Site icon هاشتاغ

تعددت الأسباب و الهدف واحد.. فتيات سوريات يسافرن هرباً من الأوضاع الاقتصادية الخانقة

هاشتاغ_ زينا صقر
أُضيفت إلى مشكلات الواقع السوري، مشكلة لا تختلف كثيراً عن سابقاتها وهي هجرة الشابات السوريات؛ ولاسيما في الآونة الأخيرة، حيث لُوحظ سفر عدد كبير من الفتيات إلى دول أوروبا أو بعض الدول العربية، و كل منهن لديها أسبابها التي دفعتها لاتخاذ هذا القرار .
يعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور علاء الأصفري في حديث لـ”هاشتاغ”، أن مشكلة هجرة الفتيات السوريات إلى الخارج، تشير إلى عمق الأزمة السورية، وأنها أصابت المجتمع السوري بالصميم. مشيراً إلى أن الأزمة السورية أصابت الاقتصاد السوري الذي أثر بشكل مباشر على لقمة المواطن، و الذي بدأ في البحث عن طرق لتأمين قوته.
وبيّن الأصفري، أن توقف عدد كبير من المعامل عن الإنتاج، وهجرة الشبان، أرخت بثقلها أيضا على الوضع الاقتصادي؛ لأن عددا كبيرا من الأيدي العاملة أصبحت عاطلة عن العمل، فما كان من النساء والشابات إلا البحث عن مورد لمساعدة أسرهن؛ فلجأن للسفر الذي يوفر لهن و لأسرهن مدخول جيد وحياة كريمة.
و تابع :”كما أن شح فرص العمل نتيجة العقوبات و اختفاء شركات كبيرة من سوق العمل و انهيار القطاع الاقتصادي و التأخر ببدء الإعمار بسبب الحصار على سورية؛ كلها أسباب أدت لانتشار البطالة و ساهمت بإيجاد السفر بوابة لفرصة عمل مناسبة.
الآثار السلبية لسفر الشابات
الخبير الإقتصادي رأى أن هجرة الشابات سوف تنعكس على الاقتصاد السوري بشكل سلبي، وإذا ما استمرت بنفس الوتيرة فسوف يصبح هناك خلل بنسبة الرجال و النساء في سورية. متمنياً معالجة هذه المشكلة قبل أن تتحول إلى ظاهرة مجتمعية تؤثر على جميع مفاصل الحياة مضيفا: ولكن، باعتقادي أن البدء بإعادة الإعمار سوف تدفع بالكثير منهم للعودة الى الوطن”.
نساء معيلات
من جهتها، قالت الباحثة الاجتماعية بشرى عوض: ” ترتب على الأزمة السورية من تداعيات سياسية واقتصادية واجتماعية جمّة، هجرة الفتيات هي إحدى تلك التداعيات التي طفت في الأونة الأخيرة على السطح في المجتمع السوري.
ولفتت عوض في تصريح خاص لـ”هاشتاغ”، إلى أن أبرز العوامل الكامنة وراء هذه المشكلة هو تحوّل المرأة السورية خلال السنوات الأخيرة إلى معيل، نتيجة حالة الفقد التي أصابت معظم النساء والفتيات السوريات، فمنهن من فقدت أب أو زوج أو أخ، ما اضطرها لتأخذ مكانه و تصبح مسؤولة عن أسرتها لتلبية احتياجاتها.
عوض أرجعت مشكلة سفر الشابات إلى تأخر سن الزواج، و ارتفاع المستوى التعليمي للفتيات عن السابق، مضيفة: “أيضا مساحة الحرية التي أُعطيت للنساء في بعض المجتمعات، والتي كانت سابقاً غير ممنوحة لها، و بالتالي أصبح التفكير بتوسيع مجالات عملها و تحركاتها أكبر من ذي قبل”.
وأخيرا والسبب الأهم، بحسب عوض، هو البحث عن فرص عمل، نتيجة شحها في سورية، و تحسين الوضع الاقتصادي، كل هذه الأسباب جعلت من الشابات يبحثن عن مستقبلهن خارج سورية.
مجتمع كهل
أكدت عوض أنه سيترتب على استمرار هجرة الشابات السوريات نتائج سلبية، وأهمها: إفراغ المجتمع السوري من طاقاته و كوادره البشرية، خاصة أن الفئة العمرية التي تهاجر تقع عليها مسؤولية البناء والتغيير والتطور في المجتمعات.
