Site icon هاشتاغ

قرار حكومي لإعادة زراعة الشوندر السكري: ماذا ستكون ردة فعل محتكري استيراد هذه المادة؟

يعاني الناس من الحصول على مادة السكر ضمن المخصصات المتاحة لهم بموجب البطاقة الذكية، وسعر السكر غير المدعوم يعادل حوالي خمسة أضعاف السعر المدعوم، ناهيك عن تكلفة الاستيراد المرتفعة التي تكبد خزينة الدولة أموالاً طائلة من القطع الأجنبي التي نحن بأمس الحاجة إليها في الظروف الراهنة.
وقد وافق رئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس على توصية اللجنة الاقتصادية بخصوص الإجراءات النهائية لزراعة الشوندرالسكري، من خلال قيام وزارة الصناعة بالإعلان عن فتح باب التعاقد مع الفلاحين لاستجرار مادة الشوندر وتحديد المساحات المزمع زراعتها والتي يجب ألا تقل عن /6700/ هكتار ليعمل معمل السكر بكفاءة اقتصادية، إضافة إلى تحديد كمية البذار اللازمة بناء على المساحة المتعاقد عليها من قبل وزارة الصناعة. وتم تكليف وزاراتي الصناعة والزراعة والاتحاد العام للفلاحين بالتنسيق المشترك لتحديد السعر المبدئي لاستلام محصول الشوندر السكري واصل معامل المؤسسة العامة للسكر، كذلك تكليف وزارتي الصناعة والزراعة القيام بزيارات مشتركة للمناطق التي ستتم زراعتها وتوجيه الوحدات الإرشادية في مديرية زراعة حماة والهيئة العامة لإدارة وتطوير منطقة الغاب لدعوة الفلاحين وتحفيزهم هذا الموسم.
أسباب فشل/إهمال إنتاج مادة الشوندر السكري:
كانت محافظة حماة في عام 2005 تتنافس مع المحافظات الشرقية (الرقة- دير الزور) للحصول على أعلى حصة من خطة زراعة الشوندر في سورية… وقد وصلت المساحات المزروعة بالشوندر في المحافظة وقتها إلى ما يتراوح بين /10000-12000/ هكتار وبلغت كميات الإنتاج /500000-600000/ طن وتعادل هذه الكمية /50%-60%/ من إجمالي إنتاج سورية من الشوندر، ونتيجة هذا التنافس تم تخفيض خطة المحافظة إلى /9000/ هكتار وكانت تنتج /350000-400000/ طن، لكن مساحات الشوندر انخفضت بشكل حاد خلال سنوات الأزمة إلى أن وصلت إلى /1602/ هكتار في عام 2014 نتج عنها /42387/ طناً. وتم تقليص مدة الدورة التصنيعية في شركة سكر تل سلحب من 90 يوماً إلى 18 يوماً… حيث توقفت كل شركات السكر عن العمل باستثناء سكر تل سلحب.
ويشار إلى أنه بسبب الظروف الأمنية في بعض مناطق زراعة الشوندر، لم تعد تتوافر مستلزمات الإنتاج في الوقت المناسب (يد عاملة – أسمدة – مازوت) وقد ارتفعت أسعار المازوت عدة مرات أدى ذلك لارتفاع تكاليف الإنتاج بشكل كبير وبالتالي تخلت مناطق بكاملها عن زراعة الشوندر ولاسيما في مناطق صوران وكفر زيتا ومحردة، وتم تخفيض المساحات المخططة زراعتها بالشوندر السكري بالموسم الزراعي لعام 2015 الى /8500/ هكتار إلا أن المساحات المزروعة عملياً لم تتجاوز /978.4/ هكتاراً وبنسبة تنفيذ /11.5%/ للخطة المقررة في محافظة حماة.
