Site icon هاشتاغ

السوريون يثقون بلقاح الكوليرا أكثر من لقاح كورونا: تناوله أسهل.. والحكومة تعاملت معه بطريقة أذكى

هاشتاغ _ إيفين دوبا

أنهت وزارة الصحة السورية حملة لقاح ضد مرض الكوليرا في 15 من الشهر الحالي في كل من ريف حلب، والرقة ودير الزور. وتمّ تمديد العمل بالحملة لمدة عشرة أيام في محافظة الحسكة.

وتستهدف الحملة جميع الأعمار فوق السنة. وأثارت التصريحات الرسمية السورية حول فعالية ونجاح حملة التطعيم ضد الكوليرا أسئلة كثيرة، خاصةً مع إطلاق الوزارة حملة تطعيم جديدة ضد الكورونا وتزامنهما معاً. في حين تغيب أغلب المعلومات عن حملات التطعيم ضد الكورونا حتى الآن.

وكانت شحنات محمّلة بمليوني جرعة من لقاح الكوليرا الفموي (OCV) قد وصلت إلى دمشق لاستخدامها في حملة تحصين، في أواخر شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف”.

حملة تطعيم ومجهود للإقناع

لم تجهد الجهات المسؤولة في إقناع العديد من السوريين في المناطق التي تمّ تحديدها لإطلاق حملة التطعيم فيها، تبعاً لمؤشرات رصد الحالات المثبتة بالإصابة وحالات الوفاة الناجمة عنها.

ويقول مدير صحة الرقة الدكتور غياث حمودة لـ”هاشتاغ”، إنّه تمّ تنفيذ الخطة المرصودة من قبل وزارة الصحة للتطعيم ضد الكوليرا في المحافظة بسهولة.

وأكد أنّ أعداد السوريين الراغبين بالتطعيم كانت كبيرة ولم تحتج إلى جهد كبير في الإقناع بضرورة تناول اللقاح اللازم للحماية، رغم استمرار حملات التوعية للتعريف بالمرض وطريقة الحد من انتشاره.

وقال حمودة، إن آخر حالة إصابة مؤكدة بالكوليرا تم رصدها في المحافظة تم تسجيلها في 20 من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الثاني الماضي.

والرأي نفسه يوافقه عليه مدير صحة دير الزور، الدكتور بشار الشعيبي. الذي قال لـ”هاشتاغ” إنّ فرق المديرية حاولت الوصول إلى كل مناطق المحافظة ضماناً للوصول إلى أعلى رقم للمطعمين ضد الكوليرا.

وأوضح : “كان بانتظارنا الكثيرين وحققنا ما خططنا إليه”.

وقالت منظمة الأمم المتحدة، إن مرض الكوليرا تفشى في معظم أرجاء سوريا، حيث أصاب 13 محافظة من أصل 14 في البلاد. مضيفة إنّ قدرات الاختبار المحدودة، والنظام الصحي المختل إلى حد كبير يصعّب عملية التأكد من عدد الحالات، إذ يقدر بأنه أعلى بكثير من الإحصائيات المعلن عنها.

وحسب آخر تحديث رسمي صادر عن وزارة الصحة عن الوضع الوبائي حول مرض الكوليرا في سوريا 17 كانون الأول/ ديسمبر بلغ العدد الإجمالي التراكمي للإصـــ.ابات المثبتة 1627منها 997 في حلب وحدها، و234 في دير الزور، وفي اللاذقية 98حالة، والحسكة 92، والرقة 54، وحماه 42، وفي حمص 28، والسويداء 26، ودمشق 20، وفي ريف دمشق 17، وطرطوس 10، وفي درعا 5، والقنيطرة 4.

وبلغ العدد الإجمالي التراكمي للوفيات 49 حالة، منها 40 في حلب، و4 في الحسكة، و2 في دير الزور وواحدة في كل من حمص، وحماه، ودمشق.

في غضون ذلك، أعلنت منظمة الصحة العالمية، يوم الجمعة الماضي، أن المخزون العالمي من لقاحات الكوليرا فارغ أو منخفض جداً، وذلك بالتزامن مع رصد بؤر تفشٍ جديدة للمرض في 30 بلداً حول العالم.

