Site icon هاشتاغ

قراران “بطعم العجز”: الحكومة السورية تختم العام الحالي برفع أسعار المحروقات وتعطيل البلاد لأسبوع كامل

هاشتاغ_ إيفين دوبا

رفعت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك السورية، أسعار مبيع البنزين بنوعيه المدعوم والحر (المباشر)، والمازوت المدعوم والمخصص للفعاليات الاقتصادية اعتباراً من مساء أمس الثلاثاء 13 من كانون الأول/ ديسمبر.

وتشهد المحافظات السورية أزمة في المحروقات، بررتها الحكومة بانخفاض التوريدات. بينما اعتبرها البعض تمهيداً لرفع الأسعار، في سيناريو كررته الحكومة سابقاً لرفع أسعار المحروقات، بحجة “ضمان توفرها، وارتفاع تكاليف استيرادها”.

وبحسب نص القرار الصادر عن وزير التجارة الداخلية، عمرو سالم، حدّد سعر مبيع الليتر الواحد من البنزين المدعوم بـ 3000، بدلًا من 2500 ليرة. كما حدّدت سعر ليتر البنزين الحر بـ 4900 ليرة، بدلًا من 4000.

ورفعت الوزارة سعر ليتر المازوت المدعوم الموزّع من قبل شركة محروقات للقطاعين العام والخاص، بقيمة مائتي ليرة، من 500 ليرة ليصبح 700 ليرة.

كما أصبح سعر ليتر المازوت من منشأ محلي المخصص للفعاليات الاقتصادية وفق القرار 3000 ليرة بدلًا من 2500 ليرة.

ولم يطرأ تعديل على قرار الوزارة الصادر في 5 من كانون الأول/ ديسمبر، برفع سعر مادة المازوت بنوعيها الصناعي والتجاري، والبنزين للفعاليات الاقتصادية، المباعة عن طريق شركة B.S بحكم أنها تستورد هذه المواد.

وألزمت الوزارة ببيع المحروقات للفعاليات الاقتصادية بسعر 5400 ليرة لليتر الواحد من المازوت، و4900 ليرة لليتر الواحد من البنزين.

أزمة مستمرة

رفع أسعار المشتقات النفطية مساء أمس، جاء رغم نفي سابق لوزير التجارة الداخلية السوري، عمرو سالم، في وقت سابق لـ”هاشتاغ” عن “وجود أيّ نية لرفع أسعار المازوت أو المحروقات بشكل عام، لا في الوزارة ولا حتى في اللجنة الاقتصادية” كما قال.

ويتخوّف السوريون من تأثير قرار رفع سعر المشتقات النفطية على باقي مستلزمات معيشتهم التي بالكاد يستطيعون تأمينها.

وتشهد المناطق السورية منذ أكثر من أسبوعين أزمة حادة في الوقود أسفرت عن شلل كبير أصاب قطاع النقل والمواصلات.

عطلة لأسبوع

وأعلن مجلس الوزراء السوري، أمس الثلاثاء، عن تعطيل العمل بالجهات العامة من يوم عيد الميلاد حتى 1 كانون الثاني 2023.

وأفادت مصادر لـ”هاشتاغ”، بأن الحياة شبه متوقفة في الشوارع، كما توقفت العديد من الرحلات بين المحافظات.

وذكرت المصادر أن كثير من الطلاب لم يعد بإمكانهم الذهاب إلى مدراسهم وجامعاتهم بسبب عدم توفر المواصلات.

كما تعاني أغلب المؤسسات الحكومية من غياب الموظفين نتيجة توقف باصات المبيت الخاصة لنقلهم.

وأوضحت المصادر أن الغالبية العظمى من المواطنين غير قادرين على تأمين مازوت التدفئة، وأغلبية العائلات لم تحصل على الدفعة الأولى البالغة 50 ليترا.

ودفع فقدان مادة المازوت المواطنين للاستعانة بطرق بديلة للتدفئة منها الحطب وقشور الفستق وغيرها من الوسائل غير الصحية والخطرة.

وتخطى سعر برميل المازوت الواحد حاجز المليون وأربعمائة ألف ليرة سورية، فضلاً عن ارتفاع سعر طن الحطب لأكثر من مليون ونصف المليون ليرة وسعر طن البيرين “مخلفات معاصر الزيتون” لنحو مليون ومئتين وخمسين ألف ليرة.

وتشهد الأسواق ارتفاعاً كبيراً طال العديد من السلع والمواد الغذائية والخضروات والفواكه، وذلك تحت تأثير ارتفاع المحروقات وأجور الشحن والنقل.

وأكد رئيس جمعية حماية المستهلك أن كلف نقل البضائع أكثر من سعرها. ولفت عبد العزيز معقالي لصحيفة الوطن المحلية إلى أن السوق يشهد حالياً فوضى حقيقية على صعيد الأسعار في ظل عدم توافر المحروقات.

وأكد المعقالي وجود زيادة فاقت 30 في المئة للعديد من السلع والمواد الغذائية خلال الشهرين الماضيين. وعمدت العديد من المحال والمطاعم الشعبية إلى رفع أسعارها.

وأكد عضو مجلس إدارة في الجمعية الحرفية للمطاعم والمقاهي والمتنزهات، سام غرة أنه تم رفع دراسة لرفع الأسعار بسبب التكاليف الكبيرة، لكن “طلب منا التريث بهذا الموضوع إلى حين استقرار واقع المحروقات وتأمين المواد”.

