Site icon هاشتاغ

إقليم انفصالي يطلب الحماية الروسية.. ما أهمية ترانسنيستريا بالنسبة لـ موسكو؟

ما أهمية ترانسنيستريا بالنسبة لـ موسكو؟

ما أهمية ترانسنيستريا بالنسبة لـ موسكو؟

تصدر اسم ترانسنيستريا، عناوين الأخبار، خلال الفترة الأخيرة، بينما يجهل كثيرون موقعها على الخريطة، رغم أنها “قد تكون جزءا مهما من الصراع بين روسيا وبقية أوروبا” وفق ما يراه المؤرخ، ويليام زاديسكي.

وسعى الإقليم إلى “الحماية الروسية” مما وصفته بضغوط من مولدوفا، في حين نددت الأخيرة وواشنطن بتلك التصريحات، التي لقيت ترحيبا من موسكو.

فقد أصدرت سلطات إقليم ترانسنيستريا الانفصالي إعلانا رسميا تطلب فيه الحماية من روسيا في مواجهة حكومة مولدوفا بدعوى ممارستها ضغوطا على اقتصاد الإقليم.

واجتمع نواب ترانسنيستريا، الأربعاء، في تيراسبول في مؤتمر استثنائي هو الأول منذ عام 2006، ودعوا البرلمان الروسي إلى “اتخاذ إجراءات لحماية” هذه المنطقة الصغيرة التي يعيش فيها “أكثر من 220 ألف مواطن روسي” في مواجهة “الضغط المتزايد الذي تمارسه مولدوفا”.

وقالوا في الإعلان إن ترانسنيستريا تواجه “تهديدات غير مسبوقة ذات طبيعة اقتصادية واجتماعية-إنسانية وعسكرية-سياسية”.

وطلب الانفصاليون من موسكو “اتخاذ إجراءات لحماية ترانسنيستريا في ظل الضغط المتزايد الذي تمارسه مولدوفا”.

“أبناء وطننا”

في أول رد على هذا الإعلان، قالت وزارة الخارجية الروسية إن “حماية مصالح سكان ترانسنيستريا، أبناء وطننا، هي إحدى أولوياتنا”، وفقا لما نقلته وكالات الأنباء الروسية.

من جهتها، نددت الحكومة المولدوفية بالإعلان الصادر عن الانفصاليين، ووصفته بأنه دعائي.

وكتب أوليغ سيريبريان نائب رئيس وزراء مولدوفا على “تليغرام” أن الحكومة “ترفض هذه الدعاية وتذكر بأن منطقة ترانسنيستريا تستفيد من سياسات السلام والأمن والتكامل الاقتصادي مع الاتحاد الأوروبي التي تعود بالنفع على جميع المواطنين”.

في المقابل، أكدت الولايات المتحدة أنها “تدعم بقوة سيادة مولدوفا ووحدة أراضيها ضمن حدودها المعترف بها دوليا”.

ماذا يجري؟

منذ الحرب الروسية في أوكرانيا في شباط/فبراير عام 2022، عادت التكهنات بشأن هجوم روسي محتمل من ترانسنيستريا باتجاه مدينة أوديسا الساحلية الأوكرانية المطلة على البحر الأسود، نظرا للعلاقة التي تربط الإقليم بالكرملين.

والعام الماضي، اتهمت سلطات ترانسنيستريا كييف بأنها تريد مهاجمتها بعدما أكدت أنها أحبطت هجوما استهدف قادتها

وهددت سلسلة من التفجيرات السلام المستمر منذ 30 عاما في هذه الزاوية المنسية من أوروبا.

ومنذ 25 نيسان/أبريل عام 2022، وقعت ثماني هجمات عبر الضفة اليسرى لنهر دنيستر، ما أثار مخاوف من احتمال امتداد الحرب الروسية في أوكرانيا إلى ترانسنيستريا ومن خلالها إلى مولدوفا.

والأسبوع الماضي، قالت وزارة الدفاع الروسية أن أوكرانيا تستعد “لاستفزاز مسلح” ضد ترانسنيستريا.

وتتّهم كيشيناو “عاصمة مولدوفا” والاتحاد الأوروبي روسيا بشكل منتظم بأنها تسعى إلى زعزعة استقرار مولدوفا التي كانت تقع في منطقة نفوذها لكن سلطاتها تقاربت مع أوروبا، بحسب تعبيرهم.

وفي كانون الأول/ديسمبر 2023، قرّر الاتحاد الأوروبي إطلاق مفاوضات مع أوكرانيا ومولدوفا لضمهما إلى التكتل.

موقع ترانسنيستريا

كانت مولدوفا، الدولة الصغيرة الواقعة في أوروبا الشرقية، والمحصورة بين أوكرانيا ورومانيا، جزءا من رومانيا وتم دمجها في الاتحاد السوفييتي عام 1940، وفقا للموسوعة البريطانية Britannica.

وبعد 5 عقود، أدى انهيار الاتحاد السوفييتي إلى نشوب صراع أهلي في أوائل التسعينيات بين جمهورية مولدوفا المستقلة حديثا والانفصاليين في ترانسنيستريا “التي تقع بين نهر دنيستر وأوكرانيا”، الذين أرادوا الحفاظ على العلاقات السوفييتية.

