Site icon هاشتاغ

عُمان في مسار الأزمة السورية

عُمان في مسار الأزمة السورية

عُمان في مسار الأزمة السورية

هاشتاغ-مازن بلال

تظهر سلطنة عمان ضمن الحدث السوري على خلفية تاريخ قريب أتاح ظهور الاتفاق النووي الإيراني، فهي الوسيط الأبرز الذي جعل الخلاف بين طهران والعالم “عملية سياسية” ربما تعثرت مؤخرا، لكنها أتاحت فرص سلام قللت من احتمالات النزاع، وهذه الصورة ستبقى حاضرة مع زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى مسقط، فموقع هذه الزيارة يتجاوز حالة الرمزية لمسألة كسر حاجز المقاطعة العربية؛ وضعنا أمام احتمالات لخلق عملية سياسية مختلفة ربما عن المسارات السابقة.

عمليا فإن زيارة الرئيس بشار الأسد تسترجع خلفية أساسية لسياسة عُمان التي كانت الوسيط الرئيس في “خطة العمل الشاملة المشتركة” (JCPOA) منذ عام 2013، حيث سهلت المحادثات السرية بين الولايات المتحدة وإيران، وكانت أول مباحثات مباشرة بين البلدين منذ أكثر من ثلاثة عقود، وفي عام 2015 استضافت محادثات بين إيران ومجموعة 5 + 1 (الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، بالإضافة إلى ألمانيا) التي أدت توقيع خطة العمل الشاملة المشتركة.

العام الحدث
2010 استضافة عمان محادثات سرية بين المسؤولين الإيرانيين والأمريكيين، والتي أعدت المسرح للمفاوضات المستقبلية.
2013-2015 ساعدت عمان في عدة جولات من المحادثات بين إيران ودول P5+1 (الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة)، مما أدى إلى اتفاق إطاري في أبريل 2015.
تموز 2015 سمحت عمان لمسؤولين أمريكيين باستخدام قاعدة جوية على أراضيها لإجراء مراقبة على إيران، مما ساعد على التحقق من الامتثال الإيراني للاتفاق.
كانون الثاني 2016 استضافت عمان اجتماعًا بين مسؤولين أمريكيين وإيرانيين لمناقشة إطلاق سراح الأسرى الأمريكيين المحتجزين في إيران، والذي تم على نفس اليوم الذي تم فيه تنفيذ الاتفاق النووي.
 أيار 2018 لعبت عمان دورًا وسيطًا في المحادثات بين إيران والولايات المتحدة بشأن مصير الاتفاق النووي، بعد قرار الولايات المتحدة بالانسحاب من الاتفاق.

يمكن الاستناد إلى هذا الدور العماني لقراءة جانب من زيارة الرئيس السوري، على الأخص أن العلاقة بين دمشق ومسقط كانت الأكثر هدوء وسط المواقف العربية خلال الأزمة السورية، رغم أن سياسة البلدين تعد الأقصر بين دول الخليج، فاعتراف السلطنة باستقلال سورية جاء متأخرا، وبعد وصول السلطان قابوس إلى سدة السلطة، ومقارنة بباقي دول الخليج كانت السلطنة بعيدة نوعا ما عند الأحداث الحساسة المرتبطة بسورية، وخصوصا في الصراع العربي – الإسرائيلي أو حتى في طبيعة التوازن الإقليمي من بداية النصف الثاني من القرن العشرين.

لم تنغمس عُمان في مسألة التنافس السياسي الحاد الذي فرضته حالة الاستقطاب خلال الخمسينيات، فرغم أن استقلال السلطنة كان في عام 1951 لكن حالة استقرار الدولة لم يحدث إلا بعد انتهاء ثورة ظفار التي رافقت فترة الستينيات وبداية السبعينيات، وتأثرت هذا السلطنة بأحداث اليمن والتدخل المصري خلال تلك المرحلة، وبغض النظر عن التفاصيل التي قادت في النهاية إلى خلق استقرار ظهر بوضوح بعد عام 1976، إلا أن الشكل السياسي العام للسلطنة تميز بالنسبة لسورية، وحتى إقليميا بثلاث أمور أساسية:

في مرحلة الاضطرابات وخلال “ثورة ظفار” ساعد الشاه السلطنة في إنهاء التمرد، لكن هذا الأمر لم يؤثر لاحقا على العلاقة مع إيران في ظل حكم الثورة الإسلامية، وعلى عكش العديد من دول الخليج فإن الحذر من السلطة السياسية الجديدة في طهران لم يدفع مسقط إلى حالة عدائية مطلقة، فكانت عمان واحدة من دول الخليج القليلة التي أقامت علاقات دبلوماسية مع إيران بعد الثورة. عام 1980 ، وبعث السلطان قابوس بن سعيد ، برسالة تهنئة إلى آية الله روح الله الخميني بمناسبة الذكرى الأولى للثورة الإيرانية، ولاحقا لعبت عُمان دور الوساطة بين إيران والعراق خلال الحرب العراقية الإيرانية، واستضافت عمان محادثات سرية بين الجانبين في عام 1982 أسفرت عن وقف إطلاق النار، وساعدت في التوسط في اتفاق الجزائر عام 1988 الذي أنهى الحرب، وبالتأكيد فإن “دور الوسيط” استمر لمراحل لاحقة خصوصا في مسألة التوصل للاتفاق النووي الإيراني.

Sure, here is the table with the translated events in Arabic:

العام الحدث
١٩٧١ عمان تعترف بسيادة إيران على جزر تونب الكبرى والصغرى وأبو موسى
١٩٧٩ الثورة الإسلامية في إيران
١٩٨٠ بدء الحرب الإيرانية العراقية
١٩٨١ زيارة السلطان قابوس لإيران ولقاءه بآية الله الخميني
١٩٩١ انتهاء الحرب الإيرانية العراقية
١٩٩٣ توقيع اتفاقية أمن بين إيران وعمان
٢٠٠٢ توقيع اتفاقية تجارية بين إيران وعمان
٢٠٠٤ توقيع اتفاقية دفاع مشترك بين إيران وعمان
٢٠١٠ عمان تعمل كوسيط في محادثات سرية بين الولايات المتحدة وإيران
٢٠١٣ زيارة الرئيس الإيراني روحاني لعمان ولقائه بالسلطان قابوس
٢٠١٥ توصل إيران والدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا (P5+1) إلى اتفاق نووي
٢٠١٦ عمان تعمل كوسيط في محادثات بين الحوثيين والسعودية في اليمن
٢٠١٨ زيارة الرئيس الإيراني روحاني لعمان ولقائه بالسلطان قابوس
٢٠٢٠ توقيع اتفاقية بين إيران وعمان لتعزيز التعاون العسكري

“جدول يبين تاريخ العلاقات بيت إيران وسلطنة عُمان”

تاريخيا دعمت مسقط منظمة التحرير الفلسطينية واعترفت بها كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، وسمحت لها بفتح مكتب في مسقط، لكن هذا الموقف تجاوب في تسعينيات القرن الماضي مع التحولات التي أنتجت “عملية السلام” و “اتفاقيات أوسلو”، وفي عام 1994 كانت عُمان أول دولة خليجية تستضيف “رئيس الوزراء الإسرائيلي” وعراب عملية السلام إسحق رابين البلاد، واعتبرت أن هذه “الاستضافة محاولة لتعزيز السلام والحوار بين إسرائيل والفلسطينيين، ولا سمكن فصل هذا الموقف عن استراتيجية التوازن المعتمدة من قبل السلطنة تجاه المنطقة عموما، فهي وبعد تجربة “ثورة ظفار” استندت إلى درء المخاطر الناجمة عن موقعها الجغرافي عبر هذه الاستراتيجية.