ووصلت أعداد الحالات المشتبه بإصابتها بمرض الكوليرا في مناطق شمال غربي سوريا إلى 26 ألف و150 حالة. بينما وصل إجمالي عدد الوفيات نتيجة الإصابة بالمرض إلى 16 حالة وفاة، بحسب أحدث إحصائية صادرة عن برنامج الإنذار المبكر والاستجابة للأوبئة في سوريا، في 18 من كانون الأول/ ديسمبر.

ويعدّ مرض الكوليرا مرضا شديد العدوى وينتج عن طريق جراثيم تنمو وتتكاثر في المياه الراكدة وغير المعالجة بالكلور الصحي، وينتقل المرض عبر تناول الطعام والشراب الملوث بالجرثومة أيضاً.

الكوليرا والوعي المجتمعي

بالرغم من وجود مسببات انتشار مرض الكوليرا، إلا أنّ “الوعي المجتمعي” بالخطر القادم من المرض لا يترك صغيراً ولا كبيراً، ما أسهم في الحد من انتشاره كما يقول مدير صحة دير الزور.

ويقول مدير صحة الرقة، إنّ الكوليرا مرتبطة بذاكرة السوريين، حين انتشر في عام 2009 بمحافظتي الرقة ودير الزور، شمال شرقي البلاد. ويتابع: “الفارق بين أعراض الإصابة بالكوليرا وتدهور حالة المصاب الذي لا يتلقى العلاج في الوقت المناسب ليس طويلاً، لذا تنبه أغلبية السوريين إلى مخاطر المرض القادم واتجهوا إلى التطعيم”.

يضاف إلى ذلك، نقطة مهمة، ينبّه عنها مدير الصحة في الرقة، وهي أنّ حملة التطعيم ضد الكوليرا تبدأ من أعمار السنة، ويخشى الكثيرون على أطفالهم في الدرجة الأولى لذا كان الإقبال على حملة التطعيم فوق التوقعات.

ومع، هذا، كان هناك دور ما أسماها مدير صحة الرقة “الدعاية المضادة”، والتي غابت عن حملة التطعيم ضد الكوليرا، وتم التركيز عليها في حملة التطعيم ضد الكورونا.

ويشير مدير صحة الرقة إلى أن طريقة تناول اللقاح كان لها دوراً في الإقبال عليه ” لقاح فموي يمكن تناوله عن طريق الشخص نفسه”.

ويقول عضو الفريق الاستشاري الحكومي لمواجهة فيروس كورونا، الدكتور نبوغ العوا، لـ”هاشتاغ”، إنّ انتشار المعلومات المغلوطة عن لقاح كورونا كان أحد أهم أسباب عدم وجود إقبال عليه.

وتشير مديرة الصحة المدرسية في وزارة التربية الدكتور هتون الطواشي، إنّه تم العمل على العديد من حملات التوعية والتعريف بكلا المرضين “كورونا والكوليرا” ومخاطرهما.

وتؤكد لـ”هاشتاغ” أنه كان لتلك الحملات دور في زيادة أعداد المطعمين للمرضين. أيضاً التخفيف من انتشارهما عبر اتباع سبل الوقاية والكشف المبكر عن المرض خاصةً في المدراس كونها تعد بؤرة انتشار مهمة وكبيرة.

وصرح رئيس فريق مكافحة الكوليرا وأمراض الإسهال الوبائي في منظمة الصحة العالمية الدكتور فيليب باربوزا: “لم يعد لدينا لقاحات. تواصل مزيد من الدول طلب اللقاحات وهذا تحد كبير”.

وبشكل اعتيادي، تتيح مجموعة التنسيق الدولية لتوفير اللقاحات والتي تديرها منظمة الصحة العالمية وشركاء آخرون نحو 36 مليون جرعة سنوياً.

ودفع نقص جرعات اللقاح منظمة الصحة العالمية بالفعل إلى التعليق المؤقت لاستراتيجية التطعيم القياسي المؤلف من جرعتين في تشرين الأول/أكتوبر الماضي والاكتفاء بجرعة واحدة.

وقالت مديرة الرعاية الصحية في وزارة الصحة السورية الدكتورة رزان طرابيشي إن جرعة واحدة كافية للوقاية مدة 4 أشهر، كذلك أكدت طرابيشي أنّ الوضع الوبائي للكوليرا في سوريا قيد السيطرة، وفي بعض المحافظات لم تسجل إصابات جديدة.

