Site icon هاشتاغ

“نبوءة” عام القمح لم تتحقق: الحكومة توافق “متأخرةً” على توصيات لإنقاذ الموسم بعد “إعلان وفاته”!

هاشتاغ_ خاص
تعددت أسباب تعثر موسم ” عام القمح “، وكل المحفزات التي تم إطلاقها من قبل الجهات المعنية على الموضوع “ذهبت مع الريح”؛ إذ “لا قمح سيُجنى ولا سنابل ستنبت”.

وصَحت الحكومة “متأخرة” على خطوة لدفع عملية استلام ما نبت من القمح، ووافق رئيس مجلس الوزراء، المهندس حسين عرنوس، على عدد من التوصيات، التي اعتبرتها الحكومة مستعجلة، رغم أن موسم تسويق الحبوب شارف على الانتهاء، ومن تلك القرارات استلام الكميات الواردة كلها إلى مراكز الحبوب وتسليم الكميات المرفوضة إلى مندوبين من مؤسسة الأعلاف ضمن مراكز الحبوب، لكن، ماذا عن بقية المعوقات التي أدت إلى النتيجة التي سبق وأعلنا عنها؟!.

مناخ “متآمر”!
البداية من المناخ الذي “تآمر” مع مجمل المتآمرين على القمح هذا العام؛ حيث فكر بزيارة سورية بعد انقطاع مدة 40 عاماً، وحبس الأمطار عن جميع المحافظات دون استثناء، ما أخرج 700 ألف هكتار من أصل 800 ألف من الأراضي المزروعة بعلاً بالقمح، وذهبت “الخطط الموعودة بلا تنفيذ”.

ولا يقتصر تراجع الموسم المنكوب على الظروف الجوية التي بات اتهامها أسهل الطرق للتملّص من التقصير الحاصل، وفي حال التسليم لـ”قدر الأمطار” والتي أخرجت المساحات البعلية من الحسابات، فماذا عن تلك المروية التي سارع الفلاحون لزراعتها استجابة للوعود بعام القمح، وتقديم كل الدعم لهم، ليصدموا فيما بعد بأن الخطة تقع على أكتافهم وحدهم، فلا السماد تم تأمينه، ولا المحروقات، ولا المياه، ولا التكاليف، و”الحق كله” حسب المعنيين ” على الحصار”!.

وفي تحقيق سابق لـ”هاشتاغ” أشرنا إلى الخذلان الذي أصاب الفلاحين بعد وعود بتقديم كل ما يلزم من دعم في سبيل “إنتاج عام القمح” وكانت تبريرات مدير المصرف الزراعي وقتها بأن الحصار منع وصول باقي ما يلزم للإنتاج بعد بدء الفلاحين بالزراعة، ومن بعدها بدأت “الأعذار الحكومية” التي تتحدث عن عكس توقعاتها، رغم أن الحسابات التي أعلنتها وزارة الزراعة كانت منذ البداية غير دقيقة، وكان من السهل توقع النتيجة التي حصلت.

“لملمة” حكومية!
وفي سبيل “لملمة” ما أمكن من القمح الذي نبت، اجتمعت اللجنة الإقتصادية وصدر قرار من رئيس مجلس الوزراء تضمن مجموعة بنود جديدة تتعلق بتسويق الأقماح وتقديم تسهيلات تؤكد على أهمية جني واستلام كل حبة قمح يتم إنتاجها، لكن، الواضح أن القرارات جاءت متأخرة ومع نهاية موسم تسويق الأقماح.

وتحمل تلك القرارات اعتراف صريح وواضح بتقصير الدوائر المسؤولة عن هذا الملف والتي سبق أن وضعت العراقيل غير العلمية وغير المؤسساتية وغير الأخلاقية في وجه منتجي الأقماح، وجاءت القرارات الأخيرة لمجلس الوزراء لتسهل عملية التسويق وتحمّل مؤسسة الحبوب المسؤولية في غربلة المنتج وعلى نفقتها وإعفاء الفلاح من ذلك، والطلب من الجهات المعنية استلام كل حبة قمح، ومن مراكز التسويق يتم تحويل أي كمية أقماح ذات نسب شوائب وأجرام مرتفعة لصالح مؤسسة الأعلاف وتحميلها مسؤولية تخزينها والتصرف بها، كما أكدت القرارات على دفع ثمن أكياس الخيش التي يسلمها الفلاح.

الجزيرة.. عامها سيء!
إذاً، “العدة أصبحت جاهزة” لاستلام ما نبت من القمح/ لكن عام الجزيرة السورية لا يشبه بقية الأعوام؛ حيث مر عليها أسوأ مواسم إنتاج القمح والمحاصيل الاستراتيجية الأخرى، على الأقل خلال السبع السنوات الماضية، نتيجة الظروف المناخية الصعبة وانحباس الأمطار والحصار الأمريكي وظروف الحرب، إضافةً لارتفاع تكاليف الإنتاج وغياب الدعم الحكومي للفلاحين من عدم منح البذار والسماد والقروض الزراعية، ما يهدد الأمن الغذائي وحياة الثروة الحيوانية في تلك المنطقة.

