Site icon هاشتاغ

مشروع “الشام الجديد”: تحالف لثلاث دول عربية لتنويع خياراتها السياسية والاقتصادية .. ماذا عن “الشام”؟

تسعى مصر في ظل التبدلات الإقليمية، والجيوسياسية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، إلى عقد تحالفات سياسية مع دول المنطقة، بهدف تنويع مصادر العلاقات الخارجية، ومواجهة المستجدات والتحديات الناتجة عن التنافس على الموارد، والثروات الطبيعية.

وكانت زيارة وزير الخارجية العراقي “فؤاد حسين” إلى مصر في اليومين الماضيين حملت رسالة إلى الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” من نظيره العراقي “برهم صالح”، وأكد فيها الجانبان عمق العلاقات، والأهداف الاستراتيجية بين البلدين.

ودعماً لعلاقات التعاون المتبادلة ومسيرة العمل المشترك بين مصر والعراق والأردن، أشار الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية في مصر إلى حرص مصر على تعزيز دورها القومي والعربي، من خلال سياسة رشيدة قائمة على مبادئ متوازنة تهدف إلى تحقيق الاستقرار، والأمن في المنطقة.

وتزامن وصول وزير الخارجية العراقي إلى مصر مع وصول رئيس وزراء الأردن “بشر الخصاونة” لبحث أفق التعاون الثلاثي المشترك “الأردني المصري والعراقي”، ولدعم ما يسمى بـ “تحالف الشام الجديد”، وهو المشروع الذي خلص إليه قادة الدول الثلاث، في آب العام الماضي، بعد القمة التي جمعتهم، في العاصمة الأردنية عمان.

ويستهدف مشروع الشام الجديد إعادة الدور الريادي للمنطقة من خلال الاستفادة القصوى من المردودات الاقتصادية الهائلة للثروة النفطية بالعراق، ومن ثم تعزيز الجوانب الاستثمارية والتجارية وتفعيل الآليات الدبلوماسية لحل الأزمات الإقليمية.

ويرى محللون أنَّ الأمن الاقتصادي للدول الثلاث، سوف ينعكس بشكل إيجابي، وتغيرات مهمة، في ظل تفعيل مشروع “الشام الجديد”، لاسيما بعد إطلاقهم مشروع مد خط أنبوب نفطي من ميناء البصرة جنوب العراق، وصولاً إلى ميناء العقبة في الأردن، ومن ثم مصر في آذار من العام 2019.

وطبقاً لذلك ستتمكن كل ممن مصر، والأردن الحصول على النفط العراقي، وبخصومات تصل 16 دولاراً للبرميل الواحد، وفي المقابل سيحصل العراق على الكهرباء من مصر والأردن، إلى جانب زيادة الاستثمارات للعراق، وقد يصل الناتج المحلي في الدول الثلاث إلى 500 مليار دولار.

ولفت محللون أن الهدف الرئيس من مشروع ” الشام الجديد” هو استثمار إمكانات الدول الثلاث ومقدراتها الحيوية، بهدف تحقيق تكامل اقتصادي، إذ إن مصر ستضخ طاقتها البشرية الهائلة، وتوفر قطاعاتها الصناعية الكبيرة لدعم المشروع الاقتصادي العملاق، كما أن العراق سيقدم إمكاناته النفطية، بينما الأردن سيقدم موقعه الاستراتيجي المهم للوصول إلى أفضل النتائج من المشروع على أرض الواقع.

ويهدف سعي مصر إلى عقد تحالفات إقليمية بحسب محللين إلى مواجهة المخاطر المستجدة، في الساحة السياسية، إذ تعتمد مصر إلى توطيد العلاقات مع الأردن، والعراق إلى جانب علاقاتها الدائمة بالخليج العربي، للوصول إلى صيغة سياسية وإقليمية لدعم الاستقرار في المنطقة
في سياق متصل رأى مهتمون بالشأن العراقي أنَّ بغداد تسعى إلى التخلص من الفوضى الأمنية، وكل التداعيات السلبية الناشئة عن الفراغ السياسي منذ سنوات، وبالتالي البحث في محيطه الإقليمي الحيوي، العربي والخليجي، عن الاستقرار والدعم
أصل المشروع وغاياته

وتحدثت أوساط إعلامية أنَّ المشروع قديم، وتم العمل على أسس فيه، من قبل رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي، وهو ناتج عن دراسة للبنك الدولي، تتحدث عن إطار يضم العراق، سوريا، لبنان، مصر، تركيا، والأردن، وقبل هذا الكلام كله كان هناك تسريبات عن إدخال إسرائيل لهذه المنظومة لربطها بمشروع سكك حديد يصل إلى العراق ودول الخليج، وبالمقابل يُشيد أنبوب نفط يعبر الأردن إلى إسرائيل ومنها يمتد إلى المتوسط وأوروبا.