ونظراً لانخفاض عائدية الدونم المزروع بالشنوندر السكري، أحجم الفلاحون عن زراعة المنتج، حيث كان هذا المنتج يندرج ضمن المنتجات الزراعية المدعومة (تشتريها الدولة وفق هامش ربح للفلاح ما بين 20-25%)، إلا أن الحكومة لم تعطي الفلاحين أسعارا مجزية حيث في عام 2015 كان الربح الصافي للفلاحين بمقدار 1910 ليرة سورية للدونم الواحد بسبب ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج (بذار، سماد، مازوت..). ولمعالجة هذه المشكلة اكتفت الجهات المعنية باللقاءات مع الفلاحين لحثهم على زراعة هذا المنتج، وبأنهم سيحددون أسعاراً مجزية لشراء منتجاتهم، وكانت ردود الفلاحين أننا لا نستطيع زراعة محصول تكلفته أعلى من تسعيرته المعتمدة، وطالبوا بإصدار تسعيرة مقبولة للشوندر وفي وقت مبكر قبل موعد الزراعة، ولم يتم ذلك.
والجدير بالذكر بأن مصاعب الفلاحين في زراعة الشوندر كانت كثيرة ولم تلقى أية استجابة، ومنها معاناة الفلاحين من القرار الذي تم بموجبه بيع مادة الأسمدة للفلاحين بالموسم الزراعي 2015 على مرحلتين “بسبب الظروف الأمنية” وجرى تسليم نصف المخصصات دفعة أولى لتسميد الأراضي المزروعة بالقمح والشوندر، ومن ثم البدء بتسليم الدفعة الثانية، علماً بأن مستودعات التجار كانت ملأى بالأسمدة، وفي إمكان أي فلاح شراء كميات الأسمدة التي يريدها من التجار ولكن بسعر /3300-3500 ليرة سورية لكيس سماد اليوريا.. في حين كان يباع الكيس بسعر 2250 ليرة سورية في المصارف الزراعية.. والجدير بالذكر، أن تأخير تسليم الأسمدة للفلاحين يتسبب بخسائر مؤكدة بالمحاصيل الزراعية، لأن الزراعة لا تحتمل التأخير أو التأجيل.. كما كانت مخصصات المازوت للزراعة لا تلبي خمس احتياجات العملية الزراعية، وعلى الأغلب كان يتم التأخر بإيصال تلك المخصصات للفلاحين، ما كان له تأثير سلبي كبير في العملية الزراعية.
تحويل شركة تل سلحب من تصنيع السكر إلى ورشة خياطة:
كانت المؤسسة العامة للسكر تضم ست شركات سورية تعمل لتصنيع السكر هي “شركة سكر حمص”، “شركة سكر تل سلحب”، و”سكر دير الزور”، و”شركة سكر الرقة”، و”شركة سكر مسكنة”، و”شركة سكر الغاب”.
وتوقفت تلك الشركات عن الإنتاج لأسباب متعددة منها بسبب خروجها عن سيطرة الدولة، وأخرى بسبب تراجع إنتاج مادة الشوندر، بينما كان معمل “شركة سكر تل سلحب” يقوم بتحويل الشوندر السكري إلى أعلاف للحيوانات، وبسبب تراجع إنتاج مادة الشوندر السكري، وعدم توفر الكمية اللازمة من الشوندر السكري لتشغيل معمل تل سلحب، تم إغلاق المعمل، وتشير بعض المصادر إلى أنه في مطلع تموز/ يوليو 2020، تمت إقامة ورشة خياطة بمساحة /400/ م2 داخل المصنع، لتأمين فرص عمل لنساء أرامل من ذوي شهداء وجرحى الحرب.
تلبية متطلبات الفلاحين:
وبعد إدراك وزارتي الزراعة والصناعة أهمية هذا المنتج، وما أدى إليه القرار القاضي بإيقاف زراعته من خسائر كبيرة لخزينة الدولة من القطع الأجنبي، بالإضافة إلى معاناة الناس في الحصول على مادة السكر ووقوفهم طوابير طويلة بإنتظار شراء عدة كيلو غرامات كمونة شهر أو شهرين، وهي غير كافية طبعاً.
فهل ستتم تلبية متطلبات الفلاحين في زراعة الشوندر السكري، من حيث تأمين مستلزمات الإنتاج الزراعي بالأوقات المناسبة؟ وبالأسعار المناسبة؟ وبالكميات المناسبة؟ أم أن بعض المتنفذين الذين يستوردون هذه المادة سيعملون على وضع العصي بالعجلات، وبالتالي لن تنجح هذه الدعوة إلى إعادة إحياء زراعة هذا المنتج المهم ليس فقط اقتصادياً وإنما كأحد مقومات الأمن الغذائي الذي فقدته سورية منذ سنوات.

Exit mobile version