وأفادت مصادر خاصة في محافظة الحسكة لـ”هاشتاغ” بأنه نتيجة لهذا الحال السيئ تشهد مراكز شراء وتسويق القمح الحكومية الثلاثة في محافظة الحسكة “جرمز والثروة الحيوانية والطواريج” بمدينة القامشلي، إقبالاً ضعيفاً جداً من قبل المزارعين والفلاحين؛ حيث لم تتجاوز الكميات المشتراة حتى تاريخه الــ 500 طن من القمح بالرغم من اتخاذ كامل الإجراءت والاستعداد على أكمل وجه لاستلام المحاصيل من المزارعين لهذا العام.

ويعود ضعف الإقبال من الفلاحين على مراكز الدولة لأسباب عدة، أهمها منع تنظيم “قسد” للفلاحين من الوصول إلى المراكز وإجبارهم على بيع الحبوب له، إضافةً لتدني سعر الشراء الحكومي مقارنة بالأسواق الخاصة التي وصل فيها سعر الكيلو الواحد من القمح إلى 1150 ليرة سورية في حين السعر الحكومي لم يتجاوز 900 ليرة سورية.

“قسد” تسرق القمح!
وفي السياق نفسه، حددت “قسد” عدداً من المراكز في جميع مناطق سيطرتها في شمال وشرق سورية وهي 26 مركزاً منها 13 مركزاً في محافظة الحسكة و5 مراكز في الرقة و3 في عين العرب مجهزة بالكامل، بالإضافة إلى صوامع البو عاصي في الطبقة، ومركز في منبج، و3 مراكز في ريف دير الزور الشرقي، كما حددت سعر شراء القمح بـ 1150 ليرة سورية للكغ الواحد، و850 ليرة سورية لكيلو الشعير لهذا العام.

وقالت مصادر خاصة لـ”هاشتاغ” إن مراكز “قسد” في محافظة الحسكة فقط اشترت حتى الآن 24 ألف طن من محصول القمح من المزارعين، مع معلومات تفيد أن الكميات المشتراة وصلت لحدود 100 ألف طن في مناطق شمال شرقي سورية، وتوقعات بشرائها 500 ألف طن من القمح في كل المراكز شمال شرقي سورية، وهذه الكميات مهددة بالبيع والمتاجرة بها من قبلها كما حدث خلال الموسم الماضي عندما قامت ببيع 800 ألف طن من القمح إلى إقليم شمالي العراق عبر الجيش الأمريكي وبإشرافه.

الخطر قادم!
ليس بعيداً عن موسم إنتاج القمح لهذا العام، ومع التكاليف العالية التي تتكبدها الجهات الحكومية لاستيراد القمح، تكبر المخاوف من الوصول إلى الخط الأحمر “الخبز” بالدرجة الأولى، مع بدء موسم حصاد القمح، وبدأت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي تحذر من أزمة خبز قادمة، خاصةً بعد معرفة أن التكاليف التي تقع على عاتق الحكومة قد تتجاوز 400 مليون دولار، وبالتالي من الممكن أن ينعكس ذلك على ضعف الإنتاج والاكتفاء الذاتي ليحل مكانه الاستيراد في سبيل تأمين المادة للاستهلاك، ولرفد المخازين الاستراتيجية.

ويبدو من الأرقام الصادرة حتى الآن، أن الإنتاج المحلي لن يكفي سوى مدة قصيرة، مع تأكيد رئيس الحكومة وطمأنته بأن المخزون اليوم يكفي حتى نهاية العام.

هذا، وبدأت عمليات استلام القمح في 25 أيار/ مايو عبر 46 مركزاً في عموم سورية، وتم تخصيص 450 مليار ليرة كدفعة أولى، وصُرف 200 مليار حتى الآن، والباقي يتم توزيعه على المحافظات.

وعلى مستوى التخزين، فبعد أن وصلت طاقة “الدوكما” التخزينية إلى 5 ملايين طن قبل الحرب، ها هي تقتصر اليوم على 400 ألف طن موزعة على 5 صوامع بيتونية، و115 ألف طن على 9 صويمعات معدنية بعد إدخال صويمعتين جديدتين هذا العام في الخدمة، واحدة في ريف الرقة “دبسي عفنان”، والأخرى في ريف حلب بعد تجميعها من ثلاثة مواقع مخربة وصيانتها، مع إضافة بعض المعدات، وذلك حسب بيانات صادرة عن مؤسسة الحبوب.

بدائل.. غير معلنة!
وبالعودة إلى الحلول البديلة، تشير مصادر خاصة في مؤسسة الحبوب لـ”هاشتاغ”، إلى إبرام عقود لمليون طن منذ بداية العام، وهي قيد التنفيذ الآن، حيث تم استيراد 750 ألف طن حتى الآن، ولن يتم إبرام عقود جديدة قبل انتهاء الموسم، وتكشّف الأرقام بشكل فعلي.

وهنا تجدر الإشارة إلى السماح لتجار القطاع الخاص باستيراد الطحين منذ آذار/ مارس 2020، وقد صرح مسؤولو التجارة الداخلية حينها بأن هذا القرار سيخفّض سعر الخبز السياحي، ومنتجات الأفران الخاصة، فماذا قدم التجار منذ عام وحتى اليوم سوى ارتفاع الأسعار ونقص المادة؟.

في المحصلة، لم يعد ينتظر الفلاح اليوم سوى تعويض مناسب حتى يسترد تكاليفه، ويتمكن من التحضير للموسم المقبل الذي يأمل الجميع أن يخطَّط له بدقة هذه المرة، ولا يُفاجأ المسؤولون بالحصار وصعوبة توفير السماد والمحروقات كما كل عام!.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

Exit mobile version