Site icon هاشتاغ

في محيط السياسة.. ChatGPT

هاشتاغ-مازن بلال

جاء اقتراح الرئيس التركي حول لقاء يجمعه بالرئيسين الروسي والسوري كخلاصة لكل التحركات الدبلوماسية التركية السابقة، ورغم أن هذا الحدث يختلط مع كل أزمات المنطقة وعدم القدرة على كسر حاجز العجز السياسي، لكن المهم تجاوز هذا الواقع القائم على الممكنات المقيدة بكل شروط الأزمة، وتجاوز التصورات التي أحاطت بنا وبتفكيرنا بإعادة خلق العمل السياسي.

عمليا فإن تجربة معرفية أخرى على مستوى الذكاء الصناعي (Artificial Intelligence) بدأت في تكوين ملمح معرفي ربما لا يرتبط بالسياسة مباشرة لكنه يشكل الأرضية الثقافية التي يظهر منها الفعل السياسي، فخارج الأزمة السورية والتصعيد التركي وحتى احتمالات الانفراج التي يتم الحديث عنها من خلال السعي لفتح قناة سورية – تركية؛ نكتشف أن منصة ChatGPT بدأت في وضع أسس جديدة للتعامل الافتراضي مع كل المعارف، ومعالجة المعلومات بشكل غير مسبوق و”إبداعي” إن صح التعبير.

الرابط بين هذه المنصة ومساحة التفكير السياسي متداخلة بشكل كبير، فقاعدة العمل السياسي تظهر اليوم أكثر من أي وقت مضى في “قوة المعرفة”، وفي القدرة على رسم التفكير لكسب المعارك قبل أن يبدأ الصراع السياسي أو الاقتصادي أو حتى العسكري، فهذه المنصة التي تحمل معها “تفوقا” في معالجة البيانات والمعارف وتقديما بشكل نصوص وصور وحتى برامج تطرح أمامنا إشكاليتين:

– الأولى في طبيعة المحتوى العربي الذي تقدمه مقارنة مع اللغة الإنكليزية بالدرجة الأولى، فالمنصة لا تخترع المعلومات بل تعالجها عبر المحتويات المتاحة، وهو ما يطرح مسألة المحتوى العربي في الساحة الافتراضية بشكل جدي.

في ظل أزماتنا السياسية أو حتى “إنجازاتنا” التي لا تمت لـ”المعرفة” أصبح الفعل السياسي حركة لنزاع مستمر، لا يستطيع رسم مصالح واضحة، وهو ما ظهر في الأزمة السورية التي كسرت العلاقات الإقليمية دون أن تنتج حتى الآن علاقات معرفية جديدة، وربما من هذه الدوامة نعود إلى نقطة البداية، وإلى دعوة الرئيس التركي لحل التأزم مع دمشق عبر لقاء مباشر كان سابقا من المحرمات، والمقاربة هنا هي في الفعل المعرفي قبل السياسي الذي على ما يبدو أنه استند إلى “عصبيات” استضافتها تركيا عبر أحزاب جامعها “الماضي” وليس المصالح المستقبلية، فمنصة ChatGPT تكشف بما تقدمة من المحتوى العربي حالة “الهشاشة” التي وضعناها على شبكة الانترنيت منذ ظهورها.

– الثاني هو مستقبل التحكم المعرفي والذي يقود الفعل السياسي ويمنحه القوة، فمنصة ChatGPT على “حرفيتها” وتفوقها هي في النهاية خوارزميات تحكم التعلم العميق (Deep Learning) الذي يحكم معالجة البيانات، فهناك منهجية سنستخدمها مهما حاولنا تجنب هذه المنصة، وبغض النظر عن صوابية هذه المنهجية أو ملاءمتها لتفكيرنا، لكنها محكومة بقوة “مالك المعلومات”.

في الأزمة السورية هناك الحدث الذي يدور حوله الجميع، وهناك أيضا فضاء آخر جعلنا فاشلين في إدارة الحدث، إذ عجزنا عن إنتاج أحزاب وخلق تصورات أو حتى بناء توازنات لعلاقاتنا خلال الأزمة، وكان واضحا أن هناك “خلل معرفي” ينتج الدارة المعيبة في العمل السياسي، ونكتشف اليوم أن الأهم من اقتراح الرئيس التركي بعد “دورة الدم” التي خلقها هو إعادة تصوراتنا بعد حالة “العولمة المعرفية” التي يرسمها الذكاء الصناعي، لأنه في النهاية سيخلق الحدث السياسي إن لم يكن اليوم فبعد فترة ليست بالقصيرة.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام
Exit mobile version