التأجيل “سيد الموقف”

لم يفاجئ قرار رفع المشتقات النفطية الكثير من السوريين. لكن بشكل مفاجئ، تأجّل الخميس الماضي 8 كانون الأول/ ديسمبر بيع المشتقات النفطية للمواطنين، عبر المحطات المستثمرة من قبل شركة BS للاستثمارات النفطية، إلى موعد غير محدد.

هذا التصريح سبقه بساعات قليلة، تأكيد أن شركة BS تنهي تجهيز المحطات التي استثمرتها في مختلف المحافظات السورية استعداداً لافتتاحها أمام الراغبين.

وكان من المتوقع أن تبدأ الشركة المملوكة لمجموعة القاطرجي يوم الأحد أو الاثنين الماضيين إلى حين الانتهاء من تركيب نظام حديث الدفع بحيث لا يدخل العامل البشري في عملية تعبئة البنزين.

وعزا المصدر هذا التأجيل، لعدم توفر ما يكفي من المواد النفطية.

وأعلن وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عمرو سالم عند صدور القرار الأول أن شركة BS استطاعت تأمين كمية من المشتقات النفطية. كما أعلنت شركة BS عن أسماء المحطات التي ستبيع البنزين والمازوت وشملت محافظات ” حلب وحمص وحماة ودمشق وريف دمشق واللاذقية”.

وما أن أعلنت الشركة عن عناوين المحطات حتى انهالت كميات كبيرة من التعليقات والمنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي والتي تتهم “الشركة بوقف توريد المشتقات النفطية للحكومة من أجل الضغط عليها ورفع أسعار المشتقات النفطية والتحكم في السوق”.

كما قالت بعض التعليقات إن سوريا تسير اليوم على خطى لبنان ودول الخليج ناحية بيع المشتقات النفطية عبر الشركات الخاصة، في حين أيد القرار قبل إيقاف العمل به كثيرون على اعتبار أنّ الصناعيين يحتاجون لتلك المادة اليوم أكثر من أي وقت مضى لإعادة النشاط الاقتصادي للبلاد.

كما أنّ هذه الخطوة ” ستكون نقلة نوعية تسهم في انفراجات كبيرة على مستوى توفر المحروقات والتخلص من رحمة السوق السوداء” وفق قولهم.

ووصلت أسعار المحروقات في السوق السوداء لمعدلات قياسية في الأيام الماضيين. إذ وصل سعر “بيدون” البنزين من سعة 20 ليتراً الى 300 ألف ليرة في اللاذقية، بالتزامن مع تأخر واضح في وصول رسائل البنزين للمستفيدين لما يقارب الشهر.

“تهديد وحرب فيسبوكية”

مع تأخر “الدعم الحكومي ونشاط السوق السوداء للمشتقات النفطية”، حذّرت وزارة التجارة الداخلية عبر صفحتها على “الفيسبوك” من أن كل منشأة أو فعالية تستجرّ مشتقات نفطية من السوق السوداء ولا تبلغ الوزارة عن البائع تعتبر شريكاً في الإتجار غير المشروع بالمشتقات النفطية ويطبق عليها المرسوم التشريعي رقم ٨ للعام ٢٠٢١.

المحامي عارف الشعّال، انتقد في تصريح خاص لـ”هاشتاغ” هذا القرار. وقال: “هذا التهديد لا يجوز. إذ لا يوجد في القانون السوري نص بهذا الخصوص”.

واعتبر الشعّال تضمين من تعتبرهم وزارة التجارة الداخلية شركاء في تهمة سرقة المواد المدعومة في المادة 225 من قانون العقوبات غير صحيح، إذ تشترط المادة في نص صريح وواضح “العلم” وتقول من “شارك بالجرم وكان يعلم به”.

وأكد الشعّال أنّ السلطة التنفيذية ليست من يفسر القانون وإنما هذه المهمة من اختصاص القضاء فقط. والأصل هو البراءة من مبدأ دستوري، فكل إنسان بريء حتى تثبت إدانته بحكم قضائي مبرم.

وختم بالقول:” التخويف بالقانون ليس له أثر بالنسبة إلى القضاء”.

“تهديد” وزارة التجارة رد عليه الرئيس السابق لاتحاد غرف الصناعة السورية فارس شهابي عبر صفحته على الفيسبوك قائلا: “معظم الصناعيين و انا منهم يشترون المازوت مكرهين من السوق الحر وبأسعار خيالية لعدم توفره كما يجب بشكل نظامي. نتمنى أن لا تقصد الحكومة انهم مجرمون مخالفون لأحكام القانون لأنها لم تستطع مكافحة الغش و التهريب”.

ونشرت الوزارة لاحقاً بيانا قالت فيه إن “المازوت والبنزين الذي يباع فيما يسمى بالسوق السوداء هو مسروق بالمطلق ويشترى بالسعر المدعوم ثم يباع في السوق السوداء بأضعاف سعره”.

وختمت:” كان أجدى بأولئك (الاقتصاديين) صبّ جام غضبهم على الدول التي تفرض العقوبات على سوريا وعلى لصوص النفط”، ليعلّق الشهابي على منشوره السابق: “سنتوقف عن شراء المازوت الحر وسنلتزم بالتحذير وسنتوقع تزويدنا بمخصصاتنا أصولاً. وإذا لم يحصل ذلك فلا يلومنا أحد على الالتزام بتشغيل مصانعنا”.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام
Exit mobile version