Site icon هاشتاغ

مسائل في “محور المقاومة”..

هاشتاغ _ مازن بلال

تعيد زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى طهران شريطا من الأحداث يشكل في معظمه تفاصيل الأزمة السورية، فعلى عكس كل أحداث ما سمي بـ”الربيع العربي” فإن الحرب السورية، وبغض النظر عن كل التحليلات، دفعت الصراع الإقليمي نحو ذروة جديدة، وشكلت لاحقا جبهة دولية فوق الجغرافية السورية، وفي المقابل فإن العلاقات في المنطقة تغيرت بشكل جذري، وكانت إيران قاعدة الصراع؛ ليس بوصفها دولة ذات طموح إقليمي، إنما بالمحور الذي شكلته منذ الاحتلال الأمريكي للعراق.

وجود الرئيس السوري في طهران لن يغير من المعادلة التي ظهرت مع بداية الحرب، لكن التحولات الدولية والإقليمية تمنح المباحثات بين دمشق وطهران صورة مختلفة، على الأخص أن التصريحات الإيرانية المعلنة تحدثت عن “محور المقاومة” كقوة “يمكن الوثوق بها”، ويؤشر هذا الأمر إلى أن الصراع الإقليمي الذي يتجه نحو الهدوء النسبي مازال تصادم استراتيجيات، فالرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي تحدث بوضوح عن أن النظام الإقليمي تحدده المقاومة وليس “طاولة المفاوضات”.

عمليا فإن المباحثات الإيرانية – السورية وفي أعلى تمثيل له أعادت التأكيد على “نقطة الصراع” الأولى والمتمثلة بـ”إسرائيل”، والأمر لا يبدو مفاجئا ولكنه يظهر مع الترتيبات التي ظهرت على المستوى الدولي لرسم ملامح النظام الدولي بعد الحرب في أوكرانيا، واحتمالات الانزلاق إلى صراع دولي طويل يصعب فيه حسم شكل العلاقات الدولية، ويمكن هنا الإشارة إلى ثلاثة أمور أساسية:

الأمر الأول أن العلاقات بين طهران ودمشق تبدو مركبة أكثر من مجرد التعبير عنها بتصورات سريعة، أو بالحديث عن “انسحاب إيراني” من سورية، أو حتى بتطور الدور الروسي على حساب الوجود الإيراني على الأراضي السورية.

ما يتم تأكيده دائما بأن “محور المقاومة” هو جامع للعلاقات، وهذا الموضوع يرتب استراتيجيات خاصة بين البلدين لا يمكن اختصارها بالحديث عن “التواجد الإيراني”، فالأمر يتجاوز “التواجد” ويسعى لإيجاد “جناح جغرافي” كامل على ضفاف المتوسط، وتدرك دمشق هذا البعد وتعتبره جزءا من التوازن مع انسحاب العديد من الدول العربية من المواجهة مع “إسرائيل”.

الأمر الثاني أن محور المقاومة الذي شكل “جبهة عسكرية” لحوالي عقدين من القرن الحالي؛ يتحول إلى “تصور سياسي” على الأخص عند الجانب الإيراني، أما سورية فإن هذا المحور هو مجال حيوي لتمييز شكل الصراع القائم بعد أن استهلكت الحروب شرقي المتوسط.

ترى إيران محور المقاومة جزء من “الجيوبولتيك” الخاص بها، فهو يرسم أمنها القومي ضمن مساحة أوسع ويضعها على تخوم القارة الأوروبية، فالمحور الذي يحمل رمزية في الصراع مع “إسرائيل”؛ يخلق لإيران توازنات أخرى مع الكتل المنافسة مثل السعودية وتركيا، وتبدو دمشق ضمن هذه المعادلة حالة حيوية لا يمكن تجاوزها رغم الاختلاف النوعي بين البلدين.

الأمر الأخير مرتبط بسورية وتطور رؤيتها لهذا المحور الذي شكل جزءا من توازناتها، فرغم أن طهران تتجاوز بمعادلات القوة ما تملكه دمشق، لكن في المقابل فإن سورية تعتمد هذا المحور لتحديد طبيعة أمنها الوطني.

مسألة محور المقاومة لم تعد بالنسبة للحكومة السورية مجرد تحالفات مع قوى محلية مثل “حزب الله”، أو غيرها من القوى في لبنان وفلسطين، فهو اليوم يدخل ضمن تصورها للتوازن في ظل الحرب القائمة، لأنه الشكل الوحيد الذي لم تخلقه الحرب بل كان أحد الأسباب التي دفعت دول الإقليم لصراع مع دمشق، وهو الذي يضمن التوازن وفق تصورها لشكل النظام الإقليمي.

http://لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

Exit mobile version