Site icon هاشتاغ

للبنوك المركزية مهام “وطنية” لا “اقتصادية”

أيهم أسد

للبنوك المركزية مهام "وطنية" لا "اقتصادية"

رأي – أيهم أسد

تسعى البنوك المركزية في اقتصادات العالم كافة إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الاقتصادية من خلال أدوات السياسة النقدية، هذه العبارة تكثف بشكل كبير الأسباب التي من أجلها أُحدثت البنوك المركزية والتي من أجلها تدافع البنوك المركزية عن استقلاليتها.

فمن خلال السيطرة على قيمة النقد، وتحديداً سعر صرف العملة الوطنية، يمكن للبنوك المركزية السيطرة على الكثير من متغيرات الاقتصاد كالتضخم والبطالة والنمو والصادرات والواردات والودائع المصرفية وعرض النقد والمديونية الخارجية والداخلية وغيرها.

وعطفاً على سيطرة البنوك المركزية على المتغيرات الاقتصادية يمكن لها السيطرة على المتغيرات والقطاعات الاجتماعية في الاقتصاد كالفقر والصحة والتعليم والإسكان والحماية الاجتماعية.

وباستمرار تحليل دور المصارف المركزية فإن السيطرة على قيمة النقد والتي تعني السيطرة على المتغيرات الاقتصادية ومن بعدها الاجتماعية فإن ذلك سيؤدي حكماً إلى السيطرة على المتغيرات الوطنية النوعية كالعدالة الاجتماعية والمواطنة الاقتصادية.

وانطلاقاً من ذلك، فإن البنوك المركزية، وفي كل دول العالم، هي بنوك “تقود” الدفاع عن قيمة النقد ولا تسمح لقوى السوق العلنية أو الخفية أن تتسلم زمام مبادرة القيادة تلك، وذلك عبر تطبيق حزمة كبيرة من أدوات السياسة النقدية التي تستهدف السيطرة على قيمة النقد.

والأهم من ذلك فإن البنوك المركزية في الاقتصادات كافة هي من يُرسل الإشارات الاقتصادية والنقدية الأولى والتي تحذر من التغيرات الاقتصادية سواء الإيجابية أو السلبية وما على الأسواق والشركات والمصارف إلا أن تستجيب لتلك الإشارات وتواكب ما تمليه البنوك المركزية عليها.

كما أن البنوك المركزية هي من يتابع تغيرات نشاط الاقتصاد الوطني بدقة وهي من تتوقع مستقبل ذلك النشاط من خلال ما لديها من معلومات دقيقة حول متغيراته وقطاعاته وهي من تصدر بشكل دوري تحديثات للحالة الاقتصادية العامة الأمر الذي يؤثر على كل المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية.

وبالتالي فإن البنوك المركزية “تقود” ولا تُقاد” وهذا معناه ببساطة أن:

البنوك المركزية لا تتبع سعر صرف العملة الوطنية في السوق السوداء، بل على العكس تماماً هي من يجب عليها أن تسيطر على ذلك السعر وهو من يجب عليه أن يتبع سياساتها.

والبنوك المركزية يجب أن لا تسمح للسوق السوداء ولقلة من المضاربين بأن تتحكم بقيمة النقد، وبالتالي، بأن تتحكم بالاقتصاد والمجتمع والعدالة الاجتماعية والمواطنة الاقتصادية وتوزيع الدخل الوطني وغيرها.

والبنوك المركزية هي من يجب أن تجتمع عندها البيانات كافة في الزمن المناسب والنوعية المناسبة وهي من يجب عليها أن يقرر اتجاهات عمل الاقتصاد.

وختاماً لكل ذلك يمكن القول بأن للبنوك المركزية مهام “وطنية” لا مهام “اقتصادية” أو “نقدية” فقط.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام
Exit mobile version