Site icon هاشتاغ

مقاولون يتلاعبون بالمواصفات ونظام هندسي “رخو”.. من يتحمل مسؤولية الأعداد الكبيرة من ضحايا الزلزال في سوريا؟

ضحايا

من يتحمل مسؤولية الأعداد الكبيرة من ضحايا الزلزال في سوريا؟

هاشتاغ _ يسرى ديب

أخلَت الجهات المعنية خمسة أبينة في مدينة جبلة، وقبلها تم إخلاء العديد من الأبنية في حلب، وفي كل يوم ثمة تقارير تشير إلى ضرورة إخلاء منازل قبل أن تسقط ثانية على رؤوس أصحابها.

الدمار كبير والضحايا كثر، فمن يتحمل مسؤولية كل هذا؟

لماذا ينهار بناء بينما يبقى بناء آخر إلى جانبه صامداً.. ما مصير مناطق المخالفات في حال حدوث زلزال بأقل من 7 درجات؟

خبير البيتون المسلح والاستاذ الجامعي عصام ملحم يؤكد ل”هاشتاغ” أن كثيرون من يتحملون مسؤولية ضحايا الزلزال الذي حصل في سوريا، وعلى عاتقهم يقع حجم الأضرار الهائل الذي نتج عنه، وفي مقدمتهم المقاولون والمتعهدون الذين قاموا بتنفيذ منشآت ومشاريع عقارية بعيدة عن تحقيق المواصفات المطلوبة.

ويقول إن النظام الهندسي المتبع في سوريا يتحمل المسؤولية أيضاً، لسماحه لهؤلاء بتنفيذ مشاريع ذات أهمية يقطنها عدد كبير من السكان.

ويحمّل ملحم أيضا نظام المراقبة للمنشآت الهندسية، وعدم استلام هذه المنشآت من قبل لجان مختصة في البلديات، مشيرا إلى أنه “لا بد من وجود لجان هندسية يجب أن تقوم باستلام المبنى بعد التحقق من مواصفاته قبل السماح ببيع الشقق أو إفرازها.”

أسباب الانهيارات

ويقول د. عصام ملحم، وهو عضو في لجنة الكود السوري، وعضو الهيئة العليا للبحث العلمي “قطاع التشييد والبناء” إن أسباب انهيار أبنية دون غيرها من الأبنية المجاورة يعود إلى أن هنالك الكثير من الأبنية التي لا تحقق شروط التصميم واشتراطات الكود لكي تكون مقاومة للزلزال، رغم أن كل الأبنية التي نفذت بعد وضع الخريطة الزلزالية لعام 1995، يجب أن تكون مقاومة للزلازل والحمولات الزلزالية حسب كل منطقة.

تجار بناء

ويلفت ملحم إلى أن البناء ينفذ من قبل تجار بناء هدفهم الأول والأخير هو الربح، فلا يأخذون بالاعتبار تصميم منازل مقاومة للزلازل، لأن هذا يتطلب كلفة إضافية تصل إلى 10% من كلفة الهيكل والمبنى، وبالتالي يختصرون الكثير من العناصر، ويشيدون أبنية غير مطابقة للمخططات الزلزالية، من حيث التسليح ونوعية المواد المستخدمة في البناء، حيث أن هذه العناصر كلها غائبة كلياً عند تنفيذ هذه المنشآت في القطاع الخاص خاصة.

ويضيف: لا يوجد متعهد يأخذ عينات من البيتون ويجري عليها اختبارات، وبالتالي من الطبيعي أن تتصدع هذه الأبنية عند تعرضها للزلازل. لافتا إلى أن عدد الأبنية المتصدعة كبير والمنهارة أيضاً، وهنالك مئات الأبنية المتصدعة التي ستحتاج إلى إزالة أو تدعيم، وهذا يدفعنا للقول إنه لا يمكن الاستمرار بالسماح لأشخاص يمتلكون المال فقط بتنفيذ أبنية يقطنها آلاف السكان وبمواصفات غير آمنة. وأيضا لا بد من تغيير النظام الهندسي الذي يحتاج إلى شركات هندسية لديها كادر هندسي وخبراء، يسمح لهم بتشييد مثل هذه الأبنية.

