Site icon هاشتاغ

هروب إلى المجهول: الإمارات وجهة رئيسية للسوريين.. والأحلام الكبيرة تصطدم بالقوانين وشروط المنافسة الشرسة

الإمارات وجهة رئيسية للسوريين

رولى سالم ـ الإمارات

ليس من الصعب على أي شخص وبنظرة سريعة على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصةً الصفحات التي تعنى بالسوريين الموجودين في الإمارات، ملاحظة كمية الباحثين عن عمل هنا وهناك من خلال نشر سيرتهم الذاتية ومؤهلاتهم العلمية، والتوسل لأصحاب تلك الصفحات بإيجاد عمل لهم حتى لو كان نادلا في مطعم أو ناطوراً في بناية!

بالعودة للمحصلات العلمية التي يحملها السوريون، ستجد المهندس والمعلم والحرفي، لكن كل هذه المؤهلات لا تفيد في ظل الشروط والقوانين التي تفرضها الدولة على الوافدين لتحقيق شروط العمل المطلوبة عندهم.

تنافس على أشده

وفقاً لمصادر في سوق العمل بالإمارات، تتنافس أكثر من١٨٠ جنسية على سوق العمل، ولأن هذا السوق مفتوح للجميع تعتقد بأنه من السهل ايجاد عمل، لكن عندما تصطدم بواقع العمالة هنا تبدأ أحلام الحصول على عمل بالتبخر.

في البداية يكون سقف الأحلام كبيرا عند الوصول إلى الإمارات، بإيجاد فرصة عمل جيدة وبراتب جيد، لكن سرعان ما يكتشف القادم أن الأمر مختلف على أرض الواقع. ورويداً رويداً تتغير شروط القبول بالعمل، لأنهم قبل قدومهم باعوا أغلب ما يملكون في سورية لتأمين أجرة بطاقة الطائرة والفيزا فقط، ويصبح التحدي الأكبر برفض فكرة العودة, حتى لو كلف الأمر العمل بأقل الأجور، ومن ثم يبدأ السوري بالتنازل ليقبل غالبا عملاً كان يرفضه في بلده.

(أحمد) شاب ثلاثيني، مهندس، جاء إلى الإمارات منذ شهر ونصف، يحمل آماله كلها في حقيبته، ساعياً إلى الاستقرار بعمل يليق بسمعته وشهادته، لكنه فوجئ بأن قانون العمل في الإمارات لا يشبه قانون العمل في سورية، ففي بلد الـ ١٨٠ جنسية مختلفة أنت مطالب أن تكون على قدر كبير من الخبرة والمعرفة بسوق العمل ومتطلباتها، والكثير من المؤهلات المطلوبة يفتقدها الباحثون عن عمل في الإمارات.

بعد مرور أسبوعين، فقد أحمد الأمل بإيجاد ما يصبو إليه كما يقول لـ”هاشتاغ”، مضيفاً أن أمواله بدأت تنفذ، وأصبح عليه القبول بأي عمل، فكله أفضل من شبح العودة إلى نقطة البداية، الذي بدأ يخيم على وضعه ومستقبله.

يقول: “لجأتُ للأصدقاء، لكن الجملة التي كنت أسمعها دائما هل لديك إقامة، لن يشغلك أحد إذا لم تكن تملكها مع أن القانون الإماراتي يفرض على صاحب العمل التكفل بإجراءات الإقامة لأي عامل، إلا أن طالب العمل السوري يلقى معاملة خاصة من أصحاب عمل أغلبيتهم سوريين، إذ لا يبدي أغلبهم استعداداً لدفع مبلغ يقارب ٤ ألاف دولار لعامل لديه، وخاصة أنه بإمكانه الاستعاضة عن هذه التكاليف بتشغيل عامل من جنسيات أخرى بأجر أقل.

يقول (عمار العلي) إنه اشترى الإقامة بمبلغ ١٠ملايين ليرة سورية، ولم يتمكن من الحصول على أجر يتجاوز المليون ونصف المليون ليرة (500 دولار)، ولكنه يرى أن شروط العيش مع توافر الكهرباء والطعام تكفي لكي يرضى ولا يعود.

