Site icon هاشتاغ

من وسط دمشق … أهلا بكم في شارع الظلام الدامس!

هاشتاغ سورية – رأي وسام كنعان
دائماً ما نتداول قصّة وزير الكهرباء في إحدى الدول المتقدمة الذي انحنى أمام شعبه مدة توازي زمن انقطاع التيّار الكهربائي عنهم! نداورها بيننا بشيئ من الدهشة والحلم. حلم بائس بأن نرى وزيراً واحداً فقط ينحني لسبب أو آخر أمام شعبه، أو فلنقل نراه بين الناس ولو بمنطق إعلامي مبكّل، يقصد مخاطبة العاطفة الجمعية عند الجمهور، طالما أننا شعب عاطفي تشوب سلوكياته الرأفة بحكومته على وجه الخصوص. فنحن لا نقبل لمعالي وزير الكهرباء مثلا أن يمضي عمره منحنياً أمامنا لا سمح الله، طالما أننا عشنا عمراً كاملاً من العتمة الحالكة، والزواريب المقفرة! آمناّ بأن الحصار أكبر من الجميع، وتأقلمنا مرغمين مع التقنين الطويل. ساعتين بأربعة، آخر من حرر من إجراءات! طبعاً من باب آخر تجاهلنا تصريحات وزارة النفط من خلال مكتبها الإعلامي، وصفحاتها على السوشال ميديا بأن أزمة البنزين والمازوت ستتلاشى رويداً رويداً. فنحن أعقل من أن نصدّق هذه التصريحات، ونحن نعرف بأن الحكومة لا تملك من أمرها شيئاً. لكن ما يحصل في وسط دمشق منذ ثلاثة أيّام يجعل الكفر حلالاً. لك أن تتخيل أن يعيش شارع بأكمله في وسط العاصمة هو الشارع الواصل من ساحة الميسات، إلى ساحة شمدين في ظلام دامس تام منذ ليل الخميس الماضي وحتى كتابة هذه السطور! دون أن يرفّ لأحد جفن. كلّ الاتصالات بالطوارئ، ومدير عام كهرباء دمشق، ومكتب وزير الكهرباء، و حتى الملائكة المسؤولين عن النور في الشام في الدار الآخرة ستذهب هدراً. أما الاستنجاد بالزملاء الإعلاميين المسؤولين عن المواضيع الخدمية، فيبدو أشبه بنكتة بائدة لا تستجلب ولو ابتسامة عابرة! العتم يستمر في السطو على يومياتنا، والبرد ينهك مفاصلنا، ومدير مكتب الطوارئ في ركن الدين المنطقة الذي يتبع لها هذا الشارع إدارياً، أقفل هاتفه ومضى إلى مكان نجهله! والأسود الفاحم يسيطر، ولا أذن تسمع ولا عين ترى!
ترى هل هناك ذلّ أكثر من ذلك؟ وكم تساوي بقايا كرامتنا المهدورة في ميزان حكومة معدّة بوصفة ذهبية لسحق المواطن وتجويعه وتبريده؟! الأكيد أنها لا تساوي شيئاً. لذا من جانبنا كسكّان لهذا الشارع، حتماً سنضيئ ليلنا بالليدات والشموع إلى أن تنطفئ بآخر رمق لها. وكصحافيين لا بديل لنا من النعيق المستمر على مضاجع المستهترين بأبسط حقوقنا، إلى أن يستفيق ضمير أحد المسؤولين ويقول بأنه هنا، ولحينها فليكلل العار كل بلاد ينام أطفالها مسيجين بالعتم والبرد والخوف!

Exit mobile version