Site icon هاشتاغ

طرق الزواج السورية تنتقل إلى ألمانيا.. مطلوب: شقراء بيضاء طويلة وملتزمة

طرق الزواج السورية

طرق الزواج السورية

ألمانيا – رغد البني
بأصابع مرتجفة، وقلب يخشى ردات الفعل العنيفة، عبرت “رحاب الباشا” وهي سيدة مقيمة في سورية في منشور على صفحة مغلقة لنساء سوريات في ألمانيا عن رغبتها بإيجاد عروس سورية “بيضاء شقراء طويلة” لابنها الطبيب..

أما سبب خوفها فهو مجاهرتها بالمواصفات الشكلية للعروس المطلوبة، إذ يعد ذلك نوعاً من الإهانة الكبيرة في بلد كألمانيا، بينما هو في سورية أمر طبيعي، لا يستوقف كثيرين، والسبب هو زيادة عدد الشبان السوريين في ألمانيا عن الفتيات بمعدل الضعفين، كون أغلب الشباب السوريين هاجروا للخارج فيما زادت نسبة الشابات غير المتزوجات في سورية.

وصار الحديث عن أية مواصفات شكلية للعروس المطلوبة في ألمانيا مدعاة للسخرية والتهجم على طالب الزواج وأهله معا.
تقول الأم رحاب إنها حينما أعلنت لأول مرة عن رغبتها بإيجاد زوج لابنها كانت تشعر بالثقة كون ابنها طبيب في ألمانيا وحالته المادية والاجتماعية جيدة، ولكن حينما واجهت السخرية ولم تجد من يتحمس لفكرة الزواج، أعادت كتابة المنشور نفسه بخوف، إذ أنها لم تعد ترغب بسماع أو قراءة الكلمات الساخرة، ومن جهة أخرى فهي مضطرة لهذا الأسلوب لأن ابنها وحيد في ألمانيا “ولا يوجد من يخطب له” على حد قولها، وكونها مقيمة في سورية لا يمكن لها أن تساعده إلا بهذه الطريقة.

انقلاب الحال على “الأمير تشارلز”:

وفيما اقترح البعض عليها استقدام عروس من سورية بناء على عقد عمل الزوج، إلا أن دوامة الدخول في المعاملات والأوراق يصعب الموضوع على بعض الشبان، وهذا أمر تعرفه النساء السوريات في ألمانيا تماماً وبعضهن يكتبن وأسلوب الشماته في كلماتهن. كالقول بأن أم العريس كانت تدخل للبيوت في سورية، لترى إن كان الفتاة مناسبة لابنها أو لا “وكأنه الأمير تشارلز”، والبنات يجب أن يكن وصيفات عنده، لكن المعادلة الآن انقلبت تماماً، وصارت النساء هن الأميرات على حد تعبير إحداهن.
ترفض رحاب فكرة أن يكون هناك تمييز في التعبير عن المواصفات الشكلية لشريك الحياة، أو امتهان للنساء اللواتي لا يمتلكن هذه الصفات، فتقول: كل شاب له ذوق، وكما أن البنات يخترن من يعجبهن، يحق للشاب كذلك أن يختار من تعجبه مواصفاتها وخلقها.. فيما تتساءل الشابة أميرة الرفاعي (لاجئة في ألمانيا) عن معنى اشتراط البعض أن تكون المطلوبة للزواج صيدلانية او طبيبة، “فهل الغرض من هذا الزواج إيجاد شريكة تعمل مع الرجل في المشفى؟ أم شريكة حياة تتفاهم معه ويتقاسمان الحياة بحلوها ومرها؟ تسأل الرفاعي.

“حتى لو كانت مطلقة”:

وتبرز في طلبات الزواج، العقلية المجتمعية المختزنة عن المطلقات والأرامل على اعتبار أنهن أقل درجة عن العازبات، فاللاجئ مهدي النوري يطلب فتاة للزواج حتى لو كانت مطلقة حسب تعبيره، ويقول: نعم لا ننكر أن فرص المطلقات في بلدنا كانت أقل من العزباء وأنا رغم ذلك أقبل.. وكثيرون من اللاجئين تزوجوا سيدات يكبروهن بعدة سنوات أو لديهن أولاد، بحيث بات من النادر أن تجد امرأة سورية غير متزوجة في ألمانيا، إلا في حال كانت هي رافضة للفكرة أو لديها أسبابها الخاصة.
وتسبب هذا الحال بنشاط “سوق الخطابات” ممن يستغلين حاجة الشباب للزواج ويحاولن تنميق “سمسرتهم” بالقول: “نيال من جمع رأسين بالحلال على مخدة واحدة”… دون أن يذكرن العمولة المادية التي يحصلن عليها سلفاً جراء تنسيق لقاء بين شاب وفتاة تقبل اعطائه فرصة التعرف، فإما أن تتم هذه الزيجة أو لا.