كورونا والإقناع الصعب

مع استقرار أرقام الإصابات الرسمية المسجلة بفيروس كورونا في سوريا، إلا أنّ أعداد المطعمين باللقاح المضاد لا يزال خجولاً حسب آراء عدة أطباء.

وعلّقت وزارة الصحة السورية نشر التحديث اليومي لمستجدات الإصابة بفيروس كورونا الأسبوع الماضي. وبررت ذلك باستقرار أعداد الإصابات والوضع الوبائي بشكل عام في البلاد.

في غضون ذلك، انتشر في محافظة الرقة السورية ضمن مناطق خارج السيطرة الحكومية فيروس لم يتم تحديد نوعه، أدى إلى وفاة أطفال.

وتتشابه أعراضه إلى حد كبير مع أعراض الإصابة بكورونا. ويعتقد بعض الأطباء أنه متحور جديد من كورونا، لكن لم يثبت ذلك لعدم وجود التحاليل اللازمة للكشف عنه.

وفي آخر تحديث لوزارة الصحة السورية عن الإصابات بفيروس كورونا في 15 كانون الأول/ ديسمبر 2022وصل العدد الإجمالي للإصابات إلى 57423.

وارتفعت حالات الشفاء إلى 54260، مع تسجيل 3163 حالة وفاة.

ووفق بيانات منظمات الصحة العالمية في أيلول/ سبتمبر الماضي، فإن نسبة من تلقوا جرعة واحدة من لقاح كورونا في سوريا هم 15% فقط، ومن تلقى جرعتين 13 في المئة.

وخلال آب/ أغسطس الماضي، أعلنت مديرة الرعاية الصحية في وزارة الصحة السورية رزان الطرابيشي، عن أن عدد الأشخاص المُطعمين بلقاحات كورونا بشكل كامل، وصل إلى مليون و678 ألفاً و762 شخصاً، منذ بدء انتشار الفيروس.

وبلغ عدد الأشخاص ممن تلقوا الجرعة الأولى فقط من اللقاح، مليونين و405 آلاف و840 شخصاً. بينما وصل عدد الأشخاص ممن تلقوا الجرعة المعززة الدائمة إلى 46 ألفًا و118 شخصاً، وفق طرابيشي.

وخلال انتشار فيروس كورونا، جهدت السلطات السورية في اتخاذ قرارات للتشجيع على تناول اللقاح المضاد، حتى وصلت مرحلة الإلزام به للدخول إلى المؤسسات الحكومية وإجراءات المعاملات.

مع ذلك، لم ترتفع كثيراً أعداد المطعّمين إلا للراغبين في السفر خارج البلاد.

ويقول مدير المخابر في وزارة الصحة، الدكتور مهند خليل، إنّه يتم يومياً إجراء ما يقارب 5000 مسحة pcr، أغلبها للمسافرين خارج سوريا. ويلفت إلى اللغط الكبير بالتزامن مع التوجّه للتطعيم ضد فيروس كورونا، أنّ اللقاح من الممكن أن يحمي من الإصابة بفيروس كورونا، وأنه كان سبباً في عدم وجود أعداد كبيرة للمطعمين.

ويؤكد لـ”هاشتاغ” أن اللقاح لا يحمي من الإصابة، ولكنه يحمي من الأعراض، فأي شخص أخذ اللقاح المضاد من الممكن أن يصاب، ومن الممكن أن ينقل العدوى لأشخاص آخرين، ولكنّ الأعراض من الممكن أن تكون خفيفة أو حتى معدومة، وبالتالي لا يمكن للقاح أن يظهر المسحة سلبية. وهذه الحقيقة لم يتم إيصالها للسوريين بشكل جيد، بالتالي ارتفعت المخاوف من الإصابة والموت “مع لقاح وبدونه”.

ويذكر “العوا” أنّ أهم أسباب ذلك يعود إلى عدم الثقة بأنواع اللقاحات، وهنا يحمّل وسائل الإعلام المحلية سبب ذلك: “الوباء جديد والدعاية المضادة قوية. في حين ردها من قبل المجتمع المحلي كان ضعيفاً”.

ولم يخفِ “العوا” موضوع تسابق الشركات المصنّعة للقاحات كورونا على كسب أعداد المطعمين والتشهير فيما بينها على صحة الإنسان.

http://لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

Exit mobile version