Site icon هاشتاغ

هل حدد الرئيس الصيني “ساعة الصفر”: مؤشرات متزايدة على قرب هجوم صيني لاستعادة تايوان

خلال خمسة أيام، أرسلت الصين “عدداً غير مسبوق” من طائراتها العسكرية إلى منطقة الدفاع الجوي التايوانية، ما يطرح تساؤلات بشأن الغرض الرئيسي لبكين من وراء ذلك التصعيد العسكري وتوقيته، حيث تتزايد المؤشرات وفقاً لمراقبين لاقتراب ساعة الصفر، وانطلاق هجوم صيني لاستعادة الجزيرة المتمردة.
وينقل موقع “عربي بوست” عن مراقبين ومراكز دراسات غربية قولهم إن مؤشرات عديدة تؤكد أن “ساعة الصفر” ربما تكون قد تم تحديدها بالفعل من جانب بكين، للهجوم على تايوان، الجزيرة التي تعتبرها الصين جزءاً من أراضيها.
وكانت الصين وتايوان قد انفصلتا خلال حرب أهلية في الأربعينيات، وتعتبر تايوان نفسها دولة ذات سيادة وتحظى بدعم أمريكي وغربي، لكن بكين لا تزال تصر على أنه ستتم استعادة الجزيرة في وقت ما، وبالقوة إذا لزم الأمر.
ولا يعترف بتايوان سوى عدد قليل من الدول، إذ تعترف معظم الدول بالحكومة الصينية في بكين بدلاً عن ذلك. ولا توجد علاقات رسمية بين الولايات المتحدة وتايوان، ولكن لدى واشنطن قانون يلزمها بتزويد الجزيرة بوسائل الدفاع عن نفسها.
ومنذ سنوات تقول الصين إنها أصبحت قلقة بشكل متزايد من أن حكومة تايوان تحرك الجزيرة نحو إعلان رسمي للاستقلال وتريد ردع رئيستها تساي إنغ ون عن اتخاذ أي خطوات في هذا الاتجاه. وكانت بكين قد زادت ضغوطها العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية منذ وصول تساي إلى السلطة في عام 2016، ويُعرف عنها رفضها مبدأ “الصين الواحدة”.
إرسال ذلك العدد الهائل من الطائرات الصينية إلى منطقة الدفاع الجوي لتايوان، على مدى 5 أيام وبتشكيلات متنوعة وفي أوقات متعددة، أثارت ردود فعل قلقة للغاية من جانب المسؤولين في تايوان، إذ حذر وزير دفاع الجزيرة من “خطر وقوع اشتباك وشيك بين البلدين”.
وتقع منطقة تحديد الدفاع الجوي خارج المجال الجوي لتايوان، ولكن الطائرات الأجنبية فيها تخضع للتحديد والمراقبة من أجل حماية الأمن القومي. وبالنسبة لتايوان، تظل هذه المنطقة من الناحية الفنية مجالاً جوياً دولياً.
ونشرت صحيفة The Times البريطانية تقريراً بعنوان “هل بإمكان تايوان الدفاع عن نفسها في مواجهة غزو صيني؟”، رصد آراء خبراء عسكريين فيما قد يكون غرض بكين من تلك المناورات الجوية الهائلة وغير المسبوقة، وسر توقيتها.
وبحسب أندرو كريبينيفيتش، وهو محلل أمريكي لشؤون الدفاع ومسؤول سابق بوزارة الدفاع الأمريكية، فإنَّ توغل 150 مقاتلة وقاذفة صينية في منطقة الدفاع الجوي التايوانية على مدار 4 أيام هذا الأسبوع كان “اختباراً لخطة بكين الحربية لغزو الجزيرة”.
وقال محللون عسكريون للصحيفة البريطانية إن أول علامة مادية على الغزو في قطع الأنوار. وقد يتم تنفيذ ذلك عبر هجوم إلكتروني يصيب كل محطة طاقة بغرض شل قدرة تايوان على الدفاع عن نفسها. ويمثل ذلك الخطوة الأولى نحو هجوم جوي ومجوقل وبرمائي وصاروخي باليستي صيني يتضمَّن مهمات “قطع الرؤوس” لتحييد الشخصيات القيادية.
وبحسب أندرو كريبينيفيتش، “تدعو عقيدة جيش التحرير الشعبي إلى تركيز العمليات في نطاقات السرعة –الفضاء والفضاء الإلكتروني والجو والمجال الكهرومغناطيسي- والنصر سريعاً”.
وأضاف الخبير الأمريكي المختص بالأمن الصيني والتايواني: “إذا ما تصرَّف جيش التحرير الشعبي وفقاً لعقيدته، من المرجح أن نشهد هجوماً إلكترونياً هائلاً مدعوماً بتشويش واسع النطاق وأشكال أخرى من الحرب الإلكترونية على الجزيرة (تايوان) لإعاقة بنيتها التحتية الحيوية وروابط اتصالات قيادتها العسكرية”.
وتابع: “أتوقع أن نرى هجمات جوية وصاروخية كبرى على المنشآت العسكرية الرئيسية، نسخة حديثة من الهجمات الألمانية على السوفييت في 22 يونيو/حزيران 1941، أو بيرل هاربور، أو الهجمات الإسرائيلية في اليوم الأول من حرب الأيام الستة”.