“بنور رب العالمين”

بناء على أزمة الزواج التي سببتها قلة عدد الفتيات صار من المخيف لطالب الزواج الحديث عن اشتراطات شكلية، وصارت أغلب الاشتراطات على صفحات زواج السوريين على منصات التواصل الاجتماعي متطابقة متشابهة وهي “بنت حلال آدميه وطلباتها بنور رب العالمين”.
أما الطلب الأخير فيثير هواجس الشبان السوريين بدرجة كبيرة ويعبر عن التخوف من المتطلبات المالية العالية لإتمام الزواج، فالحديث عن الزواج يعني دفع تكاليف ومهور قد تصل إلى 30 ألف يورو. وأحيانا يتعدى مطالب أهل العروس لحدود يعتبرها الشباب تجارية بحته، فالكثيرون تحدثوا، بعد زيارة عائلات فتيات تقدموا لخطوبتهن، عن طلب الأهالي من العريس ابقاء بطاقة ابنتهم البنكية لديهم، فهي لن تشارك معه ولو بسنت واحد، وتحدث آباء آخرون أن هجرة بناتهم معهم ضمن قوارب مطاطية في البحر أو على متن طائرات، كلفتهم أيضاً مبالغ كبيرة تراوحت من 3 إلى 5 الاف يورو وهذا المبلغ يجب أن يدفعه المتقدم للزواج كونه ارتاح من عبء لم الشمل من سورية.

مهور تصل إلى 30 ألف يورو

الاكتفاء المادي منح المرأة استقلالية أكبر، وجعلها حرة ومتأنية أكثر باختياراتها، كما تقول الناشطة النسوية دعد ديوب، وتضيف: بالتأكيد لا أتفق مع تحميل الشاب مبلغ 30 ألف يورو للزواج، فهذا أمر غير منطقي وغير مبرر.
ولكنها من جهة أخرى عزت هذه المغالاة في المهور لتخوف الفتيات من سلوكيات رجال غريبين بالنسبة لهن، فهن لا يعرفن “أصلهم ولا فصلهم” والسؤال عنهم في سورية بات صعبا في ظل نزوح الكثير من العائلات وهجرتها، والقصص عن الرجال الذين تركوا زوجاتهن في سورية ويريدون الزواج بالخارج كثيرة، وتتساءل: كيف يمكن الوثوق برجل ترك زوجته وأولاده في سورية ويريد الزواج مرة أخرى بألمانيا؟
إضافة لتخوفات سببها رجال طلقوا زوجاتهم ورموهم في “كامبات” اللجوء وآخرون أعادوا زوجاتهم لسورية بالحيلة والخديعة من باب حثهن على زيارة أهاليهن، ليشتكوا عليهن لاحقاً ويتسببون بخسارتهن لإقاماتهن خصوصا إذا كانت الاقامات مرتبطة بإقامة الزوج، مثل إقامة الشمل بناء على عقد عمل، حيث يمكن للزوج سحب الإقامة من زوجته لدى طلاقهما إن كانت تحمل هذه الإقامة وليس لديها اقامة لجوء، ولذلك تتساءل السيدات ممن يحملن اقامات “لم شمل” بصورة مستمرة عن كيفية الحصول على إقامة لجوء إنساني تخوفا من نوايا قد يضمرها لهن أزواجهن؟
وتحدثت ديوب عن لقائها مع شاب سوري في مقاطعة هامبورغ، يرفض تسجيل زوجته في دورة لتعلم اللغة الألمانية حتى “لا تتفتح على الحياة وتعرف حقوقها وتقوى عليه” حسب تعبيره فهو يريدها أن تبقى “قطة مغمضة”.

مبررات القتل:

وكذلك تنشط صفحات يديرها رجال على الفيسبوك تسيء لسمعة الفتيات المطلقات، فينشرون القصص تلو القصص عنهن، ووصل الأمر إلى حد دعم الرجال الذين قتلوا زوجاتهم لدى طلب الطلاق والدعاء لهم بالفرج، بل وصار الترحم على زوجة قتلها زوجها محط سخرية، عند بعضهم، والكلمة المكررة لدى كل جريمة قتل يرتكبها سوري بحق زوجة تركته: “أبو مروان فكرة والفكرة لا تموت”..
وأبو مروان هو رجل حلبي قتل طليقته بطريقة هزت الرأي العام العربي والألماني معاً، حيث حمل السكين الملطخة بدمائها مع ابنه الصغير ومشى برفقتها في شوارع ألمانيا مفتخرا بقتل المرأة التي اعتبرها طليقها “ناشزا” كونها تزوجت من رجل آخر..
في حين أن النساء السوريات في ألمانيا اللواتي صرن محط لفت أنظار الجالية العربية من حيث أعدادهن الكبيرة لجهة طلب الطلاق، يعتبرن أن الحملة على النساء المطلقات ظالمة.
تقول ميساء حنون: الكثيرون يرمون الاتهامات جزافا ويصورون المرأة السورية على أنها حسب التعبير الدارج “فلتانة” دون أن يذكروا الأسباب فلا يوجد امرأة مرتاحة مع زوجها تخرب بيتها بيدها ما لم تكن الأسباب قاهرة وتضيف: حينما يدعو الرجل زوجته من سورية إلى ألمانيا بإقامة “لم شمل”، فهذا لا يعني أنه اشتراها ويجب أن تصبح جارية عنده، فهو بحاجة لها كما هي بحاجة له, وفي حال أساء الطرفان معاملة الآخر فيحق للزوجة الانفصال، وتبين أن زوجها كان يضع الحشيش في “الأركيلة” وأنها لم تعلم بفعلته إلا بعد فترة طويلة واكتشفت خيانته الزوجية مع عدة نساء على مواقع التواصل الاجتماعي عدا عن مسألة الضرب والاهانات.

