تحت لافتة تحمل عبارة “شركة نفط الشمال.. النار الأزلية”، تندلع ألسنة اللهب من مناطق عدة فوق سطح الأرض في منطقة تتبع حقل بابا كركر في العراق، لتترك بقعا سوداء صغيرة تبدو وكأنها تفحّمت من أثر اللهب.
وحول النار تنتشر روائح غازية قوية، يقول القريبون منها إنها رائحة كبريتية، وحولها -أيضا- تدور الأقاويل بأنها مشتعلة منذ ما يزيد على 4 آلاف سنة، وهو أمر أرجعه البعض إلى كونها نارا بدأت بيد الإنسان، ورجّح البعض الآخر أنها نتاج ظواهر كونية لم تتدخل فيها يد بشرية.
وعلى الرغم من أن هذه النار الأزلية مشتعلة منذ سنوات طويلة، فإن مقطع فيديو بثه أحد المؤثرين أعاد إلى الأذهان صورة النار الموقدة في حقل بابا كركر النفطي في العراق، بمنطقة تتبع شركة نفط الشمال في محافظة كركوك، الغنية بالنفط والغاز
حقيقة النار الأزلية
يقول خبير الصناعات الغازية لدى منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول “أوابك” المهندس وائل حامد عبدالمعطي، إنه كان هناك اعتقاد لدى بعض الحضارات في منطقة آسيا، التي وجدت نيرانا مشتعلة بصفة مستمرة في باطن الأرض، أنها نيران مقدسة، لذلك عبدوها.
ولكن الحقيقة -وفق خبير أوابك- أن هذه النار الأزلية لا تتعدى كونها فقاعات غازية قريبة من سطح الأرض، تشتعل بفعل عوامل خارجية، أبرزها الصواعق، التي تضرب المنطقة فتتسبب في اشتعال النيران التي يراها الجميع.
وشكّك خبير أوابك في أن تكون النيران بحقل بابا كركر في العراق قد بقيت مشتعلة لمدة 4 آلاف عام كما يردد البعض.
ورجّح أن تكون هذه النيران قد اشتعلت بسبب صاعقة، وبقيت على هذه الحال لوقت طويل، قبل أن تنطفئ وتشتعل مرة أخرى.
وفسّر عبدالمعطي بقاء النار الأزلية مشتعلة لمدة طويلة من الزمن، بأن ما يتسرب من فقاعات غازية من باطن الأرض يكون بكميات قليلة جدا، ولكنه وصف في الوقت نفسه الحديث عن بقاء النار مشتعلة لمدة 4 آلاف عام متواصلة بأنها “خرافات”
جيوب الغاز والنيران المشتعلة
قال خبير أوابك وائل حامد عبدالمعطي، إن هناك ما يُسمى في لغة الصناعة “جيوب الغاز”، وهي نقاط تتسرب منها الغازات التي تحافظ على بقاء . الأزلية مشتعلة في المنطقة التابعة لشركة نفط الشمال بحقل بابا كركر في العراق.
ونشر عبدالمعطي فيديو بهدف توضيح كيفية حدوث هذه الظاهرة، إذ صوّر المقطع عملية حفر بئر ماء في العراق، وتفاجأ السكان بخروج ألسنة من النيران مع تدفق المياه، موضحا أن السبب هو وجود فقاعات غازية قريبة من الأرض.
ولفت خبير أوابك إلى أن هذه التسربات يمكن أن تحدث -أيضا- في البحار والمحيطات، إذ إن هناك حالات كثيرة مسجلة تظهر فيها الفقاعات الغازية، لا سيما أن هذه الفقاعات لا يمكن استغلالها بسبب انخفاض كميتها وانخفاض ضغطها أيضا.
وبحسب معتقدات قديمة، فإن النار الأزلية قد اشتعلت قبل الميلاد بنحو 550 عاما ولم تنطفئ حتى الآن، وهي تقع في منطقة تعاني تصدعات بالقشرة الأرضية قرب حقل نفطي، الأمر الذي جعل الغازات تتسرب منها بصورة مستمرة، ما جعل المنطقة وجهة للرعاة، الذين جلبوا أغنامهم إلى المنطقة لتدفئتها في الشتاء، وفق “بي بي سي”.
نار لا تُطفئها الأمطار والرياح
في مقطع الفيديو، الذي نشره “الخيميائي أحمد مجدي”، ظهرت جيوب من النيران مشتعلة فوق الأرض، وبعضها اشتعل أمام الكاميرا بمجرد حفر نقطة صغيرة فيها، وسط تصاعد روائح كبريتية قوية.
وخلال المقطع، قال أحمد مجدي إن النار الأزلية التي تشتعل في حقل بابا كركر في العراق لم تستطع الأمطار ولا العواصف والرياح أن تطفئها، وإنما بقيت مشتعلة على مر السنين، محافظة على جذوتها متقدة رغم كل الظواهر الجوية.