وقال إنَّه لن يكون هناك غزو على شاكلة إنزال النورماندي (الخطة التي نفذها الحلفاء أثناء الحرب العالمية الثانية)، “أتوقع إنزال القوات الخاصة لجيش التحرير الشعبي جواً وبحراً، والسيطرة على العديد من المطارات التي ستُنزِل فيها طائرات النقل أعداداً كبيرة من القوات البرية”.
ومن جانبه، قال إيان إيستون المدير الأول لمعهد “مشروع 2049” في واشنطن، للصحيفة البريطانية: “لم يكن ذلك (الاستعراض الجوي غير المسبوق) انتقاماً صينياً لقاء شيء فعله الغرب، مثل المناورات التي شملت حاملات طائرات أمريكية وبريطانية قبالة سواحل الفلبين. بل الأرجح أنَّه كان تجربة لاختبار قدرتها على تنفيذ خططها الحربية”.
وأضاف إيستون: “يدعم التوقيت هذه الفكرة. فشهر تشرين الأول هو أفضل شهر لغزو تايوان من حيث حالة البحر؛ إذ تكون المياه في هذا الوقت من السنة مثالية للعمليات العسكرية”.
قد يشير اختلال ميزان القوة بين تايوان وجارتها القوة العظمى، اللتين يفصلهما أقل من 81 ميلاً (130.4 كيلومتر) عند أضيق نقطة في مضيق تايوان، إلى أنَّ الغزو الصيني سيكون سريعاً ومُظفَّراً. لكن سيكون هناك العديد من العوامل المُعقِّدة، ليس أقلها طبيعة رد الفعل الذي قد يصدر عن الولايات المتحدة.
وسبق أن حذرت تايوان من أن الصين ستكون قادرة على شن غزو واسع النطاق على الجزيرة بحلول عام 2025. فيما سارت تايبيه مؤخراً بدراسة مشروع قانون للإنفاق الدفاعي بمليارات الدولارات لبناء صواريخ وسفن حربية.
والعام الماضي، قرّرت واشنطن، التي تعتبر التصدّي لتنامي النفوذ الصيني في المنطقة أولوية استراتيجية، بيع تايوان قاذفات صواريخ تكتيكية مقابل 436 مليون دولار ومعدّات تصوير للاستطلاع الجوي مقابل 367 مليون دولار، لتصل بذلك القيمة الإجمالية لهذه المبيعات إلى أكثر من 1.8 مليار دولار.
وأوضح إيستون أنَّ هناك أمراً آخر مهماً، حيث قال: “إنَّ تايوان هي هبة الله حين يتعلق الأمر بالدفاع. فهناك 14 شاطئاً… كلها تحدّها أجراف شديدة الانحدار، معظمها بارتفاع بين 1000 قدم (305 أمتار تقريباً) و2000 قدم (610 أمتار تقريباً) والبعض الآخر أعلى من ذلك بكثير”.
وأضاف: “تقف هذه الظواهر التضاريسية في تايوان في صالح المدافعين، وهناك أنفاق محفورة في كل مكان لتوفير الغطاء للهجوم على القوات الغازية”. لكنَّه اعترف بأنَّ “مهمة مستحيلة” تواجه تايوان من الناحية الاستراتيجية.
“قد يدافعون في مواجهة الموجة الأولى من الهجمات وربما الثانية، لكنَّ الصينيين سيشوشون على اتصالاتهم وأقمارهم الصناعية ويقطعون كابلات الألياف الضوئية خاصتهم. وفي النهاية لن تكون تايوان قادرة على الدفاع عن نفسها دون دعم أمريكي ضخم”.
هل سيكون هناك متسع من الوقت أمام الولايات المتحدة للتدخل قبل فوات الأوان؟ قال كريبنيفيتش: “لدى الولايات المتحدة حالياً قوات قليلة متمركزة في قواعد أمامية، وبالتالي لا يمكنها مواجهة هجوم من جيش التحرير الشعبي بقوة ما لم يكن لديها تحذير مسبق قبل أشهر”.
وستكون قاعدة أندرسن الجوية في غوام، على بُعد 1700 ميل (2736 كيلومتراً تقريباً) من تايوان نقطة انطلاق حيوية، مثلما ستكون مجموعات حاملات الطائرات الهجومية في المنطقة.
هل ستخاطر بكين باستباق محاولة إنقاذ أمريكية بشن هجمات بالصواريخ الباليستية أو القاذفات على قاعدة غوام؟ قال كريبينيفيتش: “ظني، وهو مجرد ظن، أنَّها لن تفعل. وقد تُفضِّل بكين وضع عبء الضربة الأولى على واشنطن وتراهن على ألا يفعل الرئيس بايدن ذلك”.
تنفق الصين على جيشها أكثر من تايوان بـ25%، ولديها أفضلية ساحقة في كل شيء بدءاً من القدرات الإلكترونية وحتى الصواريخ الباليستية والطائرات المقاتلة والسفن الحربية.
مع ذلك، تدين تايوان بالفضل للولايات المتحدة في امتلاكها لبعض الأسلحة المتطورة. وتنتج تايوان أيضاً صواريخها الخاصة طويلة المدى بكميات كبيرة، ولو أنَّه يجري التكتم جداً على العدد.
Exit mobile version