مهور عالية لاختبار النوايا :

وترى الكثير من النسوة أن المهور العالية قد تكون سببا لاختبار نوايا الرجل وصدق رغبته بالاستقرار وبناء العائلة.
تقول اللاجئة ندى طيارة إنها جاءت “لم شمل” منذ 5 سنوات من سورية إلى ألمانيا وتزوجت بمهر رمزي انطلاقا من قناعتها أن المال لا يربط رجل بفتاة، لكن زوجها صار يعيرها لاحقا ويذلها بفضله عليها كونه استقدمها من سورية بعقد عمل. وتبين أنها كشفت خيانته لها عدة مرات مع فتيات يقدم نفسه لهن على أنه أعزب، وهو ما سبب لها أذية نفسية لم تعد معها قادرة على النوم دون مسكنات، ورغم ذلك، كما تقول، كانت تسايره لأن الطلاق يعني سحب إقامة “لم الشمل” منها، وهي تلوم نفسها لأنها لم تحوّل إلى “إقامة لجوء”، علماً أنه فات الأوان بسبب تأخرها في ذلك.

استقبلها بالورود في المطار فهربت:

أما الرجال فيدافعون عن أنفسهم باعتبار أنهم لو لم يريدوا زوجاتهم “لما تعذبوا بإجراءات لم الشمل”، ويرون أن طلب النساء الطلاق بعد وصولهن، هو حيلة بغرض الوصول إلى أوروبا.
يقول عبد الفتاح برنية الذي وصل ألمانيا منذ 6 سنوات، ويعمل في مجال إدارة المكاتب: من الطبيعي أن يكون رد فعل الرجل عنيفاً بعد أن يعرف أنه وقع ضحية لاستغلال زوجته، فالكثير من السيدات رفضن اللقاء بأزواجهن عند وصولهن لمطارات ألمانيا، ويتحدث أن صديقه كان ينتظر زوجته بالمطار بالورود لكنه تفاجأ من أمن المطار الذي أخبره أن زوجته سلمت نفسها للسلطات الأمنية بالمطار قبل لقاء زوجها “المعنف” حسب توصيفها، وبقي ينتظرها ساعات على أمل أن يلتقيها لكنها قدمت طلب “إقامة لجوء” حتى لا يستطيع التحكم بها إن بقيت على اقامة “لم الشمل” المرتبطة به.
وهذه القصص أثارت حفيظة رجال نشطوا في كتابات على مواقع التواصل الاجتماعي محذرين من خيانات النساء بعد لم شملهن أو دفع المهور العالية لهن.
ووصل انعدام الثقة بين الطرفين لدرجة أصبح كل خيار للزواج هو مخيف، فحين تصادف بعض الرجال مشكلة المهور العالية يقولون إنهم يريدون استقدام شابة سورية من الداخل كونها “لم تتعلم حيل السوريات في أوروبا”، في حين يرى آخرون أن هذا ليس حلاً فهناك أيضاً شابات وصلن لمطارات أوروبا طلبن الطلاق، كما أن اجراءات لم الشمل ليست سهلة أيضاُ وتتطلب عملاً براتب صافي بلا ضرائب لا يقل عن 1400 يورو إضافة لوجود منزل يتسع لشخصين عدا عن أوراق أخرى يجب أن تصدق من السفارة الألمانية في بيروت .

صدمة حضارية:

ترى الناشطة النسوية ديوب أن المشكلة تعود بأصلها لصدمة حضارية للطرفين، فالنساء لمسن الحرية من أوسع أبوابها ويرغبن بوضع حد لمعاناة قديمة حتى لو كانت الطريقة غير أخلاقية بعين الرجل وهي تركه في المطار فور وصولها، وكذلك بعض الرجال الذين صارت أوروبا بالنسبة لهم مثل الجنة المفتوحة على كل رغباتهم التي كانوا يحلمون فيها من سورية.
وحينما تصل الأمور بين الطرفين لأعلى درجات الاستفزاز، فلا يكون من أمرهما إلا المهاجمة، فالرجال لا يدخرون الفرصة لتهديد النساء اللواتي رفض الزواج بهم، وتذكيرهن بأنهن سيكبرن ويفوتهن قطار الزواج بسبب اشتراطاتهن الصعبة، والفتيات كذلك يتحدين الشباب ويدعوهن للزواج من ألمانيات لا يطلبن أكثر من خاتم الزواج، وهن يعلمن تمام العلم أن أغلب الشباب السوريين يريدون البقاء ضمن نطاق وضعهم الديني والاجتماعي والزواج من ألمانيا لا يحقق لهم هذه الرغبة.
Exit mobile version