وبعد فترة من الصمت أعادت الدول الثلاث إحياء المشروع، ولغايات واضحة، فالعراق الغني بالنفط يمد الأردن ومصر باحتياجاته عبر أنبوب نفط من البصرة إلى العقبة ومن ثم إلى مصر، وقد يستكمل من مصر إلى آسيا وأوروبا، وبالمقابل فإن مصر والأردن سيمدان العراق بالكهرباء عبر مشاريع للربط، يتوازى مع كل ذلك تعزيز لانتقال العمالة، وبناء المشاريع الاقتصادية المشتركة، والمدن الصناعية، والمناطق التنموية الحرة.

وقال المحلل السياسي عبد القادر النايل إن “هناك تحديات كبيرة أمنية واقتصادية تواجه المنطقة خاصة أنَّ هناك من يرى أن هذا المشروع يستهدف إيران، فالأخيرة استخدمت العراق في تبادل تجاري كبير، ومصالح فاقت 20 مليار دولار ما مكنها من التغلب على العقوبات الأمريكية، وعلى هذا الأساس هناك تخوف كبير على هذا المشروع في ظل التصعيد الأمريكي.

ويرى محللون أنَّ التوقيت  للأردن كان عاملاً مهماً خاصة بعد إعلان اتفاق “إبراهام” الذي يفتح الباب لعلاقات طبيعية كاملة بين الإمارات و(إسرائيل) وهو الاتفاق الذي تعاملت معه عمان بكثير من الحذر، في محاولة لامتصاص تفاعلاته، فلم تنهج الترحيب المصري المتحمس، ولا اتخذت موقفاً انفعالياً كالذي تبنته السلطة الفلسطينية، وربما لم يكن ثمة جديد بالنسبة للأردن، التي تتوقع عملياً وجود مثل هذه الخطوات، وتفكر في أثرها في العلاقات مع دول الخليج العربي، بالتوازي مع الأثر الذي يشكله انفتاح علاقات خليجية ـ (إسرائيلية) في القضايا الخلافية مع الجانب (الإسرائيلي) المتعلقة بإقامة دولة فلسطينية، وضرب مشروع الوطن البديل، الذي يستهدف ترحيل مشكلات (إسرائيل) إلى الأردن.

وكشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية أنّ الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تبني استراتيجية سياسية هدفت إلى دمج العراق بالخليج، عبر بوابة التعاون الاستثماري في مجال الطاقة، باعتبارها خطوة أولى تهدف لتقليل اعتماد بغداد على الطاقة الإيرانية، ودفعها للاستيراد من دول الخليج، وتتفق تصريحات الصحيفة الأمريكية مع الاتفاقية التي تعد الأولى من نوعها، والتي وقعها العراق مؤخرًا مع دول مجلس التعاون الخليجي، لتزويد المناطق الجنوبية بنحو 500 ميجاوات، عبر خط النقل بطول 300 كلم، يبدأ من الكويت إلى ميناء الفاو في جنوب العراق.

وأكد خبراء أنه وعلى أرض الواقع لن يُساهم مشروع الشام الجديد في تغيير ملموس في دعم قطاع الكهرباء في الأردن، كما أن الخصومات التي يحصل عليها من استيراد النفط العراقي بواقع 16 دولار للبرميل مستمرة قبل الشروع في إنشاء مشروع الربط الكهربائي، وتوفر الخزينة العامة الأردنية جرّاء تلك الصفقة 160 ألف دولار يوميًا، وبواقع 4.8 ملايين دولار شهرياً من فاتورة النفط، رغم أن تلك الشحنة توفر فقط 7% من حاجة البلاد للطاقة، الاستفادة السياسية للأردن من مشروع الشام الجديد تكمن في استغلال موقعه الجغرافي الاستراتيجي ليكون بوصلة الربط الكهربائي في الجزيرة العربية بداية من الخليج الممتد إلى العراق نهاية بمصر، وهو ما يجعل له دوراً سياسيا ًكبيراً، إذ اتفقت القمة الثلاثية الأخيرة على دفع البلدان الثلاث لتعزيز دورهم الإقليمي في المنطقة.

Exit mobile version