وتابعت عوض : “لا ننكر أن هناك أزمة اقتصادية خانقة، ولكن عملية بناء المجتمعات تقع على عاتقنا، فالبلدان تحتاج إلى طاقاتها و كوادرها الشابة، وإلا سوف نكون أمام مجتمع كهل غير قادر على الإنتاج وبالنتيجة تحوله إلى مجتمع مستهلك فقط؛ وهذه مشكلة حقيقة أصابت العديد من دول أوروبا، لذلك هناك مسؤولية مشتركة بين أصحاب القرار، بتأمين فرص العمل و بالتالي ضمان دخل يتناسب مع ارتفاع مستوى المعيشة، ومساعدتهم في مواجهة أزماتهم.
هربت من غلاء أجارات المنازل
ميرا حموي فتاة تخرجت من جامعة دمشق – كلية التربية (قسم تقنيات ومناهج)، تبلغ من العمر26 عاماً، تقول في تصريح لـ”هاشتاغ”: “اخترت السفر إلى مصر بحثا عن حياة كريمة، هنا لا أحمل عبء الغاز والمازوت والكهرباء و ذل المواصلات، ولكن السبب الرئيسي للتفكير بالهجرة هو تأمين سكن يتناسب مع دخل عائلتي”.
وتابعت حموي:” كنت أسكن مع عائلتي في دمشق في شارع بغداد بمنزل مستأجر، وعندما رفع صاحب المنزل الأجاره الشهري لضعفين، وجدت أنه لاحل أمامنا سوى السفر أو نبقى على الرصيف، فلا يعقل أن أتقاضى راتب 70 ألف و أجار منزلي 600 ألف ليرة سورية”.
وقالت :” أعمل حاليا في شركة شحن و أنا راضية عما أتقاضاه، الحياة هنا لا تختلف عن دمشق إلا بالحاجات الأساسية المتاحة فقط، فالمواصلات على سبيل المثال مؤمنة بسهولة، هنا أعيش حياة عادية، ليست مرفهة و إنما لا أحتاج شيء، وهذا ما كنت أبحث عنه عندما فكرت بالسفر، ألا أحتاج أحد”.
نسينا أنفسنا
بدورها زينب ناصر قالت لـ”هاشتاغ” :” بعد أن تخرجت من كلية الهندسة المعمارية قسم التصميم – جامعة تشرين بدرجة ممتاز، لم أجد صعوبة كبيرة بإيجاد فرصة عمل، فقد عملت مدرسة في جامعة تشرين و الأندلس، و لكني لم أجد نفسي هناك”. مشيرة إلى أن الحرب في سورية والأزمة الإقتصادية الخانقة جعلت منا أشخاصاً مؤطرين بهموم تأمين مستلزماتنا الحياتية، ولا نهتم بعامل التطوير الذاتي.
ووفقاً لزينب ذات ال25 عاماً، فإن الهدف الأساسي من قرارها بالسفر، هو إكمال دراستها، و خوض تجارب جديدة، والتعرف على ثقافات أخرى، ” وكون السفر الى إيطاليا البلد الذي اخترته مكلف جدا، بدأت بتطوير ذاتي و صقل شهاداتي حتى حصلت على تمويل المنحة التعليمية”.
وتشير زينب الى أنها اختارت إيطاليا كونها بلد رائدة بالعمارة وتضم آثاراً كثيرة، و هذا من ضمن تخصصها و هو تخصص مطلوب مضيفة: “السفر بالنسبة لي هو وسيلتي لمتابعة بناء مستقبلي بالطريقة الأمثل، و تطبيق ما درسته في بلدي عندما أعود إليه”.
تعددت الأسباب و السفر واحد
أما سمر فارس، أكدت أن أوضاع البلد أثرت عليها وعلى عائلتها بشكل كبير، وأجبرتها على التفكير في السفر إلى الإمارات العربية المتحدة وتقول “عدا عن خسارتي لأشخاص قريبين مني، لم أجد فرصة عمل مناسبة، فأنا خريجة رياض أطفال و عملت لسنتين في روضتين مختلفتين، ولكن الراتب كان لا يكفي أجار المواصلات”.
وأكملت:” فكرت أن أسافر لأساعد عائلتي بدخل يضمن لهم حياة جيدة دون أن يحتاجوا أحد، فنحن نعاني من منتصف الشهر من شح المواد الغذائية الأساسية، بالإضافة الى صعوبة الحصول على الدواء لأبي”.
سمر والتي تبلغ من العمر 28 عاماً، نوهّت في نهاية حديثها مع “هاشتاغ”، إلى أن من يختار السفر هو مرغم على ذلك .. وتختم “كنت أتمنى البقاء بين أفراد أسرتي لكني فضلت الابتعاد لأتمكن من تأمين الحد الأدنى من الحياة الكريمة لهم”.
Exit mobile version