Site icon هاشتاغ

4.6 تريلون ليرة تنتظر “سياسة حقيقية”

أيهم أسد

4.6 تريلون ليرة تنتظر "سياسة حقيقية"

هاشتاغ – أيهم أسد

تشير البيانات النقدية الحديثة لمصرف سورية المركزي إلى وجود فائض نقدي كبير جداً لدى المصارف الخاصة السورية (التقليدية والإسلامية ومصارف التمويل الأصغر)، ذلك المورد النقدي المهم جداً للاقتصاد لكنه غير المفعل كما يجب من قبل تلك المصارف، والذي لا يعرف أحد حتى الآن ما هي الأسباب الحقيقية التي تقف وراء عدم استثماره في الاقتصاد الحقيقي.

وبالنظر إلى الأرقام المعلنة من قبل مصرف سورية المركزي حتى شهر حزيران من عام 2023 نجد أن قيمة الودائع لدى القطاع المصرفي الخاص وصلت إلى حوالي (9.9) تريلون ليرة في حين أن التسهيلات بأنواعها كافة المقدمة من قبل ذلك القطاع وصلت إلى حوالي (5.3) تريلون ليرة، وبالتالي فإن حجم الفائض النقدي غير الموظف لدى القطاع المصرفي الخاص يصل إلى حوالي (4.6) تريلون ليرة.

أقرأ المزيد: الاقتصاد الجندري ونوبل 2023

ويشير التطور التاريخي لبيانات الودائع لدى القطاع المصرفي الخاص أن تلك الودائع كانت في عام 2016 حوالي (859) مليار ليرة ومن ثم تطورت بالتدريج لتصل إلى حوالي (9.9) تريلون ليرة، أي أنها زادت بحوالي (9.1) تريلون ليرة خلال سبع سنوات فقط.

كما تشير تركيبة الودائع في القطاع المصرفي الخاص إلى زيادة ودائع الأفراد من حوالي (500) مليار ليرة عام 2016 إلى (2) تريلون ليرة عام 2021، وزيادة ودائع القطاع الخاص المقيم من (788) مليار إلى حوالي (4.3) تريلون ليرة.

أقرأ المزيد: يعرفون ويطالبون.. هذه سياستهم

وعند متابعة تركيبة التسهيلات المصرفية التي قدمتها المصارف الخاصة خلال سنوات (2016 – 2023) نجد أنه ما بين (50% – 65%) منها هي تسهيلات موجهة لتمويل تجارة الجملة والمفرق في حين لم يحصل القطاع الزراعي مثلاً على أكثر من (1%) من تلك التسهيلات طيلة الفترة السابقة ذاتها، ولن أدخل هنا في تحليل تفصيلي لتركيبة التسهيلات.

ما الذي يمكن ملاحظته من تلك الأرقام؟

أولاً: هناك كتلة مالية بالليرة السورية كبيرة جداً في حوزة الأفراد والقطاع الخاص وهذه الكتلة لا تذهب للاستثمار بل للادخار، والاقتصاد اليوم بحاجة إلى الاستثمار أكثر مما هو بحاجة إلى الإدخار.

ثانياً: هناك آلية تمويلية لدى القطاع الخاص المصرفي تدعم قطاع التجارة، وبالتالي فهي تدعم الدورة التبادلية ولا تدعم الدورة الإنتاجية المباشرة، والاقتصاد اليوم بحاجة إلى الإنتاج المادي أكثر من الحركة التجارية.

ثالثاً: لا يوجد توجه من قبل القطاع الخاص المصرفي لدعم قطاع الزراعة والاقتصاد اليوم بحاجة إلى دعم وتمويل قطاع الزراعة بكل الطرق.

رابعاً: يبدو أنه لا يوجد سياسة اقتصادية تشاركية محددة المعالم بين الحكومة والقطاع المصرفي الخاص لدعم توجه تنموي تقوده أموال تلك المصارف من أجل حل جزء من المشكلات التنموية في الاقتصاد وتغيير حياة البشر.

خامساً: الاقتصاد السوري اليوم بحاجة إلى بإعادة إعمار شاملة لكل قطاعاته فلماذا لا يتحول القطاع المصرفي الخاص إلى شريك حقيقي فيتلك العملية.

سادساً: إذا كان القطاع المصرفي الخاص لا يستطيع تفعيل ذلك الفائض النقدي بسبب التشريعات النقدية أو الاستثمارية أو بسبب ضعف السياسة النقدية، فعلى الحكومة التجاوب فوراً مع ذلك الوضع وإعادة النظر بالتشريعات النقدية والاستثمارية الداعمة لتفعيل تحريك الكتلة النقدية المجمدة والمتنامية لدى القطاع الخاص المصرفي أو تطوير السياسة النقدية من أجل تحريك ذلك الفائض.

أخيراً: يبدو أن مفاتيح الحل متوفرة ولكن اليد التي تدير المفتاح معطلة.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام
Exit mobile version