Site icon هاشتاغ

يدا أميركا أوكتا “شرقاً أوسطاً” فأي نفخ لمستقبله؟!

أميركا

يدا أميركا أوكتا "شرقاً أوسطاً" فأي نفخ لمستقبله؟!

هاشتاغ-سامر ضاحي

اتسم الشرق الأوسط تاريخياً بدور قوي لهياكل “الدولة”، وامتلكت العديد من دوله بنى سلطوية مركزية، وغالباً ما خضعت لأنظمة استبدادية لعبت دوراً مهيمناً في الحكم. وسيطرت على الموارد، لكنها بالمقابل حافظت على الاستقرار على المستويين الإقليمي والداخلي، وقدمت الخدمات الأساسية لمواطنيها. وشمل ذلك دولاً مثل السعودية وسوريا وإيران ومصر.

في القرن الحالي، تباين دور بنية الدولة ونفوذها، وازداد التعاطي الخارجي مع حالات غير دولتية, ولعل ذلك كان أحد العوامل المساعدة في الاندلاع الطارئ لـ”الربيع العربي”، وانتقال نماذج الاحتجاج إلى تحدي سلطة “الدولة” برفع المطالبات بالإصلاحات السياسية. وفي بعض الحالات، أدى ذلك إلى تغييرات سياسية كبيرة شملت دور الدولة نفسها، كما في تونس ومصر وليبيا.

أقرأ المزيد: رفض المتوازيات الخطابية لمنع التصعيد

بالإضافة إلى ذلك، أثرت العوامل الاقتصادية أيضاً على دور الدولة. فقد شهدت بلدان كثيرة تحديات اقتصادية مثل معدلات البطالة بين الشباب وعدم المساواة، أدت إلى تآكل شرعية الدول، ونشوء مجتمعات اجتماعية أقل من مستوى “الدولة”.

أما التدخلات والصراعات الخارجية فكان لها التأثير الكبير في تراجع دور هياكل الدولة وضعفها، وصعود جهات فاعلة غير الحكومية أكدت سيطرتها ونفوذها. وكانت الولايات المتحدة الأميركية في مقدمة المؤثرين في هذا المجال، فقد توزعت سياساتها في الإقليم إلى عدة مستويات؛ أولها فراغ السلطة وإضعاف هياكل الدولة كما حصل عندما ساهمت بالإطاحة بالأنظمة في العراق وليبيا. وثانيها تغذية التوترات الطائفية والاجتماعية المتزايدة. خاصة عقب غزو أفغانستان 2001 والعراق في 2003 مما أدى إلى زيادة العنف والتشرذم. وثالثها دعم الفاعلين الجدد في الصراعات الداخلية، كما فعلت وتفعل في الحربين السورية واليمنية، بدعم مجموعات متمردة مختلفة مباشرة أو بشكل غير مباشر.

أقرأ المزيد: طوفان الأقصى يفتقد بدر دمشق

نتائج السياسات الأميركية على “الدولة” الشرق أوسطية برزت في ظهور قوى متنافسة على السيطرة بعد انهيار الحكم أولاً، وخلق مساحات للجهات الفاعلة غير الرسمية لملء الفراغ، مثل تنظيم القاعدة الإرهابي ثانياً. وتمكين الجهات غير الفاعلة، وأحياناً على حساب سلطة الدولة ثالثاً. أما رابعاً فقد أدت إلى انقسامات على مستوى التصورات وردود الأفعال ضمن الدولة، إذ نظر بعض السكان إلى الإجراءات الأمريكية بشكل إيجابي، بينما انتقدها آخرون أو عارضوها. وهو ما شكل الدعم السردي لهياكل بعض الدول أو للجهات الفاعلة غير الحكومية في بعضها الآخر.

المشكلة الأكبر أن القوى الدولية الأخرى بما فيها روسيا والصين باتت اليوم مضطرة للتعامل مع القوى التي أفرزتها السياسات الاميركية في ساساتها الشرق أوسطية. لذلك إن أي صياغة لمستقبل مستقر للشرق الأوسط اليوم، تتطلب تفعيلاً ودعماً للدول، بما في ذلك المناهضة للسياسات الأميركية، على أن تبقى الأشكال الهيكلية والشرعية رهن العقود الاجتماعية مع الشعوب. أو الانتقال إلى شرق أوسط جديد بالمطلق بعد شرعنة البنى غير الدولتية.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

Exit mobile version