Site icon هاشتاغ

وهم لصور الحرب

وهم لصور الحرب

وهم لصور الحرب

هاشتاغ-نضال الخضري

سبعة أيام من رقصة الموت فوق غزة تغرق الجميع بأوهام الحرب، وتجعل المسافات الفاصلة بين “الخرافة” والواقع نسيجاً يروي قصصنا المتعبة منذ أن ضاعت أحلامنا، فالخوف الذي يتركه الدمار يحجب التفكير بأي لحظة قادمة، والحرب في النهاية هي اختناق الماضي والحاضر في واقع يبدو “سرمديا”؛ يستمر بنا ويدفعنا للغرق أكثر في أوهامنا أو حتى في لملمة خيالات مريضة نجمعها من نشرات الأخبار، ومن لهجة خطابية تسعى لوضعنا في دائرة الرعب القادم.

في حرب غزة تفوق في تركيب الأوهام التي تبدأ من الغرب، فاكتشاف صورة غير مسبوقة لـ”إسرائيل” ليس جديدا، لكن أن يصبح الحدث خلاصة لدبلوماسية مريضة هو ظاهرة نكتشفها في عجز العالم عن تفسير حرب نعيشها ربما منذ ولادتنا، فعواصم العالم خلقت “أسطورة” جديدة تضيفها لـ”إسرائيل” تغرقنا في دهشة من حالة هستيرية تجعل من السياسة خطاب نفير عام، فلا الصور القادمة من غزة ولا الحشود العسكرية في البحر هي ما يفاجئنا، ولكن أن تصبح “رقصة الموت” فوق غزة جزء من عنتريات العالم الهابط علينا مثل كابوس هو ما يدفعنا للهلع من أوهام أخرى، فنحن من حاصرته الحرب لعقود ورسمت ملامحنا القاسية، أو تصورات “الآخر” عنا بأننا غارقون بأشكال العنف، ونحن أيضا من حاصرتنا الجهات الأربع لترسم حياتنا على إيقاع ما كان يعرف بالصراع العربي – الإسرائيلي، ونراه اليوم صراعا آخر مع عالم يهوي دفع مغامرة الحرب في غزة إلى رسم جديد من الخوف والرعب في عالمنا.

أقرأ المزيد: تلوينات على الجسد السوري

نحن نملك رصيدنا من الوهم الذي تشكل طوال عقود طويلة، وربما يصعب علينا في لحظات الحرب القاسية التمييز بين ما اكتسبناه من الحروب السابقة والأوهام الجديدة التي نتلقفها اليوم عبر سيل المعلومات القادمة إلينا، فهناك “خارطة” علينا رسمها كي نستوعب أن ما يحدث هو أبعد ما يكون عن حرب تحمل نصرا أو هزيمة، فبعيدا عن بدايتها التي حملت الكثير من الرغبة في التحرر من نمطية التفكير بمعاركنا السابقة، فإن ما يحدث هو نحت عميق لتفكيرنا لـ”عالم الأوهام” الذي سيسكننا مستقبلا ويبدأ برؤيتنا لذاتنا، فهناك حشد مواقف خلف “رمزية إسرائيل” التي حلت مكان “قدسية الديمقراطية” التي أغرقتنا في مرحلة الربيع العربي، وهذه الرمزية هي بذاتها جزء من الوهم الذي يزرع بداخلنا كي نصبح لونا قاتما في عالم يضج بالحركة.

أقرأ المزيد: المحتوى العربي

تعلمنا الحرب اليوم أن موازين القوة هي مكان بعيد عن شواطئ المتوسط، وأننا خضنا حروبنا في الماضي على أوهام بأن العالم ربما يسمعنا، لكننا في رقصة الموت التي نشهدها سنحتاج لأكثر من إرادة الحرب، فهناك “عالم قبيح” يتشكل أمامنا ويريدنا أن نبقى في زاوية بعيدة يلفها مشهد رديء، ومساحة لصور نمطية نرسمها عن أنفسنا في لحظات الرعب والقلق والخوف، وعلينا كسر وهم مختلف عن ذاتنا الذي لا يرانا إلا من زاوية واحدة تلخصها “حدود إسرائيل” كخط أحمر علينا البقاء خلفه غارقين في أوهامنا.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام
Exit mobile version