Site icon هاشتاغ

غضب بين أقباط مصر بسبب فيديوهات “البرنس المصري”.. اختبار جديد للعلاقة “الملتبسة” بين المسيحيين والمسلمين

هاشتاغ – ناديا مبروك (القاهرة)

بزي راهب مسيحي، حاملاً الصليب مقلوباً رأسا على عقب في يد، وفي الاخرى الإنجيل، ظهر “التيك توكر”. أطلق على نفسه لقب “البرنس المصري” في فيديوهات أساء فيها للدين المسيحي، وروج لأفكار مغلوطة حول المسيحية، تصفها بالكفر وتصف رجال الدين المسيحيين بالإباحية، قبل أن يحرق الكتاب المقدس ويكسر الصليب في مشهد أثار غضب الأقباط في مصر، وتم تداول هذا الغضب داخل المنتديات والمواقع المسيحية.

والبرنس المصري هو لقب لناشط على تطبيق “تيك توك”، ورغم شهرته لا يعرف أي بيانات عنه سوى هذا اللقب، بث العديد من الفيديوهات المسيئة، قبل أن يبرر بأنه لديه بعض الطلبات من البابا تواضروس أهمها خلع زكريا بطرس، ومنع بعض الحسابات التي سماها على التيك توك من الحديث أو التبشير بمناقشة الكتب الإسلامية.

واعتبر أن عدم تنفيذ هذه المطالب هو اعتداء من الكنيسة على الدين الإسلامي لذلك فهو لم يعتدي، وإنما يدافع عن الدين، ورغم إغلاق حسابه أكثر من مرة عبر بلاغات إلا أنه كان يستمر بإنشاء حسابات جديدة.

وزكريا بطرس هو قس أرذثوكسي، يعيش بالولايات المتحدة، دأب على الظهور على قنوات فضائية تبث من الخارج، والإساءة للدين الإسلامي، إلا أن الكنيسة المصرية قامت جراء هذه التصرفات بخلعه قبل 18 عاماً في ظل فترة بابوية البابا شنودة الثالث، وهو ما دفع بطرس لاتهام البابا بنفاق المسلمين.

قبل أربعة أيام أصدرت النيابة العامة المصرية بيانا قالت فيه “إن النائب العام المستشار حمادة الصاوي أمر باتخاذ إجراءات التحقيق في المنشورات المتداولة بمواقع التواصل الاجتماعي المنسوبة لمن يُدعى “البرنس المصري “، والمتضمنة ازدراءً للدين المسيحي.

وأضاف البيان “رصدت إدارة البيان بمكتب النائب العام تداول منشورات ومقاطع مرئية عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة من حسابات متعددة يظهر فيها شخص لُقب بـ” البرنس المصري ” والتي تضمنت ارتكابه عدة جرائم، منها استغلاله الدين في الترويج لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة وازدراء الدين المسيحي السماوي، والإخوة المسيحيين، والإضرار بالوحدة الوطنية.

وأعدت تقريرًا مفصلًا بما تم تداوله من مقاطع بكافَّة مواقع التواصل الاجتماعي، وتحفَّظت على ما تضمنته هذه المقاطع من أدلة ضدَّ مرتكب تلك الجرائم، وبعرضه على النائب العام أمر باتخاذ إجراءات التحقيق العاجل في الواقعة”.

حالة البرنس ليست الحالة الوحيدة لازدراء الدين المسيحي في الفترة الأخيرة، إذ يخضع حالياً الداعية الإسلامي مبروك عطية للمحاكمة بتهمة ازدراء الدين المسيحي، بعد فيديو تناول فيه موعظة الجبل للسيد المسيح رفض فيه ذكر لقب السيد المسيح، قائل “بلا السيد المسيح بلا …كلهم أسيادنا”.

عقب الفيديو قام محامي مصري بتحريك جنحة مباشرة ضد عطية بحسب القانون المصري، وقال المحامي في دعواه “إن الداعية “مبروك عطية” قصد وبكل إرادة أن يهين ويزدري الديانة المسيحية، لا بل أيضًا ازدراء الدين الإسلامي لأن الديانتين قد اجتمعا على تكريم السيد المسيح ووصفه بكل إجلال وتقدير وكرامة ومن هنا توفر القصد الجنائي”.

من جانبه يقول د.فتحي الفقي عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن الإسلام لا يرضى بالإساءة لأي دين، خاصة الأديان السماوية، لأن المسلم ملزم بالايمان بكافة الرسل والأديان السماوية، كما يقول القرآن الكريم “لكم دينكم ولي دين”.

وأضاف الفقي لـ هاشتاغ أن القرآن قال في محكم آياته “وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ كَذَٰلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ”، وهنا نهى القرآن عن الإساءة للديانات الوضعية، حتى لا يسب أصحابها الله والإسلام بغير علم، وهذا من باب سد الذرائع، فكيف يرضى الإسلام عن سب دين سماوي؟.

وأوضح الفقي أن التيك توكر المذكور لم ينصر الدين الإسلامي كما يدعي، فهو نفّر غير المسلمين من دينه، و أساء للدين الإسلامي قبل الإساءة لأي دين آخر، فنحن نقول “لا تحدث الناس عن الإسلام، وإنما دعهم يرون الاسلام في افعالك”، وروي عن عمرو بن العاص أنه حين رأي الصليب في الكنيسة عليه تراب قام بمسحه بثوبه، وهو ما يدل على احترام الإسلام لكافة الديانات.

