Site icon هاشتاغ

1 من أصل 4 ينامون كل ليلة ليس لديهم ما يكفي من الغذاء

سورية تأتي في المرتبة الرابعة من بين الاقتصادات الأكثر عرضة للارتفاع المستمر في أسعار المواد الغذائية، مما يزيد من خطر حدوث أزمة إنسانية واسعة

هاشتاغ سوريا- رشا سيروب

الشعور بالجوع يعني أكثر من مجرد فقدان وجبة، إنها أزمة موهنة، الجوع هو دورة محفوفة بالمخاطر تنتقل من جيل إلى الجيل التالي، العائلات التي تعاني من الجوع وسوء التغذية المزمنين باستمرار لا تحصل على العناصر الغذائية التي تحتاجها عقولهم وأجسادهم، مما يمنعهم بعد ذلك من أداء أفضل ما لديهم في العمل أو المدرسة أو تحسين حياتهم.

28,7% من السوريين غير آمنين غذائياً- هذا ما أظهره المسح الديمغرافي الاجتماعي المتكامل المتعدد الأغراض لعام 2017- أي أن 1 من أصل 4 ينامون كل ليلة ليس لديهم ما يكفي من الغذاء الذي يحتاجونه ليعيشوا حياة نشطة وصحية، ويقصد بالأمن الغذائي توفر السلع بشكل مستمر وأسعار مناسبة للمستهلك، ويعتبر الأمن الغذائي قد تحققّ فعلاً عندما يكون الفرد لا يخشى الجوع أو لا يتعرض له، ووفقاً لهذا المقياس فإن 65,8% (28,7% غير آمنين + 38,1% معرضين لانعدام الأمن الغذائي) غير الآمنين غذائياً في سورية أي أكثر من 10 مليون شخص. هذا واقع الحال قبل أزمة كورونا، وما عايشناه في الشهرين الأخيرين من ارتفاع مستمر في أسعار الغذاء وتعطل مئات الآلاف عن العمل مع غياب سياسات حمائية جادّة يشير إلى واقع مأساوي خطير، وأن الوضع العام للأمن الغذائي آخذٌ في التدهور، خاصة للفئات الأكثر فقراً وهشاشةً.

وفقاً لمؤشر Nomura للضعف الغذائي (NFVI) الصادر في شباط 2020 فإن سورية تأتي في المرتبة الرابعة من بين الاقتصادات الأكثر عرضة للارتفاع المستمر في أسعار المواد الغذائية، ويشير ذلك إلى أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية يزيد من خطر حدوث أزمة إنسانية واسعة؛ وتشير تقديرات برنامج الأغذية العالمي إلى أن 11.1 مليون شخص في سورية يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية، وأن 7.9 مليون شخص يعانون انعدام الأمن الغذائي المزمن.

ينبغي إيجاد طريقة لتحقيق التوازن بين المخاطر التي يفرضها الفيروس والمخاطر التي تهدد سبل العيش، لكن في المقام الأول من الأهمية، يتعين العمل على تلبية حاجات الأسر من خلال ضمان استمرار التوريدات والإمدادات الغذائية. خلافاً لذلك، ستكون العواقب الجانبية المترتبة على الوقاية أسوأ من المرض ذاته.

تحديات تتعلق بالأمن الغذائي:

إن جائحة كوفيد-19 تفرض على سورية أربع تحديات رئيسية تتعلق بالأمن الغذائي:

أولاً- الدخل المتاح للأسر أقل من أن يسمح لها بشراء الغذاء الذي تحتاجه لتعزيز المناعة، فقد تدهور وسطي دخل الفرد، وتراجعت التحويلات من الخارج بشدة، واضطرت الكثير من الأسر إلى تقليل عدد وجباتها اليومية، وإلى بيع مدخراتها وأصولها لتأمين موارد مالية تساعدها على تحمل الضغط الاقتصادي.

ثانياً، تهريب المواد الغذائية خارج سورية التي ساهمت – إلى جانب عوامل أخرى- في شح هذه المواد داخل سورية وارتفاع أسعارها، إذ تستفيد دول الجوار من انخفاض أسعار السلع المحلية نتيجة الانخفاض الحاد في سعر صرف الليرة السورية.

ثالثاً- ارتفاع تكلفة الحصول على الغذاء، وفقاً لتقرير المسح الديمغرافي استحوذ الإنفاق على الغذاء على نحو 58,7% من إجمالي الإنفاق، اليوم بات ينفق كامل الدخل تقريباً على السلع الأساسية الغذائية (فضلاً عن الاستدانة)، فقد ارتفعت الأسعار أكثر من 200% خلال شهر واحد، ويعود ذلك إضافة إلى ظروف الحرب، إلى عوامل داخلية ترتبط باحتكار السلع والمواد التموينية وانخفاض سعر الصرف غير الرسمي، وضعف الرقابة على الأسعار؛ فرغم إغلاق المطاعم وانخفاض طلبها على السلع الغذائية، لماذا لم ينعكس على زيادة في المعروض السلعي؟!!

رابعاً- تكرار حوادث حرق محاصيل القمح وكان آخرها التعدّي الأميركي على الأراضي السورية وحرق آلاف الدونمات من حقول القمح والشعير في شمال شرق سورية.

نظراً لهذه التحديات، ينبغي للحكومات أن تعمل على وضع إجراءات تحفز فيها التحويلات النقدية، وتوفير قنوات توزيع الغذاء الآمن لضمان حماية المواطنين الضعفاء. ومن الأهمية بمكان أن يركز صناع السياسات على إضعاف الاحتكارات حتى يتسنى وصول المواد الغذائية بسلاسة وبأسعار معقولة إلى المواطنين.

إجراءات حماية الفقراء وضمان أمنهم الغذائي:

بناء عليه، نحتاج إلى أربعة أنماط من الإجراءات لضمان حماية الفقراء وأمنهم الغذائي:

زيادة التمويل لتدابير الإغاثة الغذائية والحماية الاجتماعية. ويجب أن يأتي هذا الدعم بسرعة، لأن الفاتورة النهائية ستزداد ضخامة مع انتشار الفقر والجوع وتقويض قدرة الأنظمة الزراعية على الاستمرار.
الاستثمار في الزراعة وتكوين احتياطيات غذائية استراتيجية من أجل تعزيز قدرة الاقتصاد السوري على الصمود ويحد من الاعتماد على الواردات من الأغذية.
تحفيز القطاع الخاص وتوجيهه للاستثمار في التصنيع الزراعي والتكنولوجيا الزراعية والفرص الاستثمارية التي تنشأ نتيجة للجائحة، وخاصة لحلول سلاسل القيمة المبتكرة. وتشمل الأولويات دعم التجارة الإلكترونية.
وعلى الرغم من ضخامة التحديات، فإن حلها ممكن من خلال الشراكات بين الحكومة والقطاع الخاص والمصارف والمنظمات غير الحكومية. لكن تنفيذ هذه الحلول يجب أن يبدأ فوراً إذا كان لنا أن نتمكن من منع اندلاع أزمة غذائية كارثية في سورية.

Exit mobile version