وفي عام 1992، حينما خاضت ترانسنيستريا حربا مع حكومة مولدوفا الموالية للغرب، انتهت بسقوط مئات القتلى وتدخل الجيش الروسي الذي وقف في صف المتمردين ورجّح كفتهم في المعادلة.

وفي استفتاء أُجري عام 2006، لم يعترف به المجتمع الدولي، أيد 97.1% من الناخبين خيار الانضمام إلى روسيا، مما أحبط تطلعات مولدوفا في اتباع رومانيا ودول شرق أوروبا الشيوعية سابقا بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

ويضم الإقليم، بسكانه الذين يقاربون نحو 470 ألفا، عرقيات روسية وأوكرانية ومولدوفية بنسب مختلفة،  معظمهم ناطقون بالروسية، ولديهم الجنسية المولدوفية أو الروسية أو الأوكرانية المزدوجة أو الثلاثية.

وترانسنيستريا لها علمها الخاص، المكون من مطرقة ومنجل على الطراز السوفيتي، وهوية منفصلة عن بقية مولدوفا.

وتعتمد حكومة الإقليم واقتصادها بشكل كبير على موارد تقدم له بالمجان مثل الغاز من روسيا، التي تحتفظ بـ1500 جندي وفق أرقام رسمية في الإقليم، أرسلوا إلى هناك بقرار أحادي، وتقول موسكو إنهم لحفظ السلام فيه.

تحت النفوذ الروسي

في نيسان /أبريل 2022، صرح رستم مينيكايف، القائم بأعمال قائد المنطقة العسكرية المركزية في روسيا،  وفقا لوكالة الأنباء الروسية “إنترفاكس”، بأن السيطرة على جنوب أوكرانيا طريقة أخرى للوصول إلى إقليم ترانسنيستريا، ردا على ما يحدث هناك من “اضطهاد للسكان الناطقين بالروسية”، بحسب قوله.

تزامن ذلك مع محاولات روسيا في الأسابيع الأولى من الحرب، التقدم في جنوب غربي أوكرانيا، المنطقة التي ستحتاج إلى تأمينها للوصول إلى الحدود مع إقليم ترانسنيستريا

أثار التصريح الروسي بخصوص السيطرة على جنوب أوكرانيا وتوفير ذلك لمخرج في منطقة ترانسنيستريا مخاوف مولودوفا.

عطفا على التطورات، استدعت مولدوفا السفير الروسي، في وقت لاحق، للتعبير عن “القلق العميق” بشأن تصريحات مينيكايف.

وقالت وزارة الخارجية المولدوفية، في بيان، إن “هذه التصريحات لا أساس لها وتتعارض مع موقف الاتحاد الروسي الداعم لسيادة جمهورية مولدوفا وسلامتها الإقليمية داخل حدودها المعترف بها دولياً”.

ومع ذلك، فقد أثار ذلك نقاشا عالميا حول الإقليم الانفصالي الذي يمثل تحديا مباشرا هو الأكبر من نوعه لمولدوفا حتى الآن.

تجدر الإشارة إلى أن مولدوفا تتلقى كل ما لديها من غاز من شركات تسيطر عليها روسيا.

ويذكر أنه، في الحقبة السوفيتية، تم بناء أكبر محطة للطاقة في مولدوفا وأكبر محطتي ضخ الغاز في ترانسنيستريا.

بدوره، قال فيكتور بارليكوف، محلل طاقة ومسؤول حكومي سابق لصحيفة “نيويورك تاينز” أنه تم بناء المحطة بهذه الطريقة في حال حاولت مولدوفا السير في طريقها الخاص”.

أهمية إقليم ترانسنيستريا لـ روسيا

يقول أنطون بارباشين، المحلل السياسي بمجلة Riddle للشؤون الروسية، إن فكرة سعي روسيا لإنشاء رابط جغرافي مع إقليم ترانسنيستريا بدأت “منذ التسعينيات على الأقل”.

وتابع: أن روسيا لطالما سعت إلى الاحتفاظ بجيوب من النفوذ لها عبر أوروبا الشرقية. وتواصل موسكو دعم ترانسنيستريا الموالية لروسيا بالغاز الطبيعي المجاني والبرامج التقاعدية وغيرها من صور الدعم الاقتصادي، لتحافظ على اليد العليا في البلاد.

لكن بارباشين قال إن المنطقة نفسها ليس لها قيمة استراتيجية كبيرة بالنسبة لموسكو.

وإرسال قوات إلى هناك من شأنه أن “يخلق مشاكل أكثر مما تحل” لروسيا، ومن المرجح أن يؤدي إلى عقوبات دولية إضافية ويدمر علاقة موسكو مع مولدوفا.

وبحسب صحيفة “واشنطن بوست”، على الرغم من أن سكان الجمهورية الانفصالية يعتمدون على دعم موسكو، إلا أن البعض يحمل جوازات سفر مولدوفية ومعظم صادرات ترانسنيستريا تذهب إلى الاتحاد الأوروبي.

ويشار إلى أنه عندما بدأت مولدوفا بإعلان رغبتها في الحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي،  بعد أسبوع واحد من العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، قال قادة ترانسنيستريا إنه ليست لديهم نية لاتخاذ تلك الخطوة، منادين بتطبيق “دولتين مستقلتين”، والاستقلال رسميا عن مولدوفا.

Exit mobile version