Site icon هاشتاغ

ما لا نعرفه عن “الاقتصاد السلوكي”

هاشتاغ-أيهم أسد

يتطور علم الاقتصاد مثل كل العلوم الاجتماعية الأخرى بشكل مستمر، وتظهر الكثير من النظريات أو النماذج الاقتصادية الجديدة التي تسعى لتفسير السلوك الاقتصادي الإنساني أو السلوك الاقتصادي المؤسساتي.

تحاول كل نظرية جديدة في علم الاقتصاد دحض أفكار النظريات السابقة لها بتقديم البراهين العلمية على دقة محتواها العلمي وشدة تماسك أفكارها.

وما أن تتبين صحة تلك النظريات أو الأفكار الاقتصادية حتى تسارع حكومات الدول إلى تبنيها وتطبيقها على أرض الواقع واختبار نتائجها على الاقتصاد والمجتمع والسياسة العامة.

وكان من أحدث النظريات الاقتصادية التي ولّدت معارف جديدة في علم الاقتصاد هي نظرية “الاقتصاد السلوكي” والتي نال عنها الاقتصادي الأمريكي “ريتشارد ثالر” جائزة نوبل في الاقتصاد عام 2017. ‏

وعلى الرغم من ظهور أفكار هذا العلم نهاية سبعينيات القرن الماضي، إلا أن نتائجه التجريبية لم تتبلور بشكل كامل إلا ما بعد العام 2000 وقد بدأت الكثير من الدول الغربية والعربية بتطبيق محتوى ذلك العلم على اقتصاداتها.

ويستمد علم الاقتصاد السلوكي أسسه من علمي الاقتصاد والنفس، وظهر كردة فعل على انتشار استخدام النماذج الكمية والمعادلات الرياضية على علم الاقتصاد ما جعلها تميل إلى الجمود والتحول إلى علم رياضي بحت.

بالإضافة إلى عدم القدرة على فهم الكثير من الحيثيات ذات العلاقة باتخاذ القرارات المالية وقصورها في التنبؤ بالأزمات الاقتصادية وتفسير أسباب القصور الذي يحدث في الأسواق.

قام صندوق النقد العربي في عام 2021 بإصدار كراس صغير حول ذلك العلم حمل عنوان “استخدام الاقتصاد السلوكي في دعم عملية صنع السياسات الاقتصادي، تجارب إقليمية ودولية” ومن أهم ما جاء فيه:

يتبنى الاقتصاد السلوكي في الأساس حلولاً قائمة على علم النفس بهدف تحسين السياسات العامة، كما يستخدم أساليب تحليل اتخاذ القرار البشري ويدرس كيف يمكن أن يساعد التنبيه /الحث السلوكي الأفراد عل اتخاذ خيارات عقلانية من أجل المصلحة المشتركة للمجتمع.

السياسات الاقتصادية السلوكية تستهدف بالأساس تحسين استجابة الأفراد للسياسات العامة وزيادة مستويات كفاءته وهي ليست بديلا للسياسات الاقتصادية التقليدية.

نجاح السياسات السلوكية خلال السنوات الماضية لفت الأنظار إليها على المستوى الدولي ما نتج عنه تغيير أكثر من (136) سياسة حول العالم.

اتجاه صانعي السياسات بشكل متزايد إلى العلوم السلوكية لمعالجة تحديات السياسة الاقتصادية.

هناك ما لا يقل عن (202) جهة حكومية على مستوى العالم تستفيد من الاقتصاد السلوكي في صياغة السياسات العامة منها أمريكا وبريطانيا وألمانيا وتشيلي والبيرو ولبنان والسعودية والكويت.

تشير الدلائل الدولية إلى الأثر الإيجابي لاستخدام الاقتصاد السلوكي في زيادة الادخار القومي والالتزام الضريبي والالتزام بسداد القروض المصرفية، وترشيد الانفاق.

هناك توجه جديد لدى بعض الدول العربية نحو تبني السياسات السلوكية وجعلها جزءاً من عملية تصميم السياسات العامة من خلال إنشاء وحدات ومراكز للتنبيه والحث السلوكي.

هذا ما لا نعرفه عن الاقتصاد السلوكي، وإن عرفنا ذلك الآن ولاحقاً فهل سنوظف ذلك العلم من أجل معالجة مشكلاتنا الاقتصادية؟

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

Exit mobile version