقبل مضيء، بعيدا عن الوهم الذي لا يخلق إلا كوراث إضافية.

 

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

Exit mobile version