تدعيم قبل الكارثة

يبين الخبير أنه وباعتبار الكثير من الأبنية في سوريا غير مطابقة للمواصفات، فلا بد من تشكيل لجان هندسية في سوريا للكشف على الأبنية فيما إذا كانت سليمة، وإذا لم تكن كذلك فيجب وضع حلول كالتدعيم، ولا يمكن انتظار حدوث زلزال آخر في مدن أخرى، وإلا سنجد مئات الضحايا والبيوت المدمرة.

وتابع ملحم: لا يمكن أن يبقى النظام الهندسي هو نظام المقاولات، ولا بد من وجود ضوابط ومحاسبة كل من يتسبب بإزهاق أرواح الناس.

كشف ميداني

يقترح الخبير ملحم أن يكون هنالك لجان هندسية تكشف على الأبنية المتصدعة لتحديد أسباب التصدع ومن هو المسؤول؛ هل السبب في سوء نوعية المواد المستخدمة، أو عدم التقيد بالمواصفات، ومن قام بعملية التنفيذ.

وأوضح أنه يمكن معرفة أسباب الخلل حتى في الأبنية المنهارة، إذ يوجد هنالك طرق لتحديد أسباب الانهيار، وإذا كان السبب هو المقاول فعندها يجب محاسبته حتى لا تتكرر المآسي مرة أخرى.

مناطق المخالفات

و عن رأيه بمصير مناطق المخالفات مع الزلازل، يرى ملحم أنه يوجد الكثير من الأحياء في المدن السورية تصنف ضمن مناطق المخالفات، وهذه المناطق فيها أبنية لا تحقق أي مواصفات أو شروط، وقد ينهار الكثير منها عند حدوث زلازل بشدات منخفضة.

واقترح وضع نظام جديد للبناء يتم بموجبه إعادة تنظيم هذه الأحياء ، وتنفيذ مباني جديدة بمواصفات تحقق السلامة للناس وبمنظر أجمل، وإلا سنشهد مع كل زلزل لا تتجاوز شدته 5 ريختر وما فوق ضحايا كثر.

فالق البحر الميت

وعن إمكانية حدوث زلازل أخرى بعد زلزال تركيا، قال ملحم إنه تم تفريغ الطاقة في المنطقة التي حصل فيها الزلزال، ولكن نعلم أن هنالك فالق البحر الميت الذي يمتد على طوله 1000 كم، وهو يعبر الأراضي السورية، ويمكن أن يحدث تفريغ للطاقة في مكان آخر، وحدوث زلزال آخر وبالتالي لا بد من المبادرة فوراً لاتخاذ كافة التدابير للتأكد من المنشآت الهندسية وتوعية الناس بضرورة ترميم أبنيتهم، ولا بد من الكشف الدوري على المباني، لتأمين سلامة السكان وبالتالي يمكن الارتقاء بالعمل الهندسي.

تاريخ الزلازل

يشير الخبير عصام ملحم إلى أن من يطّلع على التاريخ الزلزالي في سوريا، وتاريخ حدوث الزلازل يعرف أنه سيحدث الزلزال خلال هذه الفترة، لأن هنالك دورة زلزالية كل 250 عام تقريباً، وآخر زلزال مدمر حصل في 1759 في سوريا، أي قبل نحو 250 عام، وبالتالي من المتوقع حدوث الزلازل، ولكن لا يوجد أي دولة في العالم تعرف لحظة حصول الزلزال، ولا يوجد وسائل لتحديد الزمن واليوم والساعة، لكن يمكن توقع الفترة التي يمكن أن يحدث فيها، وكذلك لا يوجد دولة في العالم تستطيع منع حدوث الزلزال، ولكن يمكن اتخاذ تدابير تخفف من عدد الضحايا، فيجب العمل عليها وتنفيذ منشآت تحقق الشروط وتخفف الآثار التدميرية عند حدوثه.

http://لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

Exit mobile version