شركات “الصيد”

نشطت الشركات السياحية في مختلف أشكالها منذ الإعلان عن فتح باب التأشيرة للسوريين وبمبالغ خيالية، فقد وصلت كلفة التأشيرة لشهر واحد إلى ١٥٠٠ دولار، وكان الإقبال عليها كبيرا جدا، مما شجع الكثير من الشركات السياحية الأخرى التي لا تعمل في مجال التأشير للجنسية السورية للانخراط أيضا في هذا العمل لما تحققه من أرباح، حيث تعادل أرباح الفيزا السورية الواحدة خمسة أضعاف تأشيرات لجنسيات أخرى.

ويصف الكثير من السوريين الذين وصلوا إلى الإمارات عمل هذه الشركات مع السوريين بالتصيد، لأن السوري بمثابة الصيد الثمين لهذه الشركات التي كان لها الدور الأكبر بترويج السفر إلى “بلاد الأحلام”، وما إن يصلوا حتى يكتشفون أنهم علقوا بين فكي كماشة البقاء واستحالة العودة.

تحذيرات كثيرة أطلقها ناشطون للقادمين الجدد يحذرونهم بعدم الانجرار وراء أي شائعات يسمعونها داعين إياهم للتعلم من تجارب الغير، بعدما أصبح الطلب كبير جداً على العمل والمتاح قليل، خاصةً مع الشروط المطلوبة من إتقان للغة الإنكليزية الذي يفتقده غالبية السوريين.

تكاليف كبيرة

تصل تكلفة السفرة الواحدة مع الإقامة لمدة ثلاث أشهر في الإمارات ريثما يجد الباحث عن عمل مبتغاه إلى مبلغ يتراوح بين ٥ إلى ١٠ملايين ليرة سورية، وإذا انقضت مدة الزيارة ولم يجد عملا أو لم يقم بشراء الإقامة فسيصبح وجوده مخالفاً، أو أن يقوم الزائر بتجديد تأشيرته بكلفة تصل إلى مليون ليرة ونصف المليون ليرة، وهذا يجعل الغالبية يعيشون حالة تخبط كبيرة ما بين الهروب من جحيم الوضع الاقتصادي في سورية إلى جحيم عدم الاستقرار وصعوبة إيجاد عمل في الإمارات، ما يترك آثاراً نفسية سيئة، خاصةً إذا ترافق هذا الوضع مع حالات نصب واحتيال شاعت كثيراً وفاقمها نقص الخبرة بمعرفة حقوقهم وواجباتهم.

تقول (سارة) مديرة مكتب سياحي بين سورية والإمارات لـ”هاشتاغ” إنهم لا يعِدون أحداً بإيجاد عمل، وأنهم يؤمنون خدمة إصدار تأشيرة وحجز، كما أنهم لا ينصحون أحداً بالسفر من عدمه، مؤكدةً أن معدل إصدار التأشيرات في الشهر يصل ما بين ١٠٠ إلى ١٥٠ تأشيرة ما بين مواطنين يقصدون الإمارات للسياحة أو زيارة عمل.

وأضافت أن بعض المكاتب السياحية التي وصفتها بـ”الجشعة” قد توهم البعض بتأمين العمل لهم، لكن كل هذا غير صحيح.

وعن أسعار التأشيرة قالت سارة إن الأسعار تفاوتت في بداية السماح بإصدار التأشيرات السياحية خلال شهري آب وأيلول الماضيين، حيث كانت تكاليفها عالية جدا، أما اليوم فعادت التأشيرات السياحية إلى سعرها النظامي، لكن بالنسبة للشباب السوري تبقى الأعلى تكلفة، لأن جميع من يتقدمون لطلب الحصول على تأشيرة هم من فئات عمرية صغيرة وليس بمقدورهم تأمين التكاليف.

وبالرغم من هذا الواقع السيء، إلا أن ضيق الحال في سورية يدفع آلاف الشباب للبحث عن فرصة أفضل خارج البلاد، متناسيين أن ما ينتظرهم هو المجهول إذا لم يؤمنوا فرصة العمل قبل السفر.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

Exit mobile version