Site icon هاشتاغ

فلتان الأسواق السورية.. بين الأسباب العالمية والسياسات الاقتصادية

الأسواق السورية

هاشتاغ- رضا الباشا

بنظرة سريعة إلى الأسعار في السوق، سنلاحظ أن ارتفاع الأسعار خلال الأيام العشرة الماضية تراوح بين 120% لبعض السلع و 40% لسلع أخرى.
هنا يبرز السؤال الأهم إلى الواجهة: من يتحمل المسؤولية وما هي الأسباب التي أدت إلى ارتفاع الأسعار بهذا الشكل الجنوني؟
خلال جولة في الأسواق قبل أسبوعين، كانت أسعار التمور تتراوح بين 7 آلاف و 15 ألف ليرة للكيلو، علما أن استيراد التمور كان ممنوعا.
اليوم؛ تتراوح الأسعار بين 12 ألف و 30 ألف للكيلو الواحد، علما أن الحكومة أصدرت قرارا يسمح باستيراد التمور، وهذا إن دل فإنما يدل على خلل كبير في السوق.
يقول “سيد” وهو تاجر من حلب، إن ارتفاع الأسعار سببه السياسات التي يتبعها البنك المركزي، لضبط سعر الصرف.
ويشرح “سيد” في رسالته حاله وحال بقية التجار فيقول: تخيل أنني قمت بتمويل فاتورة بقيمة 27000 دولار تقريبا على قانون 1070 و تم دفع المبلغ لإحدى الشركات منذ 27 / 1 / 2022 ( ندفع المبلغ في شركات صرافة محددة بناء على قرار المركزي لنتمكن من الحصول على اذن استيراد ).
ويتابع: “كان سعر الدولار حينها 3490 ل.س، واليوم وبعد قرابة شهرين تم حساب المبلغ على سعر صرف 3690 ل.س، وهذا الأمر تسبب لي بخسارة وصلت إلى 5 مليون ليرة ناهيك عن أن رأس المال تم تجميده لمدة شهرين”.
قصة سيد تتشابه مع قصة تاجر آخر، يقول: ” تقدمت بفاتورة تم تسديدها و هي بقيمة 99000 دولار بتاريخ 1 / 3 / 2022، والآن يمضي على تسديدي المبلغ لشركة الصرافة أكثر من شهر، لم يتم قص المبلغ كاملا، بل تم قص 40000 على سعر 3690 أيضا، أي أنه يتوجب علي الانتظار لكي أتمكن من الحصول على فاتورة بالمبلغ كاملا، وحينها سأتمكن من استيراد البضائع المسموح بها طبق الأنظمة والقوانين، هذا ناهيك عن عمولات 2.5% على المبالغ السورية”.
يوضح التاجر بأن “المبلغ الذي نخسره كتجار بين فروقات في سعر الصرف عند الإيداع و عند قص المبالغ إلى دولار هي 22 مليون ل.س تقريبا”ويتساءل “هذه المبالغ التي خسرها التاجر .. كيف يتحملها” ليجيب “أكيد رح يضيفها على الرأسمال”.
يتضح من كلام التاجرين أن عملية استحصال إذن استيراد لمواد مسموح باستيرادها تستغرق ما بين شهرين إلى ثلاثة أشهر لكي يفرج البنك عن المال المودع لدى الشركات التي حددها، ومن ثم يحصل التاجر على إذن استيراد، يدفع على أساسه المال للجهة التي يستورد منها، وهنا سنرى أن أقرب دولة مصدرة لسوريا تحتاج البضائع منها لفترة لا تقل عن شهر لكي تصل، ناهيك عن التخليص الجمركي وغيره من الإجراءات، أي أن التاجر سيحتاج لفترة 5 أشهر على الأقل ليستلم البضائع، وهذه الفترة بطبيعة الحال تعتبر فترة تجميد أموال بشكل كامل، وعليه ستضاف هذه الفترة على التكلفة، التي أضيف عليها سابقا تفاوت سعر الصرف بين التسليم والاستلام.
بطبيعة الحال كل هذه الإجراءات، تهدف إلى أمرين:
الأول: ضبط الاستيراد بما يساعد على ضبط سعر الصرف.
ثانيا: تحديد سعر السلعة من قبل وزارة التجارة، ما يساعد على تحديد سعرها في السوق.
في البند الاول، فعلا تمكن البنك المركزي من ضبط سعر الصرف، لكن الأمر ترتب عليه ارتفاع كبير في الأسعار، فقيمة المواد الاستهلاكية المباعة للمواطن أغلى بأضعاف سعرها في الحقيقة.
أما في البند الثاني، فقد تمكنت وزارة التجارة فعلا من تحديد الأسعار، ولكنها لم تأخذ بعين الاعتبار النقاط التي أشار لها التجار من الفترة الزمنية الطويلة وفارق الصرف وما يترتب عليه، وهذه أمور يضيفها التاجر على سعر السلع.
ولعل هذا الأمر هو الذي يضعنا أمام مشهد فيه أسعار تعلنها الوزارة وأخرى في السوق بعيدة كل البعد عنها.
هذا طبعا إذا أضفنا له شح المحروقات محليا والفشل في توزيع حوامل الطاقة وتحديد أولويات العمل في التوزيع، إضافة إلى ارتفاع أسعارها علميا واختلاف سعر الشحن البحري والبري عالميا، هنا سنكون أمام مشهد أكثر وضوحا يبرر هذا الجنون في الأسعار وما تسبب به من شلل كامل لحياة الفرد والأسرة في ظل عجز دخل الفرد على الصمود لساعات أمام الاسعار الجنونية.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

Exit mobile version