السنة الحدث العلاقة مع إسرائيل العلاقة مع السلطة الوطنية الفلسطينية
1971 تأسيس السلطنة ولم تكن هناك علاقة رسمية مع إسرائيل
1973 حرب أكتوبر دعم عربي للفلسطينيين ، ولكن لم تشارك السلطنة في الحرب دعم عربي للفلسطينيين
1988 إعلان الدولة الفلسطينية دعم الدول العربية للقضية الفلسطينية ودعم عربي للمقاطعة الاقتصادية لإسرائيل دعم الدول العربية للقضية الفلسطينية
1993 اتفاق أوسلو رفع حظر الطيران عن إسرائيل ودخول رسمي للعلاقات السرية بين السلطنة وإسرائيل دعم العملية السلمية
1994 معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية رفع الحظر عن السفن الإسرائيلية في موانئ السلطنة دعم العملية السلمية
1995 إسرائيل تفتح مكتب اتصال في مسقط دعم العملية السلمية
2000 انتفاضة الأقصى إعلان الدعم للفلسطينيين وإغلاق المكتب الإسرائيلي في مسقط دعم العملية السلمية
2008 الحصار على غزة إرسال مساعدات إلى غزة دعم العملية السلمية وإرسال المساعدات إلى غزة
2010 الحرية للأسير الفلسطيني إطلاق سراح الأسير الفلسطيني حمودة الطلحي بعد زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو للسلطنة دعم العملية السلم

“جدول يبين طبيعة العلاقات للسلطنة مع المسألة الفلسطينية”

حافظت سلطنة عمان بشكل عام على موقف محايد تجاه الأزمة السورية، داعية إلى حل سلمي، ورغم التزامها بموقف مجلس التعاون الخليجي بسحب السفراء من دمشق عام 2012 لكنها لم تقطع عمان علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا وأبقت على سفارتها في دمشق، وقدمت مساعدات إنسانية للاجئين والنازحين السوريين، فمنذ عام 2012 تعهدت عمان بتقديم مليوني دولار لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لمساعدة اللاجئين السوريين في الأردن ولبنان وتركيا، وتبرعت عام 2013 بمليوني دولار لبرنامج الغذاء العالمي لتقديم مساعدات غذائية للاجئين السوريين، وفي عام 2017 استضافت اجتماعا بين جماعات المعارضة السورية وممثلي الحكومة السورية في محاولة لإيجاد حل سلمي للصراع.

السنة حجم التبادل التجاري (بالمليون دولار) تاريخ الأحداث الدبلوماسية
1970 0.2 تأسيس العلاقات الدبلوماسية
1975 2.3 زيارة الرئيس العماني إلى سوريا
1980 5.5 زيارة الرئيس السوري إلى عمان
1985 12.7 توقيع اتفاقية التعاون الثنائي
1990 16.8 تحسين العلاقات الدبلوماسية
1995 22.4 زيارة السلطان العماني إلى سوريا
2000 34.6 تعزيز التعاون الدبلوماسي والتجاري
2005 47.2 زيارة وزير الخارجية السوري إلى عمان
2010 61.3 توقيع اتفاقية التجارة الحرة
2015 74.1 تعزيز التعاون الثنائي في مجالات عدة
2020 85.6 زيارة وزير الخارجية العماني إلى سوريا

“جدول يوضح طبيعة العلاقات بين عُمان وسوريا”

السؤال الأساسي بعد زيارة الرئيس السوري مرتبطة بالاستراتيجية السياسية لسلطنة عُمان، فهل يمكن الحديث عن دخولها كوسيط أساسي في حل الأزمة السورية؟ هناك مؤشرات مختلفة عن استنزاف كامل للعديد من الأدوار الدولية والإقليمية بخصوص سوريا، وإذا كان هناك قرار أممي بخصوص الحل النهائي يصعب تجاوزه، لكن العوامل الرئيسة في القرار تشكل نقطة ارتكاز أي وساطة اليوم؛ ابتداء من اللجنة الدستورية وصولا إلى الحل النهائي، فهناك عملية سياسية يمكن أن تواكب مراحل الخروج من الأزمة وفق القرار الدولي.

الانفراج عمليا يبدأ بكسر “جليد” العلاقات ليس بين سورية والنظام العربي أو حتى الدولي، بل في طبيعة الثقة بحلول الأزمة السورية عبر المسار السياسي، وربما تشكل بعض الأدوار العربية المفتاح الأساسي لهذا الموضوع وعلى الأخص عُمان التي لم تدخل في المنافسة السياسية في سورية منذ عام 2011، ورغم أن إمكانية الوساطة ما تزال في مسار صعب لكن المباحثات على مستوى القيادات السياسية العليا تعني ظهور مناخ على الأقل ربما يساعد في الدخول إلى مرحلة مختلفة في العملية السياسية لسورية.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام
Exit mobile version