Site icon هاشتاغ

قياصرة العلم و”بروتوس” الاقتصاد

رأي – أيهم أسد

عبَّرت المجتمعات تاريخياً عن مستوى تطورها الحضاري من خلال مستوى التعليم الذي وصلت إليه، وإذا كان العلم في كل مرحلة من تاريخ البشرية هو محرك التطور الأساسي، وبوابة التحولات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى التي قادتها الابتكارات العلمية، فإن المعلمين هم وقود محركات التطور ومفاتيح بوابات العلم.

المجتمعات التي احترمت العلم والمعلمين تطورت، وتمايزت عن غيرها، وبنت اقتصادها كله على العلم، وسيطرت بالاقتصاد على المجتمعات الأخرى، وحولت العلم إلى وسيلة لكل الغايات الاقتصادية، وذللت به كل ما وقف عائقاً أمام تطور العقل البشري.

قدست هذه المجتمعات معلميها وأكبرت من قيمة المعلم وزرعت الاحترام في نفوس الأفراد له، وأجزلت له العطاء المادي، ووفرت له كل معطيات الحياة الكريمة كي يستمر في مهمته الإنسانية دون التفكير بصغائر الحياة المادية اليومية.

في هذه المجتمعات دعم التعليم الاقتصاد فردَّ الاقتصاد الجميل مضاعفاً للمعلمين.

وعلى الجانب الآخر، انهارت الكثير من المجتمعات وتدنى مستواها الحضاري بفعل تدهور العلم فيها، وأياً كانت ظروف ذلك التدهور، فإنها تراجعت وتخلَّفت عن سواها، وتأخَّر اقتصادها، وبات مجتمعها مستهلكاً لمنتجات المجتمعات الأخرى لضعف قدرته على مجاراتها في إنتاج العلم وبناء الاقتصاد.

أهملت هذه المجتمعات المعلم، وقللت من قيمته، وفرت له كل المعنويات المجانية في خطابات سياسية وأهملت كل ما يتعلق بتوفير الحياة الكريمة له، هو فارس ومنقذ في تلك الخطابات، لكن جواد الاقتصاد يخونه كل يوم فيسقط أمام الحاجات ويحتاج لمن ينقذه.

في هذه المجتمعات دعم التعليم الاقتصاد فتواطأ الاقتصاد على المعلمين.

وبسبب تخلي الاقتصاد عن المعلمين فإنه:
لن يتطور مجتمع ومعلموه عاجزون عن تطوير أنفسهم.
لن يبدع مجتمع ومعلموه عاجزون عن الإبداع.
لن تدرك أجيال قمة العلم، بينما معلميهم في قمة الفقر.
أليس من يبني يجب أن يكون مبنياً أولاً، مادياً ومعنوياً؟
أليس من لديه رسالة يجب أن تهيأ له كل السبل لتأديتها؟

لقد تحول المعلمون في هذه البلاد إلى آلات تسابق ماديات الحياة، لقد أرغمهم الاقتصاد على ذلك رغماً عنهم، بالفعل فإن قياصرة العلم في هذه البلاد غدر بهم “بروتوس” الاقتصاد.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

Exit mobile version