Site icon هاشتاغ

من يستطيع ردع تركيا؟

هاشتاغ_مازن بلال

مع تأكيدات وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، بأن العملية العسكرية في شمال سوريا لن تتأجل، ونفيه أي طلب من قيادات الناتو لتركيا بتأجيلها، فإن التصعيد المقبل لا يبدو جديا فقط وإنما مركزا لتغير الواقع على الحدود السورية – التركية، فالمسألة بالنسبة لقادة العدالة والتنمية متشابكة مع الصراع السياسي الداخلي أكثر من كونها عملية أمنية، ويبدو أن القيادات العسكرية في الناتو تنظر إلى ما سيحدث على أنه ترتيب إقليمي؛ لم يؤثر على التوازنات داخل الحلف في ظل الصراع المحتدم مع موسكو.
بالتأكيد فإن الولايات المتحدة هي أكثر المعنيين بأي معركة على الحدود الشمالية لسوريا، فهي الوحيدة ضمن الناتو التي تملك قوات وتحالفات داخل الجزيرة السورية، والتصعيد المرتقب هو مع حلفائها من “قوات سوريا الديمقراطية”، لكن الإدارة الأمريكية وفق المؤشرات تنظر إلى العملية التركية من نقطتين:
-الأولى أنها لن تطال قواتها ولا المهمة التي تقوم بها في الشمال السوري، حيث يشكل التواجد الأمريكي توازن للقوة مع الوجود الروسي في سوريا، ويؤمن أيضا الرقابة على الحدود العراقية – السورية كي لا تصبح مسرحا للنشاط الإيراني باتجاه سواحل المتوسط.
ليس بالضرورة أن تقوم أنقرة بتقديم ضمانات لواشنطن بشأن تواجد قواتها في محيط الحقول النفطية السورية، فالمهمة التركية مختلفة تماما عن مسألة النفط أو إعادة ربط ضفتي الفرات في سوريا، فتركيا تريد تأسيس إدارات ذاتية تابعة لها في مواجهة “الإدارة الذاتية” الكردية، وهي غير مهتمة بأن تكون هذه “الأجهزة” قادرة على إدارة المناطق التي ستحتلها تركيا، لأن الأهم بالنسبة لها هي القوة البشرية التي ستنقلها باتجاه تلك المناطق، وما تسببه من إرباك لـ”قوات سوريا الديمقراطية” و “إدارتها الذاتية”.
-الثاني هو طبيعة العلاقات الأمريكية مع المنطقة عموما، فالاستراتيجية الأمريكية عموما تجاه سوريا تعتمد على التوازن الذاتي المؤقت، فأي تحول في ميزان القوى تراه من زاوية التأثير على السياسة الروسية عموما، دون الأخذ بعين الاعتبار مصالح حلفائها من “قوات سوريا الديمقراطية”.
تدرك الولايات المتحدة أن خيارات السوريين الأكراد محدودة بعلاقاتهم مع واشنطن، ومن المستبعد حدوث تحولات في موقفهم رغم الجهد الروسي في فتح حوار بينهم وبين الحكومة السورية، وهي تتجاهل اليوم طبيعة التصعيد التركي، فدورها الحقيقي هي في الوساطة خلال الحرب وليس بإيقاف اندلاعها، وبالتأكيد فإن درجة الاهتمام بهذا الأمر بالنسبة لواشنطن تراجعت كثيرا، وهي تراها من منظور أكثر اتساعا من البعد الإقليمي، وإرضاء تركيا بالنسبة لها مسألة ملحة للإبقاء على قوة الناتو في مواجهة روسيا.
إيقاف أنقرة عن عمليتها يبدو مرهونا في هذه اللحظة بتفاهم إقليمي، وهذه المسألة يصعب تحقيقها مادامت القنوات الدبلوماسية الممكنة بين دمشق وأنقرة محصورة بإيران وروسيا، وهو خط أحمر بالنسبة لواشنطن، وهذا ما يجعل تخفيض التصعيد مرهون بمساحة دبلوماسية مختلفة تماما، ورغم أن بوادر ظهور هذه المساحة معدومة حتى اللحظة إلا أنها يمكن أن تظهر إذا قررت بعض الدول العربية التدخل، مثل السعودية أو الإمارات أو الجزائر، ومثل هذا الأمر سيشكل “مشروعا سياسيا” أكثر من كونه “مبادرة” لوقف التصعيد.
يقف الجيش السوري في بعض نقاط التماس ربما كإشارة لكونه الجيش الوطني، وصاحب الحق في الدفاع عن السيادة، ولكن “قوات سوريا الديمقراطية” بتحالفاتها تحول دون إعادة انتشار الجيش السوري، وبالتالي كسر الذرائع التركية لشن عمليتها العسكرية، وربما يشكل انتشار الجيش نقطة الارتكاز لدفع التوازنات السياسية خارج إطار التوتر، أو دفع العمق الإقليمي للمنطقة، متمثلا بدول الخليج بالدرجة الأولى، للعب دور دبلوماسي يضع التوازن الإقليمي في موقع جديد.
Exit mobile version