اتهامات مقابلة

في المقابل، يخضع العديد من المسيحيين لمحاكمات بتهم ازدراء الدين الإسلامي، كان آخرها لطالب قبل شهرين وفق ما أعلنته جامعة مصرية خاصة بعد اتهامه بازدراء الدين الإسلامي، وجاء قرار الفصل اعتماداً على تحقيقات مجلس التأديب بالجامعة.

ونشرت الجامعة في نص قرارها “أن الطالب ثبت عليه واقعة ازدراء الدين الإسلامى والإساءة للإسلام والنبى محمد صلى الله عليه وسلم، والسيدة عائشة رضى الله عنها، واعترافه بالمخالفة وأن الألفاظ النابية صادرة منه واعتذر كتابة عن ذلك”.

وفي فبراير/ شباط الماضي، حكمت محكمة مصرية على شاب مصري بالحبس خمس سنوات لاتهامه بازدراء الدين الإسلامي، بعدما وجد على هاتفه المحمول صور جنسية اعتبرتها النيابة إساءة للدين الاسلامي، رغم إنكار الشاب نشرها.

وفي 2016 حكمت محكمة مصرية على 5 طلاب نشروا وصوروا فيديو عن ممارسات “داعش”، إلا أن المحكمة اعتبرت الفيديو مسيئ للدين الإسلامي، وحكمت على 4 من المتهمين بالحبس 5 سنوات، وإيداع المتهم الرابع المؤسسة العقابية.

من جانبه يرى الكاتب القبطي كمال زاخر أن أزمة ازدراء الدين المسيحي لها عدة جوانب، فهناك وقائع ترجع للتراكمات التاريخية من مفاهيم مغلوطة عن المسيحيين، ومنها ما هو إفراز للصراع السياسي مع جماعات الإسلام السياسي التي تري في أقباط مصر عقبة أمام أحلامهم، ومنها ما يقع في دوائر المؤامرة ويتجاوز حدود الدولة.

وأضاف: أعتقد أن واقعة التيك توكر الأخيرة تجمع ما بين التيارات المتشددة وربما أجهزة مخابراتية إقليمية ودولية، لأنه لم يكتفِ ببث سمومه في فيديو يهين فيه الدين المسيحي، وإنما لجأ لتأجيج الفتنة بالقول إن ما يفعله هو رد فعل وليس فعل.

وقال زاخر لـ هاشتاغ إن الأزمة تكمن في ترك مواجهة مثل هذه الوقائع للجهات الأمنية التي في الغالب تفتقر للحس السياسي والقراءة المتبصرة للتداعيات المجتمعية لمثل هذه الوقائع، وتسمح للقوى المناوئة والمتشددة المتربصة بالمراكمة عليها، لذلك أعتقد أن على الدولة أن تنتبه لخطورة التعاطى الأمني المنفرد وتفسح مساحة للعمل السياسي والإعلامي التنويري وتجفيف المنابع المغذية لهذه التوجهات.

وأضاف زاخر أنه بسبب التعامل الأمني الذي يفتقد للحس السياسي، فإن العديد من الأقباط وغيرهم تتم محاكمتهم بسبب تهمة ازدراء الأديان خوفاً فقط من رد فعل التيارات الراديكالية الإسلامية العنيف حال عدم القبض على المتهمين، مشيراً إلى أن المواد المستخدمة في قضايا ازدراء الأديان مطاطة، ولا تجرم ما يقوم به بعض رجال الدين المتشددين الذين يسيئون للدين المسيحي بزعم أن ما يقولوه هو من تفسيرات الدين، رغم القبض على مفكرين مسلمين لمجرد مناقشة نفس هذه الآراء.

تحسن الأوضاع.. ولكن

وشهد عهد الرئيس السيسي تحسن في أوضاع الأقباط في مصر، حيث استطاعوا للمرة الأولى تقنين الكنائس المقامة دون ترخيص، وبناء العديد من الكنائس الجديدة، بالإضافة إلى حرص الرئيس السيسي أكثر من مرة على حضور قداسات أعيادهم بدلا من إيفاد مندوب، والحرص على الثأر لوقائع استهداف الأقباط في مصر أو خارجها.

إلا أن هناك العديد من وقائع العنف التي شابت العلاقة بين الأقباط والدولة، على رأسها قضية تعرية السيدة سعاد ثابت أو سيدة الكرم.

وتعود واقعة سيدة الكرم، لعام 2016 حيث اندلعت أحداث عنف بين مسلمين ومسيحيين بقرية الكرم في محافظة المنيا، بسبب شائعة حول علاقة بين سيدة مسلمة متزوجة وشاب مسيحي.

وعلى إثرها تمت مهاجمة الأقباط في القرية فيما يشبه العقاب الجماعي، وضمن أحداث العنف تم تمزيق ملابس السيدة التي تبلغ من العمر 76 عاماً حالياً.

وحكم على المعتدين على سيدة الكرم بالسجن لمدة 10 سنوات في يناير، كانون الثاني 2020، قبل أن يتم تبرئتهم لعدم كفاية الأدلة في ديسمبر / كانون الأول من العام نفسه، قبل أن يطعن النائب العام بالحكم.

وتسبب قرار البراءة في غضب كبير في أوساط الأقباط في مصر.

وبعد هذه الواقعة بعامين، في 2018 شهدت قرية دمشاو هاشم بمحافظة المنيا أحداث عنف جراء شائعة تحويل منزل لكنيسة في القرية، وذلك بعد أيام بسيطة من الاعتداء على كنيسة في قرية مجاورة.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام
Exit mobile version